صراع مع العلوم

> حسام سلطان:

> هناك ثلاثة أوقات في كل عام نتذكر فيها نحن معاشر المسلمين بخشوع وتجلي أننا في حالة عداء جذري مع العلوم والتكنولوجيا، وأن الموضوع ومافيه هو مجرد هدنة نستفيد منها من شتى أنواع الاختراعات والاكتشافات والتقنيات، حتى تحين ساعة الحسم، ونقوم باستخدام نفس تلك الاختراعات والاكتشافات لضرب معاقل العلوم التطبيقية في مقتل لتخليص الإنسانية من فتنة العلوم وشرورها التي ألهت البشرية كثيراً وأفسدتهم، فكما قال أحد أقطاب جاهلية القرن الواحد والعشرين في إحدى محاضراته غير القيمة إنما العلم: " قال الله.. قال الرسول-صلى الله عليه- ".
القرآن واضح وصريح حين ذكر في موضعين (سورة يونس آية ٥ و سورة الإسراء آية ١٢) إن الشمس والقمر والليل والنهار جعلا لمعرفة عدد السنين و (الحساب)، يعني أن حركة الكواكب ومنازلها والمواقيت خاضعة لعمليات حسابية دقيقة دُعينا لمعرفتها، ومع ذلك يصر السادة العلماء أن موضوع تحديد بدايات الشهور القمرية لايكون إلا بالرؤية بالعين المجردة في تجاهل واضح لأي محاولة للفهم أو تطوير الفهم قليلاً.
سبب هذا الإشكال واضح وهو خضوع العقل والفهم، بل وحتى النصوص المقدسة للفقه الإسلامي ولآراء السادة العلماء والفقهاء الذين أصبح غالبيتهم العظمى من سكان القبور منذ مئات السنين.
موضوع عدم معرفة متى سيكون رمضان، لنقل بعد عام من الآن أو بعد عامين يلغي فعالية استخدام التقويم الهجري لأي شيء مستقبلي مفيد و ذو قيمة ويصبح التقويم الهجري فلكولوري بدائي بحت، فلا أحد يستطيع أن يجزم متى سيكون الرابع من شوال مثلاً عام ١٤٤٠ أو متى سيكون العاشر من صفر بعد عام من الآن، بل حتى التقويمات الأخرى مثل التقويم الصيني (القمري) أصبح محسوباً لعشرين سنة قادمة ونحن مازلنا في انتظار الشهود العدول بنواظيرهم للتأكد إذا ماكان غداً رمضان أو شعبان.
لازالت قيود الفقه وتفسيرات سلفنا الصالح تحكم عقلياتنا، كيف لا وقد ذهبوا بالخير كله من كثرة الصيام والقيام والبكاء والورع.
في اللغة العربية الرؤية قد تكون والعين مغلقة مثل الأحلام "هذا تأويل رؤياي من قبل" وقد تكون رؤية رمزية روحية " ألم تر أن الله يسجد له من في السموات و من في الأرض" أو حتى رؤية بالسمع " ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة" يعني الرؤيا ليست بالضرورة بالعين المجردة وإلا لكان استخدام النواظير أيضاً ممنوع شرعاً، ولن استغرب حقيقة إذا كانت هناك آراء بذلك.
الأمة الإسلامية ليست أمة واحدة، ولن تكون أمة واحدة طالما بقى أقطاب الجاهلية في صدارة شرح وتفسير وتطبيق النصوص المقدسة، رؤية الهلال بالعين المجردة كانت وسيلة الآباء والأجداد فأصبحت هي غايتنا، وهكذا فعلنا مع كثير من الوسائل أخضعناها بقوة الجهل، وصيّرناها إلى غايات، أما العقل فمكانه الوحيد هو المواءمة بين أقوال السلف وتفسيراتهم، وبين متطلبات وتحديات عصرنا لايهم فالدنيا سجن المؤمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى