الـجـيـش الـمـصري يـخفـق فـي الـتعـامـل مـع هـجمـات الـجهـاديـين الـمـتـكررة

> القاهرة «الأيام» هيثم التابعي

> أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس السبت عن وجود “دعم خارجي” للهجوم الانتحاري الدامي الذي استهدف الجيش في سيناء الجمعة موديا بحياة ثلاثين جنديا، وهو الأكثر دموية ضد قوات الأمن منذ أعوام عدة.
واتخذت مصر إجراءات سريعة بينها فرض حال الطوارئ في قسم من شمال ووسط شبه جزيرة سيناء لثلاثة أشهر وكذلك فرض حظر التجول في المنطقة مع إغلاق معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة إلى أجل غير مسمى.
وقال السيسي اثر اجتماع مع كبار قادة الجيش بثه التلفزيون الرسمي إن “العملية هذه وراءها دعم خارجي. هناك دعم خارجي تم تقديمه لتنفيذ العملية ضد جيش مصر بهذا الشكل”.
لكنه لم يذكر تحديدا الجهة التي دعمت الهجوم.
لكن المسؤولين المصريين غالبا ما يتهمون الحركات الإسلامية في قطاع غزة بتقديم الدعم للجماعات الجهادية في سيناء والتنسيق معها في شن الهجمات.
واوضح السيسي ان الهجوم هدفه “كسر ارادة مصر والمصريين. معمول لكسر ارادة الجيش باعتباره عامود مصر”.
واشار إلى اجراءات سيتم اتخاذها بخصوص المنطقة الحدودية مع قطاع غزة. قائلا إن “المنطقة الحدودية بينا وبين القطاع (غزة) لابد أن يتخذ فيها إجراء لإنهاء هذه المشكلة من جذورها”.
وتابع “مشكلة رفح والمنطقة الحدودية فيه إجراءات كثيرة ستؤخذ (بشأنها) خلال الفترة القادمة”.
وتفرض حال الطوارىء في المنطقة الممتدة من مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة حتى غرب العريش، كبرى مدن محافظة شمال سيناء، وتتضمن أيضا مناطق وسط سيناء.
وتشمل معبر رفح الحدودي الذي قررت السلطات المصرية أمس الأول الجمعة إغلاقه اعتبارا من السبت حتى إشعار آخر، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية ومسؤولون في المعبر.
وقال شهود عيان “إن حواجز أمنية انتشرت في الشارع الرئيسي في الشيخ زويد التي تحولت إلى مدينة أشباح بعد أن لزم المواطنين منازلهم، وهو ما يتكرر في مدينة رفح الحدودية أيضا.
كما أعلن الحداد الرسمي لثلاثة أيام على الضحايا العسكريين الذين ستنظم لهم جنازة عسكرية رسمية أمس الأول السبت بحضور رئيس الجمهورية كما ذكرت قنوات فضائية مصرية خاصة.
من جهة أخرى، أفادت مصادر أمنية أن مروحيات الاباتشي العسكرية قصفت أمس السبت مواقع يشتبه ان تكون لمتشددين من “انصار بيت المقدس” ، واضافت أن ثمانية مسلحين متشددين قتلوا في القصف الذي رافقه حملة دهم.
وقرر الجيش في اجتماع طارىء أمس السبت تشكيل لجنة من كبار قادته لدراسة “الأحداث الإرهابية الأخيرة بسيناء”، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية يؤكد ان ذلك هدفه “تعزيز جهود مكافحة الإرهاب بكافة صوره في سائر أنحاء الجمهورية”.
يذكر أن قوات الأمن تتعرض منذ أكثر من عامين لهجمات عدة في سيناء وهجوم الامس هو الاسوا منذ مقتل 25 شرطيا في اغسطس 2013 بعد نحو شهر من الاطاحة بالرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي.
ولم تعلن أي مؤسسة رسمية مصرية تفاصيل الهجوم بشكل حتى الآن. كما لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عنه.
وقالت مصادر أمنية إن “انتحاريا يقود سيارة مفخخة هاجم حاجزا للجيش في كرم القواديس في منطقة الخروبة قرب مدينة العريش في شمال شبه جزيرة سيناء”
وأضافت المصادر أن انفجار السيارة المحملة بكميات ضخمة من مواد شديدة الانفجار في الحاجز اعقبه “انفجار ضخم أدى إلى نسف الحاجز بشكل كامل”.
وبعد ساعات على الهجوم الأول، قتل ضابط وأصيب جندي بالرصاص في هجوم منفصل على حاجز أمني في منطقة الطويل جنوب العريش، بحسب ما قالت مصادر امنية.
وقد تم استخدام سيارات مفخخة يقودها انتحاريون في هجمات ضد قوات الامن المصرية.
يذكر أن مديرية أمن المنصورة تعرضت في ديسمبر 2013 لهجوم أسفر عن مقتل 14 شرطيا، كما خلف هجوم على مديرية أمن القاهرة في يناير ستة قتلى فضلا عن محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد ابراهيم في سبتمبر 2013.
وقد ازدادت هجمات المتشددين ضد قوات الأمن في سيناء مؤخرا بشكل ملحوظ. وهجوم الجمعة هو الثالث في هذه المنطقة المضطربة خلال أسبوع.
والأحد الماضي، قتل سبعة جنود وأصيب أربعة في هجوم بقنبلة استهدف مدرعة للجيش في مدينة العريش.
والشهر الماضي، قتل 17 شرطيا في هجومين كبيرين على الامن في شمال سيناء أيضا.
وتقول الجماعات الجهادية إن هذه الهجمات تشكل ردا على القمع الدامي الذي تمارسه السلطات المضرية ضد أنصار مرسي.
ونددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بهجوم أمس الأول الجمعة، وأكدت واشنطن أن السلطات الاميركية “تدعم جهود الحكومة المصرية لاحتواء التهديد الإرهابي في البلاد”.
ويعلن الجيش المصري باستمرار مقتل عدد من “الإرهابيين” خلال عمليات دهم لتجمعات مسلحين إسلاميين. لكن ذلك لم يوقف هجمات المتشددين في مختلف مناطق البلاد.
ويقول إسماعيل الاسكندراني الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية وسيناء في مبادرة الإصلاح العربي، ومقرها باريس، إن “الاستراتيجية المصرية تثبت فشلها مع كل هجوم”.
وتابع الاسكندراني لوكالة فرانس برس ان “كفاءة القوات المتواجدة في سيناء دون المستوى، فهي تفتقر للتدريب والقدرة على المواجهة” مع الجهاديين.
والجمعة قتل 30 جنديا في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف حاجزا امنيا شمال سيناء هو الاسوأ ضد الامن منذ عزل مرسي، لكن الغموض لا يزال يحيط بفاصيل الحادث.
وشنت طائرات عسكرية مصرية غارات ادت إلى مقتل ثمانية مسلحين متشددين في شمال سيناء أمس السبت، بحسب مصادر أمنية.
وتتبنى معظم الهجمات جماعة “انصار بيت المقدس” التي تستلهم افكار شبكة القاعدة وقد اعلنت مؤخرا تأييدها تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف في سوريا والعراق.
وقبل الاطاحة بمرسي، كانت الجماعة تستهدف اسرائيل وتهاجم الانابيب التي تزودها بالغاز، لكنها الان تقول انها تثأر للقمع الدامي الذي تقوم به السلطات المصرية ضد انصار مرسي واوقع اكثر من 1400 قتيل فضلا عن نحو 15 الف معتقل.
من جهته، قال للواء المتقاعد محمد الزيات المستشار الاكاديمي للمركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية، ومقره القاهرة، إن هناك معوقات طبيعية كبيرة تواجه الجيش في سيناء تفسر هذا الاخفاق.
ويضيف أن “سيناء منطقة سكنية يختلط فيها السكان مع المسلحين” مشيرا إلى أنها “تحولت إلى مخزن كبير للسلاح المهرب في أعقاب سقوط القذافي في ليبيا”.
ويتابع الزيات ان “الانفاق على الحدود مع غزة يهرب منها المسلحون ويعودون مرة أخرى” إلى مصر.
والسبت، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ان اجراءات ستتخذ في المرحلة المقبلة “لحل مشكلة رفح والمنطقة الحدودية” مع قطاع غزة بشكل جذري.
وتعلن مصر باستمرار هدم فتحات الانفاق التي تقول انها تستخدم لتهريب الاسلحة والمتشددين من سيناء وإليها.
وقد ازدادت هجمات المتشديين ضد قوات الأمن في سيناء مؤخرا بشكل ملحوظ. وهجوم الجمعة هو الثالث في هذه المنطقة المضطربة خلال أسبوع واحد.
والشهر الماضي، قتل 17 شرطيا في هجومين كبيرين ضد الأمن في شمال سيناء أيضا، وتبناهما “انصار بيت المقدس”.
من جانبه، يشير عمرو هشام ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الحكومي إلى “تقصير أمني واضح” وراء تكرار الهجمات.
وقال ربيع لفرانس برس “كثير من الهجمات تستهدف باستمرار حواجز ثابتة للأمن معروفة للمسلحين ما يجعلها أهدافا سهلة”.
بدوره، عبر يزيد صايغ الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط عن اعتقاده أن استخدام الجيش “للقوة العشوائية ضد السكان المدنيين” ربما يخلق “أرضية دعم طبيعي بين السكان المحليين للجماعات المسلحة” وأضاف أن هذا يجعل السكان محصورين بين “الجماعات المسلحة والإرهابيين من جهة وأجهزة الدولة التي تراهم أعداء في الجهة الاخرى”.
ويقول خبراء ان الجيش المصري يستخدم استراتيجية “تقليدية وخاطئة” في التعامل مع الجهاديين الذين يشنون “حروب عصابات” تنوعت بين الهجوم بصواريخ الهاون ووضع العبوات الناسفة واستخدام السيارات المفخخة.
ويقول الاسكندراني “تنظيم بيت المقدس تمكن من تنويع هجماته عبر الدمج بين تكتيكات حروب العصابات وتكتيكات الجيوش النظامية من خلال الخبرة التي اكتبسها انضمام بعض الضباط المتقاعدين إلى صفوفه”.
وأضاف “في المقابل الجيش المصري يستخدم تكتيكات الجيوش النظامية وأسلحة ثقيلة وهي أبعد ما يكون عن الصواب في مثل هذه الظروف”.
كما يعتقد اللواء الزيات أن هجمات الجهاديين تكشف عن “تطور كبيرفي اساليب العمل” مشيرا إلى “انضمام جهاديين عادوا من سوريا الامر الذي يمنح قدرة على استخدام المتفجرات بحرفية اكثر”.
والسبت، أشار السيسي إلى أن “دعم خارجي” لتنفيذ الهجوم ضد الجيِش دون مزيد من التوضيح.
وقررت مصر فرض حال الطوارئ في قسم من شمال ووسط شبه جزيرة سيناء بما فيها جزء كبير من مدينة العريش اعتبارا من الساعة الثالثة بتوقيت غرينتش فجر السبت “لمدة ثلاثة اشهر” على ان يرافقه حظر للتجول بين الثالثة عصرا حتى الخامسة صباحا بتوقيت غرينتش، كما قررت اغلاق معبر رفح حتى إشعار آخر.
ويقول الاسكندراني إن “هذه الإجراءات مطبقة فعلا بشكل غير رسمي منذ عام ونصف لكنها لم تؤد إلى إحداث فارق” في تحقيق الأمن .
ويتابع أن “بيت المقدس تحولت من مجرد شبح في نظر الأمن إلى كائن حي موجود ينصب كمائن ويفتش سيارات المارة وهوياتهم ويرفع أعلامه في وضح النهار”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى