مدينة جعار في أبين.. أشهر من التصحر والجفاف

> استطلاع / عصام علي محمد:

> تبرز معاناة المواطنون في أبين عامة وفي مديرية خنفر على وجه الخصوص، بضروريات العيش كالغذاء والماء ومشقة البحث عن مياه الشرب مثلا، وهي معاناة ترتفع حد الأشغال الشاقة المتكررة يوميا ويشترك فيه كل مواطني المدينة بعذاب يومي، بعد تحويل ينابيع المياه إلى ري مزارع الموز والمانجو بدلا عن منازل المواطنين.
ومياه الشرب تعد حاليا هي أبرز مطالب نحو عشرين ألف نسمة وهم عدد سكان مدينة جعار في أبين، حيث يؤكد أهالي المدينة ان المياه التي كانت تغذي محافظة عدن والعاصمة زنجبار تم تحويلها مباشرة إلى المزارع والبساتين الخاصة، وبعلم من المؤسسة العامة للمياه في مديرية خنفر بالمحافظة، إلى درجةٍ أصبح فيها المواطنون يطلقون على هذه تجاوزات المؤسسة بصفة (سماسرة الماء)، ولتسليط الضوء أكثر عن المعاناة المتفاقمة لدى سكان مدينة جعار.
بلغ به الحال إلى هذا الحد من أجل الحصول على مياه للشرب
بلغ به الحال إلى هذا الحد من أجل الحصول على مياه للشرب
* روي المزارع وقطعها عن المساكن
التقينا بعاقل منطقة حافة (قدر الله) بجعار سعد ناصر جابر، حيث أوضح أن مشكلة المياه تعد مشكلة رئيسة باتت تؤرق أبناء المنطقة، قائلا: "لقد حرمنا من المياه منذ مدة طويلة، وعندما نطالب الجهات الرسمية بتوفيرها، فإنها تطالبنا بتوفير مادة الديزل للمولدات حتى يتم ضخ الماء لنا".
ويوضح جابر أن "نتيجة ما يعانيه الأهالي من حرمان للمياه لجأوا إلى حلول فردية كالحفر في الطرقات وبعمق للبحث عن الشبكة الرئيسة والربط العشوائي منها مباشرة، للحصول على لترات من المياه، وكثير من الأهالي أصبح مصدرهم الوحيد في الحصول على الماء مسجد (السلام) الذي بات يتزاحم عليه كثير من أبناء المنطقة، نساء وأطفال، الذين نشاهدهم يدفعون الجواري حاملين دبابهم صوب بوابة المسجد، وحمل جابر هذه الأزمة إدارة مؤسسة المياه التي لم تقم بواجبها فقط أنها تقوم بإجبار المواطنين على توفير مادة الديزل، حد قوله، في الوقت الذي تقوم فيه بتوزيع المياه، إلى مزارع الموز بمقابل مبالغ مالية.
طفلة تقوم بتعبئة قنينة مياه للشرب
طفلة تقوم بتعبئة قنينة مياه للشرب
* تصفيات سياسية وتصرفات مزاجية
بدوره أوضح عضو مجلس أهلي بالمنطقة سالم عوض علي قائلا: "الجهات المعنية في المنطقة لا تتفاعل من القضايا الأساسية العامة إلا إذا لجأ البعض بافتعال المشاكل والفوضى، فمنذ شهرين خرجنا في مسيرة وفي اليوم التالي وفروا لنا الماء، وهذا يعني أن مسألة الانقطاعات المستمرة تتم بطريقة مزاجية".
ويلفت بكلامه إلى أن "حرمان الأهالي من المياه يعود إلى تصفيات سياسية – حد تعبيره- حيث أن أبناء المنطقة دائماً ما يتهمون بالاشتراكية، وفي حال طالبوا الجهات الإيفاء بمسؤولياتها والتخفيف عن حدة معاناتهم لا يجدوا غير حجج ومراوغات من قبل مسؤولي المؤسسة" حد قوله.
ويواصل عضو المجلس "أنه أثناء فترة تواجد ما كان يسمى بـ(أنصار الشريعة) شهدت المنطقة استمرار تدفق المياه إلى منازل المواطنين وهو ما تسبب في تساقط عدد من المنازل التي خلت من ساكنيها بسسب نزوحهم إلى عدن هربا من المعارك" ويختتم قائلا: "اليوم الدولة تعجز عن توفير المياه رغم ما تملكه من إمكانيات".
المدينة على موعد مع الطوفان
يشير المواطن باجابر إلى "أن المرحلة التي سيطرت فيها أنصار الشريعة على المدينة قامت بمنع توزيع المياه إلى مزارع الموز، وهددت مسئول التوزيع بالقتل والصلب حال تم التلاعب بالمياه" لكن سالم عوض يقاطعه قائلا "القادم هو طوفان على السلطة وعلى إدارة المياه بالمحافظة، ونحن نخلي مسؤوليتنا من القادم الذي سيكون كارثيا والسبب إدارة المياه لانها متقاعسة عن عملها".
معاناة اهالي جعار ابين مع المياه
معاناة اهالي جعار ابين مع المياه
* وفيات نتيجة إحضار المياه
يعود السبب الرئيس في معاناة المواطنين مع المياه إلى التوزيع غير العادل، حيث يتم تفضيل المزارع على حساب تغذية المنازل، هذا ما أوضحه المواطن أكرم مرعي، الذي قال: "هذه العملية تتم بعلم إدارة المياه التي تستلم مبالغ مالية من أصحاب المزارع مقابل تزويدهم بالمياه".
ويضيف: "بعض شباب يتعرضون للخطر يفقد بعضهم حياته في سبيل الحصول على المياه وتوفيرها لأسرهم، كما حدث مع شابين أحدهم فقد حياته أثناء تشغيله لشفاط المياه، وآخر توفي أمام أطفاله نتيجة ماس كهربائي وهو يحاول جر المياه بواسط (دينما الشفاط)".
* فساد الإدارة سبب الانقطاع
الشيخ عوض علي الظبي أمام مسجد (السلام) قال: "حاولنا المساهمة بالتخفيف من معاناة الناس وقمنا بتوزيع المياه على جهتين، جهة خاصة بالأطفال والنساء، والأخرى للشباب والرجال".
ويواصل كلامه: "لقد ووزعنا مياه بئر المسجد بين حاجيات المسجد وبين متطلبات الناس الحياتية، كحل مؤقت لهذه المشكلة التي أصبح يعاني منها المواطنون منذ عام 2010م".
واعتبر الشيخ أن "بئر المسجد ليست حلاً للمشكلة لانها خاصة بالمسجد، وإنما الحل الأنسب يتمثل بضم الآبار الموجودة بالكهروحرارية لكونها لا تنطفي، وبهذا يضمن تشغيلها طوال اليوم، مشيرا إلى أن مشكلة أزمة المياه تتحملها بدرجة أساسية إدارة المياه، التي قد تجعل الأمور تتفاقم إلى مستوى التصعيد ضدها في المرحلة القادمة بعد أن أصبحت المياه مشكلة حقيقية لأبناء المنطقة، وبسبب بيعها لأصحاب المزارع والبساتين".
هكذا تبدو المشاهد اليومية لمواطني جعار
هكذا تبدو المشاهد اليومية لمواطني جعار
* دفع الفواتير مقابل المياه
المواطن أسامة صالح علي رئيس المجلس الأهلي وصف هذه المعاناة بالكارثة الإنسانية، موضحا بقوله: "لدينا تعليمات صريحة وواضحة من السلطة المحلية في المديرية والمحافظة بفتح الماء، بعد أن تعهدنا بتحصيل فواتير الاستهلاك، الأمر الذي قوبل بعدم القبول من قبل مدير المياه الذي طالب بدفع الفلوس مسبقاً، وهو ما زاد من معاناة المواطنين".
أما أنيس القرشي فيعتبر ما يعانيه أبناء جعار وكل سكان مديرية خنفر، بأنه عقاب جماعي، مبدياً بعض الحلول الضاغطة لإجبار الجهات المعنية بتوفير المياه للمواطنين، قائلا: "الحل المناسب للحصول على مياه الشرب هو الخروج بمسيرات شعبية يطالب فيها الأهالي بتغير المدير، ثم يعقبها التصعيد وصولاً إلى قطع جميع الخطوط المغذية للمياه.
واعتبر أمين، أن المشكلة ليست بعدم دفع الفواتير، وإنما تكمن في مدير المؤسسة.
وأضاف: "الناس هنا باتوا يعانون كثيراً سيما في هذا الصيف الحار والصيام وسط حرارة مكفهرة وساخنة جدا، ليزيد مدير المؤسسة من معاناة المواطنين بقطعها عنهم تحت ذريعة أن المواطنين لم يسددوا الفواتير في الوقت الذي لو تم فيه استطلاع فواتير المسؤولين في المحافظة لوجدنا أن هناك مبالغ خيالية تقدر بالملايين عالقة في ذمتهم بسبب امتناعهم عن تسديد فواتير استهلاكهم.
ويختتم المواطن أكرم مرعي أحد شباب المنطقة، قائلا: " إن الذين يتحملون مشقة عناء البحث عن المياه لإيصالهم إلى ذويهم، هم أطفال لا تزيد أعمارهم عن خمس سنوات، حيث تجدهم يحملون دبب المياه على ظهورهم، لاسيما عند أوقات الظهيرة التي تلفها الشمس الحارقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى