نظام الاحتلال اليمني تمادى في الاستهتار بقوانين التوازن الطبيعي لمكونات الغلاف الحيوي لبيئات مناطق النفط في الجنوب

> «الأيـــــام» تنفرد بنشر تقرير الحراك الجنوبي السلمـــي حـــــول جــذور القضيــــــــــة الجنوبيـــــة المقدم إلى فريق القضية الجنوبيـ ـــــــــة في مؤتمــر الحــوار الوطنـــــي(45).
نشرت «الأيام» في الحلقات الماضية تقرير جذور القضية الجنوبية المقدم من فريق القضية الجنوبية إلى مؤتمر الحوار الوطني، وتنشر الآن تقرير الرؤية المقدمة من الحراك السلمي الجنوبي لـ(محتوى القضية الجنوبية) إلى فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني بصنعاء في 25 مايو 2013م.
لقد تمادى نظام الاحتلال اليمني وتحالف مكوناته القبلية والعسكرية مع قوى ضلالة الإفتاء والتكفير الديني، ليس في انتهاك حقوق وكرامة الإنسان الجنوبي بطرق استبدادية غير مشروعة فحسب، ولكن الأمر تجاوز حدود النواميس والاعراف الإنسانية من خلال السلوك الهمجي المستهتر بقوانين التوازن الطبيعي لمكونات الغلاف الحيوي لبيئات تلك المديريات، وذلك بممارسة الشركات النفطية مختلف الوسائل في عمليات حفر الآبار الاستكشافية دونما رقابة وأشراف حكومي أو مجتمعي (أهلي) من قبل أبناء المديريات المنهوبة ثرواتها. وبرغم المناشدات العامة والتقارير الصحفية والإعلامية المحذرة من مخاطر حدوث كوارث آنية ومستقبلية لمكونات البيئة في وادي المسيلة، ومنها على سبيل التمثيل ظاهرة تلوث مياه الآبار الجوفية في مديرية (غيل بن يمين) بفعل «عمل الشركات النفطية في قطاع المسيلة عند استخراج النفط وما تمارسه من أساليب في عمليات ما يسمى بإعادة حقن الماء إلى أعماق البئر النفطية أثناء فصل الماء عن البترول فيؤدي إلى تسرب كميات كبيرة من النفط في طبقات الأرض الجوفية الحاملة للنفط والمعروفة علمياً بطبقة «الحرشيات» فيكون ذلك عاملا مساعدا على اتساع رقعة تلوث المياه العذبة النقية، فقد كشف أحد الباحثين الأكاديميين قبل عدة سنوات بأنّ نسبة التلوث قد بلغت نحو 50 % بحسب ما نشرته المجلات والنشرات الدورية الصادرة عن الشركات العاملة.

وأشار الباحث إلى أنّ الأخطر في مضاعفات المشكلة هو التعتيم من قبل الشركة عن تقديم المعلومات، فهناك تكتم شديد تفرضه الشركات النفطية العاملة، وللأسف الشديد الجهات المسؤولة والمتواطئة في القيام بواجباتها، ليس في إرغام الشركات على الالتزام بعقود اتفاقيات العمل كما هو متعارف عليه فحسب، بل في تجاهل سلامة الحياة البيئية والنباتية والحيوانية في مناطق الامتياز (47).

وحول تفشي ظاهرة التلوث البيئي في وادي المسيلة، يقول الباحث الاكاديمي: إن الجمعية الحضرمية بصنعاء كانت قد قررت في عامي 1997 - 1998م عن تحريك هذا الملف مع أحد المراكز الدولية بعد أنّ شاعت أخبار عن نفوق بعض الحيوانات في مديرية غيل بن يمين، وذبول الزرع، وتغير لون مياه الشرب بوادي «النعر»، وقد ذهبت الجمعية لزيارة شركة كنديان نكسن، إلا أن فريق العمل يبدو أنه واجه صعوبة، ولم يسمح له بالزيارة في ضوء شكوى أهالي المناطق المتضررة وبالرغم من قناعتي (حسب كلام الباحث) بأن هناك نية ابتزاز من قبل المجموعة ادى الى رفض الشركة التحدث معهم حيث انه ليس لهم طرح علمي ولم يكن برفقتهم خبراء في الشأن البيئي، الا ان هذا لا ينفي وجود مشكلة بيئية.
والمثير للاهتمام ان الحكومة نفسها ايضا تمارس الابتزاز بنفس الأسلوب فبعد ان رفعت شركة «هنت” قضية تعويض امام غرفة التحكيم في باريس لان الحكومة اليمنية لم تقم بتنفيذ التزامها بتمديد الاتفاقية التي وقعتها معها انظروا ماذا عملت الحكومة كما ورد عن وكالة الأخبار الإسلامية في نشرتها في 7 مارس 2007م (48).
وتأكيداً على صحة ما أوردناه من بيانات معتمدة من مصادرها الرسمية والحكومية، ومن مواقع الكترونية معتبرة مدونة في قائمة الهوامش المرجعية، فإن ما سنعرضه في هذه الحلقة من حقائق خطيرة وانتهاكات إجرامية تتعرض له تلك المديريات، إنما هو في رأينا بلاغ تتحدث عن معانيه هذه الصور (من 23 - 26) الملتقطة من بعض مديريات وادي حضرموت:
الصورتان (23 - 24) هما لأحد الآبار النفطية في مديرية الضليعة بحضرموت وقد تركت بعد حفرها من قبل الشركة بهذه الطريقة، دون أن تكلف نفسها بإغلاقها.
الصور من أبو أحمد سعيد باجعيم، 2013م.
الصورتان رقم (25 - 26) توضح المواد الكيماوية المستخدمة في عملية حفر الآبار النفطية، وهي كما يتحدث المواطنون في مديرية الضليعة تشكل خطراً بيئياً على حياتهم نتيجة تسربها إلى مياه آبار الشرب السطحية والجوفية.
تصوير: أحمد سعيد باجعيم، 2013م.

هنا في منطقة شبوة القديمة تدفن النفايات السامة.
تزايدت شكاوى المواطنين وتعالت صرخاتهم في مديريات إنتاج النفط بمحافظة شبوة، وذلك نتيجة لما يلمسوه ويشاهدوه من مظاهر غريبة تهدد مقومات حياتهم وتعكر صفو ونقاء أرض وسماء بيئتهم المحلية، وهذه الظواهر المحيرة والدخيلة على واقعهم الاجتماعي والاقتصادي كما يقولون، لم تكن موجودة إلا منذ أن وطأت أقدم الغزاة المحتلين أرضهم، وتحولهم إلى سماسرة ووكلاء للشركات النفطية العالمية التي تهافتت على غنيمة التعاقد معهم للتنقيب واستخراج النفط من أراضي محافظات الجنوب، وهم (أي المحتلون) لم يكتفوا باستجلاب الشركات العالمية فحسب، وإنما أقدموا على استنساخ شركات ومؤسسات ووكالات محلية خدمية بعضها اتخذوا لها تسميات من كنايات والقاب عائلاتهم مثل (شركة الحثيلي
والعيسي، والحاشدي، واللوزي، والشائف، وشاهر عبد الحق، واخوان ثابت، وهائل، والشاطر و.. و...) والبعض الآخر منها اتخذت لها تسميات وهمية كالمؤسسة اليمنية العامة للنفط والغاز الخاصة بالمخلوع علي صالح وعائلته، أو تسمية تاريخية كشركة سبأ الخاصة بحسين الأحمر ومؤسسة البحر الأحمر وشركة الوديان والسعيدة وشركات خاصة لا حصر لها تتناسخ وتتناسل بصورة عشوائية في مزاولة مهنة النهب والتهريب لخام النفط ومشتقاته، بدون شروط أو ضوابط رقابية وقانونية عليها.

ونتيجة هذه الفوضى القبلية أضحت مناطق إنتاج النفط في محافظة شبوة معرضة لكوارث التلوث البيئي، وتحديداً مخاطر دفن النفايات الكيماوية السامة أو المحرمة، والتي مصدرها جهات حكومية متواطئة مع الشركات النفطية العالمية، ومنها الشركة النمساوية O M V العاملة في قطاع العقلة S2، والشركة الأسترالية Oil Search العاملة في منطقة شبوة القديمة، ولكي تكون الصورة أبلغ تعبيرا وأكثر تجسيداً للحقيقة فإن الصور المنشورة من (27 - 34) توضح ما خفي وما هو أعظم دليل من وصف الكتابة.. والله على ما نقول شهيد.

**الهوامش**
(*) متنزه Yellowstone National Park هو: متنزه وطني أمريكي يقع في ولايات أيداهو، ومونتانا وويومنج. يعتبر أول وأقدم حديقة وطنية في العالم تغطي مساحة 3.470 ميلاً مربعاً, ويشتهر بالمحميات والينابيع الحارة والدببة البيضاء.
(**) (شعب معدو) هو: رافد لمجرى مائي موسمي في محافظة شبوة، ويتصف بأنّ سيوله الجارية بعد هطول الأمطار لا تروي الأراضي الزراعية التابعة للسكان المقيمين حول مجراه أو بالقرب منه، وإنما تروي ويستفيد من مياهه أراضي وسكان مناطق أخرى لا تقع ضمن الحوض العام لمجرى الوادي.. وهذا المعنى يشابه تماماً واقع الحال لسكان مديرية عرماء وبقية المديريات المنتجة للنفط والغاز الطبيعي في محافظات الجنوب.
(***) إن تحديد هذه المساحة المسلوبة حسب المصادر المعتمدة، بحاجة إلى بحث وتحقيق ومسح ميداني، للتأكد من صحة أو عدم صحة ما عرضناه من معطيات. في حين يدعي نظام السلطة في اليمن عكس ذلك بأن المملكة العربية السعودية تنازلت له بمساحة 60 كم2، وهذا عبارة عن مزاعم لا يمكن قبولها أو تصديقها من خلال ما يحدث في الواقع وما تكشفه مجريات الاحداث من توسع سعودي في الأراضي الجنوبية، في ظل صمت وتخاذل من قبل النظام اليمني.
(38) انظر مساحة الدول المذكورة في موقع الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)http://ar.wikipedia.org/wiki
(39) سعود الزيتون الخالدي، سطح الجزيرة العربية وجغرافيتها، مجلة الواحة 2011، ص 3 - 4، انظر: http://www.alwahamagcom/?act=artc&id=1174&print=1
(40) الرئيس هادي يطيح بأحد أقرباء صالح من شركة الاستثمار النفطية، الاقتصادية نيوز، صحيفة الكترونية يومية متخصصة، انظر: http://www.aleqtisad-news.net/index.php?ac=3&no=939
(41) منتدى المجلس الوطني، الحرب على عصابات البترول هل بدأت، انظر الرابط: http://www.ye1.org/vb/showthread.php?t=706142 (41) منتدى المجلس الوطني، الحرب على عصابات البترول هل بدأت، انظر الرابط: http://www.ye1.org/vb/showthread.php?t=706142
(42) 15 مليون دولار يومياً خسائر اليمن جراء تفجير أنبوب النفط تقرير قناة اليمن، انظر:www.youtube.com/watch?v=yh3ygmncLYs
(43) موقع المصدر أونلاين - سبأ نت، هيئة تحكيم تؤيد صحة موقف وزارة النفط بعدم الموافقة على التنازل من شركة اوكسيدنتال لشركة سبأ بالقطاع 20، http://almasdaronline.com/article/43619
(44) الزيارة الميدانية للباحث إلى مديريات عسيلان وجردان وعرماء محافظة شبوة في سبتمبر 2012.
(45) عادل عبده بشر، قائد الثورة الشبابية يشفط 157 مليار ريال من نفط شبوة، انظر: http://www.aljumhor.net/portal/news-7457.htm
(47) أحمد ناشر صغير، قصة نفط وادي المسيلة، الحوار المتمدن، العدد (2288)، انظر:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=135300.
(48) المرجع السابق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى