انتفضت هونج كونج فهل تفعلها عدن؟!

> بلال غلام حسين

> هونج كونج وتعني بالصينية (شيانغانغ) أي الميناء العطر، وهي إحدى المنطقتين الإداريتين الخاصتين التابعتين لجمهورية الصين الشعبية إلى جانب منطقة مكاو. وكانت منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى نهاية العصور الوسطى مجرد قرية صيد صغيرة لم يكن لها شأن كبير. وفي 20 يناير 1841م وبعد اندلاع حرب الأفيون الأولى في عام 1839م عندما رفضت سلطات سلالة تشينغ استيراد تبغ الأفيون من بريطانيا، أدى ذلك إلى نزول القوات البريطانية إلى جزيرة هونج كونج واحتلالها.
وطوال الحقبة الإستعمارية البريطانية، شهدت هونج كونغ تطوراً وتمدناً على كافة الأصعدة، من اقتصادها إلى نظامها الصحي وبُنيت خلال تلك الفترة العديد من المستشفيات والمراكز الصحية مثل: مستشفى الملكة إليزابيث والملكة ماري والأميرة مارغريت وأمير ويلز، وأسس نظام تعليمي مشابه لما هو المعمول به في بريطانيا. وخلال النصف الأول من القرن العشرين كانت هونج كونج ميناءً حراً يعمل كمرفأ لإعادة التصدير للإمبراطورية البريطانية، وفي العام 1983م عملت بريطانيا على تحويلها من مستعمرة ملكية إلى إقليم ما وراء البحار. كما حازت المدينة طوال فترة الحكم البريطاني على استقلالية واسعة في إدارتها لاقتصادها وتشكل فيها نظام سياسي تعددي مختلف من حيث استقلالية القضاء وقانونها المستقل، وأصبحت هونج كونج بذلك واحدة من أهم المراكز الاقتصادية الرائدة في العالم، وقد أثر ذلك كثيراً على ثقافة هونج كونج.
في عام 1984، وقعت الدولتان الإعلان الصيني البريطاني المشترك، وهي معاهدةٌ تقضي بتسليم هونغ كونغ إلى جمهورية الصين الشعبية في عام 1997. وفي الأول من يوليو 1997م نقلت سيادة هونج كونج من المملكة المتحدة البريطانية إلى جمهورية الصين الشعبية بموجب المعاهدة الموقعة بين البلدين بصيغة (دولة واحدة ونظامين) على أنه وبحسب المعاهدة التي وقعت بين البلدين والتي اشترطت بأن تبقى هونج كونج إقليما إداريا خاصا يحظى بحكم ذاتي لمدة 50 عاماً ويكون قانونها الأساسي والمنشق من القانون البريطاني دستور الإقليم بعد نقل سيادتها وبموجب هذه الاشتراطات انتهى رسمياً الحكم البريطاني على هونج كونج والذي دام لمدة 156 عاماً، وأصبحت هونج كونج أول منطقة إدارية خاصة لجمهورية الصين الشعبية.
واليوم وبعد مرور أكثر من 17 عاماً من استقلالها عن بريطانيا تظهر هونج كونج مرة أخرى على الواجهة ويتصدر المشهد السياسي أخبارها مانشيتات الصحافة والقنوات التلفزيونية العالمية بسبب محاولة تدخل جمهورية الصين في شؤونها الدستورية والحقوقية وفرض الهيمنة عليها من خلال رفض مطالب هونج كونج بأن يختاروا زعيمهم القادم في جو من الحرية في عام 2017 وتريد الصين أن تقتصر الانتخابات على عدد قليل من المرشحين الموالين لبجين، إلا أن الثقافة المدنية التي سادتها واكتسبتها منذ أعوام مضت وحفاظها على إرثها الإنساني، كل هذه العوامل جعلها ترفض التدخل الصيني في شؤونها وخرقها للمعاهدة، ومن هنا بدأت الأزمة السياسية فى هونج كونج وانتفض أبناؤها من خلال حركة ناشطة عرفت بـ(لنحتل وسط هونج كونج) وقاموا بإغلاق حي المال الرئيسي في وسط المدينة منذ أكثر من أربعة أيام.
إن العامل المشترك بين هونج كونج وعدن كبير إلى حد ما خلال الحقبة البريطانية لكليهما بالإضافة إلى البيئة السياسية والاقتصادية التي عرفتها المستعمرتان السابقتان من خلال الميناء والحكم الدستوري والقوانين الخاصة التي تميزت بهما عدن وهونج كونج. والفارق الوحيد بينهما هو أن عدن عندما استقلت قبل أكثر من 47 عاماً استلمها أُناس معظمهم من خارجها ولا يمتون لعدن بصلة عبر محاضر خاصة اتفق عليها الإنجليز وممثلو الجبهة القومية واستبعد من هذه المفاوضات المكونات السياسية الأخرى وحكمت عدن بالحديد والنار، ولم تقم لها قائمة حتى يومنا هذا. بينما حصلت هونج كونج على استقلالها قبل 17 عاماً فقط بموجب معاهدات واتفاقيات خاصة أعطي لها الحق فيها بإمساك زمام أمور إقليمها ويحكم أبناؤها أقليمهم بأنفسهم بموجب دستورهم وقوانينهم الخاصة.
اليوم وبمجرد محاولة الصين التدخل في شؤون هونج كونج ولو بجزء يسير من السيطرة انتفض الشارع فيها، ولم يقبلوا بمطالب الصين، بل وطالبوا بالمزيد من الحريات والديمقراطية فوق التي كانوا يتميزون بها. فهل يا ترى تعملها عدن وينتفض أبناؤها ويطالبون بحكم ذاتي وبإدارة شؤون بأنفسهم؟!. الزمن كفيل بالإجابة عن كل تساؤلاتنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى