قصة ناقة صالح

> عداد: حسن حمود:

> موقع القصة في القرآن الكريم: ورد ذكر القصة في مواضع عدة فى سور الأعراف - الحجر - النمل - السجدة -إبراهيم - الاسراء - القمر - براءة -الفرقان - سورة ص - سورة ق - النجم - والفجر - الشعراء ومنها قوله تعالى في سورة هود:
“وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ، قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ، قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ، فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ، وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ، فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِثَمُودَ”.
** القصة **
ثمود هي قبيلة مشهورة، باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن ارم بن سام بن نوح.
وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وقد مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين، وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك.
فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله: صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً. فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال، وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
وكثيراً ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود، كما في سورة براءة وإبراهيم والفرقان، وسورة ص، وسورة ق، والنجم، والفجر.
ويقال أن هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة. ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما، كما قال تعالى في سورة إبراهيم:
{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الآية. الظاهر أن هذا من تمام كلام موسى مع قومه، ولكن لما كان هاتان الأمتان من العرب لم يضبطوا خبرهما جيداً، ولا اعتنوا بحفظه، وإن كان خبرهما كان مشهوراً في زمان موسى عليه السلام. والمقصود الآن ذكر قصتهم وما كان من أمرهم، وكيف نجى الله نبيه صالحاً عليه السلام ومن آمن به، وكيف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرهم وعتوهم، ومخالفتهم رسولهم عليه السلام.
وقد قدمنا أنهم كانوا عرباً، وكانوا بعد عاد ولم يعتبروا بما كان من أمرهم. ولهذا قال لهم نبيهم عليه السلام: “اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ” أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان من أمرهم، وتعملوا بخلاف عملهم. وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور، “وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} أي حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها. فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح، والعبادة له وحده لا شريك له، وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته، فإن عاقبة ذلك وخيمة.
وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله، وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم، فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة هناك - ناقة، من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء، طويلة، من صفتها كذا وكذا، فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم، على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك.
ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا.
فلما عاينوها كذلك، رأوا أمراً عظيماً، ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم. ولهذا قال: {فَظَلَمُوا بِهَا} أي جحدوا بها، ولم يتبعوا الحق بسببها، أي أكثرهم، ولهذا قال لهم صالح عليه السلام: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} أضافها لله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم، كقوله بيت الله وعبد الله {لَكُمْ آيَةً} أي دليلاً على صدق ما جئتكم به {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}.
فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يوماً بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم. ويقال أنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.
ولهذا قال تعالى: {إنا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبار لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون. {فَارْتَقِبْهُمْ} أي انتظر ما يكون من أمرهم {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية. {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}. يتبع..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى