نـــداء واستفتــاء

> محمد نجيب

>
محمد نجيب
محمد نجيب
(أرجوكم لا تحطموا هذه العائلة “المملكة المتحدة”) ديفيد كاميرون – رئيس الوزراء البريطاني.
كبر دور ونفوذ إنجلترا في أوروبا بعد أن هزمت خصمها اللدود إسبانيا في المعركة البحرية المشهورة (الأرمادا) عام 1588م، وأصبح بعدها الأسطول البحري الملكي الإنجليزي سيد البحار بدون منازع، وأسهم بقوة وفعالية في احتلال أجزاء كبيرة من العالم الجديد (أمريكا الشمالية) الغني بالثروات والموارد، والتي شكلت مصادر الثراء والغنى لإنجلترا التي استغلتها لتمويل بناء وتوسيع آليتها، وترسانتها العسكرية، خاصة البحرية لاحتلال أراض جديدة حول العالم، وحينها كانت إنجلترا تضم منطقتي ويلز وإيرلندا (حاليا شمال إيرلندا) واللتين تم احتلالهما، وضمهما قسرا إليها في 1282م و 1536م أثناء عهد الملك إدوارد الأول والملك هنري الثامن على التوالي، وجاورتها من الشمال مملكة اسكتلندا التي شاءت الأقدار تنصيب ملكها جاميس الرابع ملكا على إنجلترا في 1603م عقب وفاة الملكة إليزابيث الأولى لأحقيته غير القابلة للنقض بالعرش بناء على القرابة والنسب، ورغم اشتراك إنجلترا واسكتلندا بملك واحد، إلا أنهما استمرا كدولتين منفصلتين وببرلمانين مستقلين لمدة 100 عام.
وفي عام 1707م أثناء حكم الملكة (آن) اتحدت المملكتين في مملكة واحدة، مع تمتع اسكتلندا بحكم شبه ذاتي واسع الصلاحيات.
تاريخيا ضمنت أسكتلندا لإنجلترا منطقة عازلة ضد أي غزوات من شمال أوروبا، ووفرت موارد بشرية أسهمت في حملات الاحتلال والاستعمار، خاصة في آسيا وأفريقيا في القرنين الـ18 و 19، تبلغ مساحة أسكتلندا 78 ألف كم2، وعدد سكانها حوالي 6 ملايين نسمة، ويقدر ناتجها القومي الإجمالي السنوي بنحو 245 مليار دولار.
تتمتع أسكتلندا بثروات النفط والغاز والفحم وأراض زراعية خصبة ومراع لثروة حيوانية كبيرة، اقتصاديا استفادت أسكتلندا كثيرا من إنجلترا خلال وبعد الثورة الصناعية والتي جعلت منها واحدة من أهم المناطق الصناعية في أوروبا بقاعدة اقتصادية كبيرة ومتنوعة صناعية وخدمية ومالية، ولكن هذا التألق والنماء الاقتصادي لم يكن لولا المزايا التي وفرتها الإمبراطورية البريطانية، ومن خلال المستعمرات (الأسواق) والتي غطت نحو 25 % من المعمورة، كذلك الاستثمارات الإنجليزية في الاقتصاد الأسكتلندي، وعضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي ضَمِن أسواقا جديدة ومستدامة للاقتصاد الأسكتلندي، ولكن بالرغم من كل هذا التقدم والرقي الذي وصل إليه المواطن الأسكتلندي ظلت نزعة الانفصال تطفو ما بين الحين إلى الآخر، وعندما توفرت البيئة المثالية (بنى اقتصادية متينة وقوية) والآلية الكفؤة والنظيفة (حكومة وطنية لكل الأسكتلنديين) قرروا استفتاء بعضهم البعض بشأن الاستقلال، وقبلت واحترمت لندن هذا القرار، وقامت بجهود إعلامية مضنية لثني هذه التوجهات، وتعهدت بمنح أسكتلندا صلاحيات أوسع في إدارة شؤونها.
قرر الأسكتلنديون البقاء في الاتحاد وسعد الإنجليز لأن العائلة بقيت متماسكة وراسخة.
كلاهما أثبت أنهما قومان متحضران.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى