من هنا تم حصار صنعاء !

> مصطفى حسان

> إذا كنت أنت حريصا على السلم، فأنا حريص على الحرب”. بهذه الكلمات يمكننا أن نلخص المشهد اليمني، وهذه العبارة لا يمكن لصاحبها أن يعبر عنها ضمنيا وواقعياً إلا وهو واثق بوجود دولة رخوة ورئيس يذكرنا بمحمود عباس!.
دعونا نقرأ المشهد ونحاول وصل النقاط ببعضها، لإيجاد مصفوفة واضحة من العوامل التي لولاها لما أصبح الحوثي على تخوم صنعاء.
لن نتكلم عن هوس الرجل وعشقه لشاشة (المسيرة)، وتتبعه لخطوات زعيم حزب الله في لبنان، ولا لتكلمه باسم الشعب الذي قتل من أبنائه أكثر من 60 ألف جندي في ستة حروب و400 جندي قبل شهر في اللواء 310، ناهيك عن تهجير أهالي دماج وأخيراَ عمران، وحروبه الطاحنة ضد الأمريكان في الجوف!.
كذلك لن نتكلم عن فقدانه لأي برتوكول أو دبلوماسية أثناء استقبال اللجنة الرئاسية، وكان ينقص فقط أن يجردهم من ملابسهم!.
نحن أمام ظاهرة خطيرة، استفادت من وجود أحزاب هشة، النقاط التي يختلفون فيها أكثر من نقاط اجتماعهم، أعني هنا اللقاء المشترك.
ورئيس لم تعد له شخصية معينة، إذ إنها ذابت بشخصية القرار الخارجي!.
من يتابع تناقض الرئيس هادي وتصريحاته يدرك تماماً أن الرجل بات لا يعلم ماذا فعل بالأمس!.
بعد زيارته المفاجئة لعمران صرح بأنها عادت إلى الدولة والجمهورية، ثم بعدها يطالب الحوثي بالانسحاب منها!.
هذا غير أنباء تحدثت حينها أنه طلب قبل الزيارة من جماعة الحوثي أن تسلم النقاط على الطريق للحرس الخاص، وبعد مغادرته لعمران سيعيدها لهم!.
إذا نحن أما فراغ رئاسي، وتسول قرارات من الخارج، وهذا الأمر حلم أية جماعة مسلحة لفرض واقعها بقوة السلاح لا بقوة القانون.
دعونا نعود قليلاً إلى الوراء لنفهم من أين أُكل فخذ الجمهورية.
عندما تتنازل عن جزء من الأرض يدرك العدو أن بمقدوره ابتلاع ما تبقى، لأنه اكتشف أنك تعني بالوطن شارعا معينا!.
كان بمقدور الرئيس هادي أن يتجنب السيناريو الحالي، وينجو من المهزلة التي يفرضها الحوثي، ويثبت أن الدولة قوية وليست رخوة، وللعلم فإن مسلسل سقوط الدولة بدأ من منطقة لا تتجاوز كيلومترين، وهي دماج، وإن حصار صنعاء اليوم لم يكن إلا امتدادا لحصار هذه القرية.
غابت الدولة هناك ومن الصعب أن تحضر اليوم هنا!. تخلى الرئيس هادي عن مسئوليته كرئيس لكل الوطن، فاكتفى بتشكيل لجان وساطة لم تفعل شيئاً سوى أنها أنفقت الأموال ذهابا وإيابا، فالدولة ليست معنية بالطرف الذي لا يلتزم بالاتفاقيات، وتهرب من المواجهة مع علمها بالطرف المعرقل.
في ذلك الوقت قال لي صديق كان مع اللجنة الرئاسية إن الرئيس طالب اللجنة بألا تصرح بالجهة المعرقلة التي كانت تخرق الهدنة باستمرار، لأن ذلك سيتطلب من الدولة القيام بعملها والمواجهة العسكرية مع جماعة الحوثي، وهذا لم يكن يفضله الرئيس آنذاك.
لكن في المقابل حرك الرئيس هادي الجيش ونقل المعدات العسكرية إلى الجنوب لمواجهة تنظيم القاعدة، واستغرب حينها
الكثيرون وأرادوا تعريفا واضحا من الرئيس هادي عن خارطة الوطن، هل الوطن الموجود بصعدة ودماج هو ذاته الموجود بشبوة وأبين؟!.
الكثير أدرك حينها أن القرار الخارجي هو من يحدد الوطن وأين يجب أن يقاتل هادي عن الوطن وأين يمتنع؟.
ما الذي نتج عن سقوط جزء من الوطن بأيدي جماعة الحوثي وتهجير أهلها؟. بالطبع نتج الكثير من الأشياء، ارتفعت شهية الحوثي للتمدد، وكشف عورة الدولة، ومدى ارتخاء أعصابها للخارج.
فسقطت عمران، وقتل أكثر من 400 جندي مع قائد اللواء 310، ونهبت معدات عسكرية من اللواء، وانتقل الصراع إلى محافظة الجوف، بالإضافة إلى خنق العاصمة صنعاء اليوم وانتشار مسلحي الحوثي على المنافذ وبجوار وزارات حساسة.
كل هذا حدث لأن جماعة الحوثي عندما اعتدت وحاصرت جزءا من الوطن لم تجد دولة تصدها، بل وجدت فرعا لدولة (أبو مازن)، مفاوضات ولجانا ووساطات، دولة تهرب من المواجهة، وتخشى أن تكون دولة!.
"مصطفى حسان"
وهنا دعونا نسرد مجموعة من النقاط التي رسمت المشهد اليوم:
1 - التدليل الزائد من قبل الدولة لجماعة الحوثي، بداية بإعطائها مقاعد أكبر من حجمها في مؤتمر الحوار.
2 - تنازل الدولة عن واجباتها أمام جزء من شعبها، وعدم حمايتهم بداية من دماج.
3 - تحول الجيش من جيش وطني لحماية المواطنين إلى حزب سياسي يتخذ سياسة الحياد في أداء مهامه!.
4 - تأثير القرار الخارجي على القرار الرئاسي، واعتقاد الرئيس هادي أنه يلعب لعبة ذكية لضرب الأطراف مع بعضها، وعدم إدراكه أنه يساعد وحشا على الظهور.
5 - تحويل دور الدولة من دولة قانون إلى دولة لإنتاج المزيد من اللجان الرئاسية، كإسقاط واجب وليس لمعرفة المعرقل وتأديبه.
6 - ضعف أجهزة الدولة على مداخل العاصمة التي سمحت لتسلل السلاح إلى العاصمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى