الــجنـوب وحـنات الـطبــول

> علي سالم اليزيدي

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
كان لدي كثير من الأفكار تتداخل فيما بينها في لحظة أن تسارعت الأحداث في صنعاء ودخول الحوثيين وأنصار الله إليها محملين بكل المطالبات الشعبية التي وضعت كعناوين ثم ترجمت بعد جدال وصراع واحتدام جعل من هذه الثورة، إذا اردنا تسميتها، تلامس كثيرا من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كان أحد هذه الأفكار هي صحيفة “الأيام” الآباء والبنون، وذلك يستجيب لما مر على هذه الصحيفة وأصيبت به من قمع وضرب لم يطل أي صحيفة في العالم ثم اللحظة التاريخية التي سقط فيها من هاجم “الأيام” وضربها بعسكره وعتاده، ثم دارت الأيام وفر هذا الجنرال هارباَ بعدما ضيق عليه الخناق ولم يعد الزمن لصالحه، ولنقل “انتهى الدرس يا غبي!”.
كانت هذه أحد الأفكار، ولكني فضلت أن أجعلها مستقلة يوما ما، وعرجت عندئذ بقلمي إلى موضوع حضرموت والجنوب والحراك الجنوبي والثورة السلمية التي كانت عنوانا لكفاحه من أجل الاستحقاق الوطني والاستقلال، وعودة الدولة إلى الجنوب تتويجاَ لكفاح وتضحيات الشهداء ورجال الجنوب، وهنا تظهر المسألة بوضوح بين ما يمكن أن يكون عليه الغد، وما يحدث الآن، ويحمل تباشير الغد، المؤشرات واضحة والوقت يذهب بكل ثقله لصالح الجنوب إذا ما استدارت الوجوه وتواجهت الأفئدة بمكنوناتها، وتمكنت موضوعية الفكر والكفاح والدعوات الشعبية والكفاحية والنضالية أمام كيفية الاستجابة للدورة التي أرادها الزمن أن توثر في واقع المتغيرات التي أوصلت الحوثيين بكل ما يحملون من رؤى واستراتيجية تداخلت وتكونت منذ زمن، وتجددت حتى توفرت الظروف والعوامل في ضعف الدولة ومؤسساتها الأمنية، وتدهور كثير من العلاقات ذات المنظومة داخل هذه الدولة بعدما تكشفت أن بقايا الرموز المتعفنة والتي تهيمن على الوضع العسكري، وتدعي الثورية قد عطلت مشروعا وطنيا كبيرا في الجمهورية اليمنية وأوقفته وأرسلته إلى ما قبل التاريخ ثم أرادت أن تعرقل وتسحق القوى الثورية والمتطورة والحداثية الناضجة في الجنوب بمشروعها المدني والحضاري إلى غياهب الزمن والبديل هنا سيادة الجاهلية القبلية والعقلية الدينية المتزمتة، والقوى التقليدية التي ضربت التجديد وعملت على تفتيته، ثم ادعت أنها البديل لكل نضالات الشمال والجنوب، ويا للعجب حينما كان للزمن كلمة أخيرة!.
الآن يقف الجنوبيون على حدود الزمن أو لنقل على حدود الشمس بين ما قد أفرزته الأحداث، ويعلن بكل وضوح أن الجنوب على مفترق طرق، وأنه يقترب من الاستحقاق الذي يريده، ولكن بكل أطيافه ومكوناته التي ظلت تكافح، وتعلن عن أهدافها في الميدان، هنا تتخذ المسألة شكلا ولوناً آخر إذ ليس كافياً كل هذه التصريحات التي تخرج من الجنوب حول جبهات ومجالس وأشكال بقدر ما يتوجب أن يرافقها من رؤى واستراتيجيات وقراءات وأرقام ووقائع تحقق معنى الحوار وصيغة الحصول على الحق، وكيفية الإمساك به من دون أن تتمزق الأوراق.
هناك تصريحات وتجمعات لهذا الحراك أو ذاك، وكلها رائعة وأيقظت فينا الأمل الذي انبعث، ولن يعود إلى الوراء مما يعني لنا ولكل هؤلاء على الساحة الجنوبية من حضرموت إلى عدن، ومن الغيظة إلى طور الباحة أن الاستعداد والتفكير نحو مواجهة حقيقية لما نريده لم تعد في جيب أحد وحده دون الآخرين، الجميع والقصد هنا أهل الحراك الجنوبي بكل التسميات وأنصارهم من الجنوبيين الشرفاء، وكل من يسعى إلى انتصار الحق الجنوبي من دون انتقاص لهذا أو ذاك، ومن كل قدر المستطاع، وألا نحط من شأن هذا أو ذاك.
نحن اليوم في مواجهة لمتغيرات تتسارع في اليمن وصنعاء قد تظهر بوجه آخر خلال يوم أو يومين، كل شيء يسقط وكل شيء يولد من جديد، وكل شيء يتبعثر، وهناك الجنوب الذي تماسك وإن تشتت بعض الأفكار في بعض اللحظات، إلا أننا في هذه اللحظة بالذات علينا أن نعرف أن الأبواب لم تعد مغلقة إطلاقا، وبين لحظة وأخرى قد يقدم الوقت ما لم نكن نتوقعه، هنا أصبح أمام الجنوبيين، والقصد هنا الحراك الجنوبي، وكل الدعوات التي نقرأها الآن من خلال هذه التحركات والتطلعات والرؤى، أي أن سقوط صنعاء والانفلات الذي حدث ما قبل، وما بعد والتقديرات التي يراها المراقبون في الداخل والخارج تجعل من الحراك والثورة الجنوبية جاهزة أمام كل ما يحدث من دون إرباك وارتباك.
دعوة صادقة نوجهها من واقع وحقيقة أن الوقت لن يتيح لنا فرصة عدة مرات، وأن العبرة من دروس الحوثيين واردة لدينا، وأننا أردنا أن نكون في اللحظة والوقت المناسبين إذا ما أمسكنا بأهدافنا وصدقت الدعوات، وقال الشاعر الحضرمي باحريز:
عور لي ما يشوف الشارقة
صقع لي ما يسمع الطاسة وحنات الطبول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى