الــعيــد أيــام زمــان فــي عــدن.. قــل للــزمــان ارجــع يــا زمـــان

> استطلاع/ وليد الحيمدي

> العيد يعني الفرحة والسعادة والبهجة والسرور وكذا العبادة، الكل ينتظره بفارغ الصبر، لما له من روحانية ونكهة مختلفة عن بقية الأيام.. لكن حال الواقع الآن والذي يعاني منه أغلبية المواطنين من الفقر والتعاسة والحزن في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والمزري.. مر عيد الأضحى على كثير من الناس مرور الكرام، وكأن لم يكن هناك عيد، البعض قالوا إن أعياد أيام زمان لها رونق وطعم لا تشبهه بأي حال من الأحوال أعياد هذا الزمن الذي تكشف عن معاناة الكثير من الناس.. لذا قررت صحيفة «الأيام» أن تقترب من الشريحة التي تعتبر أن عيد أيام زمان أفضل من العيد في **هذا الزمن.. فإلى التفاصيل:
سينما ونوادي وملاهي ومتنزهات للكبار والصغار والحدائق الخاصة بالأطفال، ونوادي للمسابقات العامة والرياضية والثقافية كانت متوفرة آنذاك في الزمن المنصرم بحسب شهود العيان المواكبين له والذين أكدوا على وجود تلك الضروريات والكماليات وبأسعار مناسبة.
وفي بداية تقريرنا عن عيد أيام زمان ولماذا كان أفضل من عيدنا المعاصر نستمع إلى ما قاله مجموعة من كبار السن.
**عيد زمان أجمل**
جانب من الحشود يحتفلون بلعيد
جانب من الحشود يحتفلون بلعيد

الوالد علي يحيى الحيمدي (متقاعد) ومن مواليد 1945م عدن الشيخ عثمان أعاد لنا ذاكرته عن عندما كان شابا أيام زمان وما كان العيد يزهو به آنذاك قائلاً بسعادة لا توصف: “دعني أتحدث عن عيد الأضحى في عام 1963م كنت في عمر الزهور (18 ربيعاً)، العيد أيام زمان لا يوصف ولا يعبر بكلام لأن أيامه لا تنسى، قد كنا في ليلة العيد نجتمع ونرقص (رقصة الليوه الشعبية) إلى فجر يوم العيد، ثم نستعد لصلاة العيد في مسجد النور بالشيخ عثمان، بعد ذلك نذهب لذباحة الأضاحي، ومن ثم نعايد على الأهل والأحبة وثم نذهب لنحتسي الشاي مع الأصدقاء حتى منتصف الصباح، وبعدها ننام إلى الظهر ونقوم بعد ذلك بشراء القات والذي بطبيعة الحال كان يسمح أيام الخميس والجمعة والأعياد الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى) ومن يمضغ القات خلاف ذلك يتعرض للسجن حسب القانون الإنجليزي آنذاك، أما عن التنزه فالتواهي هي مدينة التنزه وكانت جميلة وراقية في نفس الوقت، وهناك متنزهات مثل (نادي نشوان) (ونادي البحارة) و (ساحل العشاق) وكانت كلها للمواطنين على حد السواء، وثم جاءت فترة السبعينيات وهي أجمل لحظات حياتي سعادة، وكانت فيها موضة (الشارلستون) وهي موضة الفتحات الكبيرة في أطراف الملابس.
أما عصر كل عيد كنا نتوجه صوب سينما مستر حمود (هريكن حالياً) لمشاهدة فلم عربي أو إنجليزي، وكانت تعرض أفلام عمر الشريف، وأذكر سينما (أروى) عرضت فلم الرسالة في عام 1978 تزامناً مع عيد الأضحى آنذاك”.
**ضيق الحال سرق فرحة العيد**
وأكد الحاج فارس محمد ناصر من أبناء مدينة كريتر عدن أن “العيد عيد العافية، ولكن عيد هذه الأيام لم يكن مثل الأعياد الماضية بسبب ضيق الحال وكثرة تكاليف الحياة الصعبة، ففي الماضي كانت الأعياد لها روحانية مختلفة وأجواء العيد لا تشبهها أجواء الأيام العادية، وكان الناس في العيد نفوسهم طيبة ومتحابة ومتعاونة”.

وأضاف: “أعتقد أن الخير والبركة في العيد أيام زمان سببه الحب المتبادل بين الناس، بعكس هذه الأيام الذي ينظر بعض الناس لإخوانهم المسلمين بنوع من الحقد والحسد والكراهية، مما أدى إلى انعدام البركة في أيام العيد، فمجرد أن يبدأ أول يوم في العيد نجد الأيام تتسارع وفجأة انتهى وفرحة العيد”.
وعن كيفية تمضية أوقات العيد أيام زمان قال الحاج فارس: “كنا نمضي أيام العيد في فرحة غامرة، ففي الصباح نستعد لأداء صلاة العيد التي ننتظرها على أحر من الجمر، لأن لها نكهة روحانية عجيبة، فإذا فاتت الصلاة أي شخص فإن العيد بالنسبه له لا قيمة له”.
وأوضح: “بعد الانتهاء من أداء صلاة العيد نذهب لنحتسي الشاي في مقهى (السكران) بعدن (كريتر)، ثم نذهب لمعايدة الأهل والأحبة والأقارب، أما في المساء فنتشارك من (شلجين) أو(ثلاثة شلن) ونذهب إلى (مطعم التركي) المشهور في عدن والذي كان يمتعنا بألذ المأكولات مثل (قلابة الديرك) و(مطفاية السخلة)، وقد كان (الثمد) من أرخص الأسماك في ذلك الوقت، ثم نذهب إلى (السينما الأهلية) لمشاهدة فليم عنتر بن شداد للممثل الكبير والقدير (فريد شوقي) بعد ذلك نتجه إلى سينما أخرى وهي (سينما شهيناز) الواقعة في خور مكسر والتي كانت تبث وقتها أحدث الأفلام الغربية وخصوصاً أفلام “جيمس بوند” وأفلام طرزان ورامبو، حيث كانت السينما تحقق أعلى دخل في شباك التذاكر آنذاك، ويتبين ذلك من ازدحامها الشديد، وكان الفيلم يعرض في الساعة 11 ليلاً ويعد وقتا متأخرا بطبيعة الحال، لكن المتعة تجبرك على الحضور والمشاهدة”.
مشهد من مقهى شاي
مشهد من مقهى شاي

وأضاف الحاج فارس: “هذا عن العيد أيام زمان الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر لما فيه من بهجة وصفاء للقلوب إلى جانب أننا نجد الأماكن والمتنفسات والمتنزهات المناسبة التي نقضي فيها أيام وليالي العيد، أما بخصوص الأعياد الحالية في زمننا هذا فلا طعم له، حتى أن البعض لا يتمنى وصوله نتيجة للظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها معظم الناس، كذلك لا توجد المتنفسات والمتنزهات المؤهلة والمناسبة لقضاء أيام العيد ولياليه بالإضافة إلى أن الغلاء فاحش في بلادنا مما زاد من هموم الناس، حيث لا يجدوا للعيد أي طعم أو نكهة مختلفة عن بقية الأيام، فالأيام كلها سواء كلها هم ونكد والحمد لله على كل حال”.
**عيد هذه الأيام لميسوري الحال**

بدوره أوضح لنا العم عبدالله المحضار الشاطري قائلاً: “كنا في السابق نستقبل الأعياد صغاراً وكباراً بأفراح ومسرات تعم الكل الغني ومتوسط الحال وكذا الفقير لا تغيب عن شفاهه البسمة والبهجة، واعتدنا في الأعياد أن نقوم بمعايدة الأهل والأقارب والجيران وتوزيع العيدية لغرس البسمة والسرور في نفوس أطفالنا، وإحياء أيام وليال العيد، أهمها أداء صلاة العيد مع الأسرة، وحضور مجالس الذكر، وزيارة المتنازهات العامة مثل صيرة والصهاريج والملاهي (الكمسري)”.
وأضاف والحزن يملأ وجهه قائلا: “الشيء المختلف في زمننا الحاضر أن فرحة العيد اقتصرت على ميسوري الحال، وفرحة العيد بدأت تحتضر بسبب ارتفاع الأسعار الخيالية، وكذا انتشار بيع الألعاب النارية التي قد تذهب بفرحة العيد في حال أدت إلى حرق الأطفال الذين يعبثون بها، إلى جانب صوت انفجارها الشديد الذي يعكر صفو العيد وسكينته خاصة في الساعات المتأخرة من الليل”.

وفي ختام حديثه قال العم الشاطري: “نتمنى أن يعم الأمن والسلام الأمة الإسلامية جمعاء، وأن تكون بلادنا في خير وأمن واستقرار، وأن يجنبها الله تعالى كل مكروه”.
**الأعياد كسائر الأيام بسبب الفقر**
وتحدث لنا الحاج أحمد الدالي عن العيد أيام زمان بالقول: “العيد أيام زمان كان أفضل من العيد الحالي بسبب ما تعج به أيام زمان من أماكن ترفيهية كبيرة مثل سينما هريكن (مستر حمود) والأهلية، والتي كانت تعرض أفضل وأحدث الأفلام العربية والأجنبية، وكانت تقام أقوى المباريات لكرة القدم بين (الواي والحسيني) بعد ما أصبحت تسمى (التلال ووحدة عدن) وكنا نحتفل مع الإنجليز بليلة العيد في نادي البحارة بالتواهي، وكنا نشتري الملابس المواكبة للموضة بسعر رخيص جداً، فكانت بدلة العيد تكلف الشخص الواحد مبلغ 10 شلن فقط وكانت الجزمة “الباتة” تباع بـ 10 شلن أو 15 شلن”.

وعن الغلاء الفاحش في أسعار الملابس في وقتنا الحاضر قال الحاج الدالي: “أما الآن فإن الغلاء فاحش، فملابس الطفل في العيد تكلف 30.000 ريال، ناهيك عن سعر الكبش وعن الاحتياجات الأخرى، وأتوقع في السنوات القادمة أن العيد سيكون كسائر الأيام العادية بسبب فقر الناس والوضع الاقتصادي الهش الذي تمر به البلاد”. مختتما حديث بقوله: “أشكر صحيفة «الأيام» على هذه الوقفة الطيبة، وكل عام وأنتم بخير”.
**عيد مع الإنجليز له طابع فريد**
محمد المنهالي (متقاعد) يوضح لنا كيف كان عيد أيام زمان مقارنة بالحاضر بقوله: “كل زمن وله رجال، وأعتقد أفضل الأعياد كانت في حقبة الإنجليز، حيث كانت كل الأشياء متوفرة من أماكن ترفيهية مثل صالات عرض سينمائية وكانت خمس صالات (مستر حمود) هريكن حالية، الأهلية، أروى، شهيناز وسينما المعلا.. وكنا في العيد نشاهد مباريات كرة القدم التي كانت تقام على ملعب الشهيد الحبيشي بكريتر بين الفرق القوية مثل الواي (التلال حاليا) والحسيني، وكنا نحتفل بالعيد مع أصدقائنا الإنجليز البحارة في نادي البحارة ونشوان بالتواهي، وأذكر كنا نذهب للسباحة في الصباح أيام العيد، حيث كانت هذه الشواطئ نظيفة فلا ترى أي كيس أو قوارير أو قراطيس مرمية على حافته، وكانت نظيفة جداً حتى داخل البحر بعكس هذه الأيام فالشواطئ تتكدس فيها النفايات والقمامات، وكثر المخزنون فيها.. كما لا توجد الآن سينما واحدة في محافظة عدن، لذا أرى أن عيد أيام زمان أفضل من الأعياد الحالية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى