ثـورة 14 أكـتوبـر الـخـالـدة

> أحمد قاسم عبدالله

> تتواصل احتفالات شعبنا بالذكرى الحادية والخمسين لاندلاع ثورة 14 أكتوبر عام 1963 من جبال ردفان الأبية، والتي امتدَّ لهيبها إلى كل أرض الجنوب، وبالذات صوب عدن ثغر الوطن الباسم، المعقل الإداري والسياسي والعسكري للاحتلال البريطاني على مدى 129 عاماً.
ذكرى خالدة نعتز بها أيما اعتزاز، كونها تذكر الأجيال المتعاقبة ومعهم من نسي أو تناسى ذلك التاريخ المجيد للأجداد والآباء، الرعيل الأول مناضلي الثورة اليمنية في مختلف فصائلها الوطنية، وكم هي قوة الإرادة التي كانوا يتمتعون بها تجاه خيارهم الجامع بمقاومة الاحتلال البريطاني عن طريق الكفاح المسلح، كأقصر الطرق لنيل الحرية والاستقلال ومعه مختلف أشكال النضال التحرري.
ذكرى تذكر بمحدودية وشحة القدرات وعلى كل الصعد التي تملكها الفصائل الوطنية، بالمقارنة مع حجم الترسانة العسكرية والمخابراتية والإعلامية والمادية، القمعية الصخمة لدى قوات الإمبراطورية العظمى، التي لا تغيب عنها الشمس، وإزاء تلك الإرادة كانت ردفان هي الزمان والمكان لتدشين انطلاقة الثورة المسلحة من على قمم جبالها الشامخة والعصية في تاريخ 14 أكتوبر عام 63م ولذلك نذرت ابنها البار الشهيد البطل غالب بن راجح لبوزة إيذانا ببدء المقاومة المسلحة.
وانطلاقا من ذلك أسرعت الفصائل الوطنية بتكوين قطاعاتها الفدائية السرية وبمواصفات خاصة من بين صنوف منتسبيها، وقد سجل التاريخ في صفحاته أروع البطولات لتلك الأذرع العسكرية السرية التي طالت مختلف تكوينات الاحتلال وتحصيناته، التي سيجها بالأسوار العالية والحواجز والموانع الحديدية الصلبة والمكعبات الخرسانية والأسلاك الشائلة، وكيف كانت الأذرع العسكرية تتبارى لمن ينال شرف سبق إلحاق الضرر الأكبر والنوعي بقوى الاحتلال أو نيل الشهادة قبل الآخر.
تاريخ يذكر بطابور طويل بمن قدم حياته ضد الاحتلال لنيل الحرية والاستقلال، ومثال على ذلك الفداء وليس الحصر، كل من الشهداء:
لبوزة، الدلالي، مدرم، الحبيشي، خالد هندي، عبود، أحمد جودت، عباس، وغيرهم الكثير.. تاريخ يذكر بارتفاع وتيرة التمردات والانتفاضات القبلية والإضرابات والاعتصامات العمالية التي شلت مصالح الاحتلال ومعها المسيرات اليومية التي سيرها القطاع النسائي والطلابي بعدن تزامناً مع ازدياد الخسائر الفادحة في صفوف المحتل.
تاريخ يذكر بالدور الفاعل للصحافة العدنية لإذكاء الروح الوطنية وتغطيتها للعمليات الفدائية في كل جهات القتال والتأكيد على مشروعيتها، كما نصت عليها كل الشرائع السماوية والوضعية ضد الاحتلال من أجل الحرية والاستقلال.
ويذكر كيف تعاطت وسائل الإعلام العربية والدولية حينها مع حالة الذعر والخوف والرعب التي أصيبت بها قوات الاحتلال التي أصبحت حديث الساعة، وبالذات في إذاعتي “صوت العرب” و “بي. بي . سي” وكبريات الصحافة البريطانية التي تصدرت صفحاتها الأولى العناوين البارزة لخسائر الاحتلال البشرية والمادية والمعنوية، وصوراً حية لتوابيت قتلاها اليومية التي كانت تصل تباعاً من عدن إلى مطارات لندن، وتعليقاتها السياسية لمستوى الانكسار الذي لحق بالمحتل واستخباراته لمعرفتها في الوقت الضائع بشبكة الخلايا السرية الواسعة في مؤسستي الجيش والأمن للضباط والجنود الأحرار الذين أنيط بها دعم الثورة بالسلاح والمال وتأمين الحركة والتواصل مع مختلف تكوينات الثوار الفدائية والسياسية والجماهيرية في كل جبهات القتال.
في وقت أدرك المحتل واستخباراته عدم قدرته على مجاراة الثوار على الإطلاق، وبالتالي خرج ذليلاً ضعيفاً في 30 نوفمبر 67م وتمخض عن ذلك نيل الحرية والاستقلال في تاريخ أفلت فيه شمس الإمبراطورية العظمى في عدن، الثورة التي أعلنت توحيد ما يقارب 21 إمارة ومشيخة وسلطنة في إطار الدولة الوليدة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بما ينسجم مع رغبات أبنائها وواحدة من الاستحقاقات الوطنية النبيلة لثورة 14 أكتوبر وما تلاها من نجاحات في مختلف أوجه الحياة.
**أحمد قاسم عبدالله**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى