القاضي الأبيض في الزمن الأسود.. وداعا !

> يكتبه: نعمان الحكيم

> رحمة الله عليك أيها القاضي المحترم محمد حمود الأبيض، رحمة الله عليك يا صاحب القلب الأخضر والوجه الباش والابتسامة الجميلة، رحمة الله تغشاك وقد غادرتنا إلى الدار الآخرة دار البقاء، ويكفيك أنك قد لحقت بعميد الفرقة هشام باشراحيل رحمة الله عليه، وقد كنت له خير معين في محنته، محنتنا نحن المثقفين والكتاب والصحافيين، وها أنت قد لحقت بالرجل الطيب. فيا للأقدار التي تختار الأصفياء الأنقياء!.
وكنت أنت من جازف بالسماح للعميد هشام بالسفر للعلاج، وكسرت جبروت السلطة وقهرتها بفعلتك تلك، والآن عرفنا قلبك الأخضر وروحك السمحة بهذا الموقف، عندما كنت أنت نفسك واقعا فريسة للمرض القاهر، لذلك سموت وكبرت وذهبت مذهب الأوفياء، ورحمك الله بما تبقى لك من عمر رأفة بل مثلما كانت رحمته ورأفته بهشام الخالد، واختاره الله إلى جواره رحلة شهادة مؤكدة، وأنت والله كذلك.
رحلت شهيداً وليس فقيداً، فكلاكما ذهب للعلاج وكنتما خارج أرضكما وأهلكما وناسكما وتلك من أسمى مراتب الشهادة عند الله، ونحن نودعك بألم نستذكر مواقفك التي كنت فيها مع «الأيام» والمؤسسة ورجالها خير من حول القضية إلى سياسية وكيدية، وقد لمسنا منك المواقف الخيَّرة وأنت تطالب النيابة بدليل، حتى أن شهود الإثبات أصبحوا شهود نفي بفضل قدرتك على المران والمراس القضائي الذي جعل أهل عدن والعدنيين وغيرهم يشهدون لك بكونك الرجل الأبيض في الزمن الأسود، كناية عن لؤم السلطة وجبروتها وحقارة تسميتها المزيفة المقيتة.
رحلت يا أبيض القلب واللسان، وكنت تقول لنا ونحن نهاتفك في أكثر الجلسات التي فاقت الـ(70) جلسة: “أقدر أحكم في القضية اليوم قبل الغد، لكن هذا مش من مصلحتكم، خلوها هكذا جلسة بعد جلسة، وصدقوني ستنتهي القضية من أساسها، لأنها سياسية وتفتقر إلى الأدلة”.
الله يا محمد، يا محمود السيرة والمواقف، لقد كان بعض المتهمين في قضايا أخرى يتمنون عودتك لم يريدوا فيها قاضيا غيرك، لكن الله اختارك وقضى أنك إليه راجع وهو ربنا جل جلاله قد استعاد أمانته فهنيئا لك الجنة، فأنت الشهيد وأنت لدينا خالد، وعدن خسرت برحيلك رجلا مناصرا لقضاياها بعدلك وحيادك وإخلاصك لعملك وحبك للناس، فاستحققت ذرف الدموع وخشوع القلوب.
والله إننا نتذكر كلمات الخالد الأستاذ هشام باشراحيل وامتداحه لك من خلال حضوره بعض جلسات المحاكمة، وتحدثك إليه وإلينا جميعا، فليرحمك الله رحمة الأبرار ولأهلك الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون!.
"يكتبه: نعمان الحكيم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى