اسـتحـقـاقـات أهــل الـجـنـوب

> محمد رشاد محمد

> لقد أدركت شعوب العالم قاطبة المأساة التي حلت بشعب الجنوب وسيادته من جراء نتائج الإخفاق بعقد الاتفاق على الوحدة حينها، ومروراً بحرب 1994م التي فرضتها القوى المتنفذة في النظام السابق في شمال الوطن، حيث مارست عنده أبشع صور الظلم والاضطهاد، فقد قامت بنهب ثرواته النفطية والمعدنية والسمكية، والاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي وتدمير البنية التحتية لمنجزات الإيجابية قبل الوحدة.
لقد مارس المتنفذون ضد أبناء الجنوب شتى أنواع التنكيل وحرمانهم من حقوقهم الشرعية في العيش الكريم والعمل والوظيفة العامة والتعليم والتأهيل، وإجبار كوادره في السلك العسكري والمدني على التقاعد القسري، وغير ذلك من الوسائل العديدة التي أدت إلى معاناتهم وحرمانهم، ولم تتعدل معاملاتهم بل زادت سوءا وفتكا طيلة عقود من زمن عمر الوحدة.. فرغم اتساع رقعة الفقر الممنهج في الجنوب والتشريد والعذاب والعيش في الظلام الدامس إلا أن ذلك لن يطول.
إن من أولويات العيش للإنسان على وجه الأرض هو أن يتوفر المكان المناسب لبناء المسكن الذي يأوي الإنسان مأوى آمنا، في الوقت الذي تستحوذ القوى المتنفذة على قطاعات واسعة من الأراضي حتى وصل بهم الأمر إلى ردم أجزاء كبيرة من الشواطئ والموانئ لصالح أشخاص على حساب ملايين من الناس.
تلك المسألة اليوم باتت مكشوفة وأصبحت ضمن اهتمامات القضية الكبرى الجنوبية على المستوى الوطني الواسع وكذا الإقليمي وتحت رعاية دولية تتابع عن كثب سير المرحلة الانتقالية والإشراف على ما توصلت إليه الآلية التنفيذية لمخرجات الحوار بما فيها الأولويات التي نصت مخرجات الحوار عليها وهي توفير الأراضي والمساكن للمواطنين الجنوبيين، إلا أن العقبات لازالت تحول دون تنفيذ ذلك.
ولذا فإننا نرى على القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية أو النظام الذي قد يتولى أمر البلاد، طالما أن الكل مجمع على مخرجات الحوار، باعتبارها الرسالة التي وصلت وثبتت قيمها بفضل جهود وطنية وحكيمة استطاعت أن تسلم الأجيال أكبر إنجاز تاريخي لم تحظ به بلد من بلدان العالم الثالث، فإننا نرى عليهم أن تكون الأولويات القصوى هي حل ومعالجة المسألة المتعلقة بالأراضي التي حرم منها أهالي الجنوب على أن تكون من أراضي الدولة وليس على حساب أملاك المواطنين، وأن تكون حلولا واقعية وجدية وليست نفس المخططات السابقة التي توهت الجنوبيين في مخططات ومساحات وهمية وجمعيات للموظفين لازالت في قيد المجهول والضياع، ولم يحصلوا على 10% من تلك المساحات الوهمية.
لم تأت لي فكرة ردم بحر العرب (ساحل أبين) اعتباطاً أو من باب الصدفة، لأن استخراج يابسة توفر رد اعتبار إنساني هام للسواد الأعظم من أهالي الجنوب تعد من البدائل لحفظ ماء الوجه للمرحلة الراهنة بعد عقود من الحرمان والظلم، باعتبار المسألة ترتبط بأساسيات العيش الكريم والاستقرار وتحسين الأحوال.. ففكرة ردم أجزاء واسعة من ساحل العرب يوفر ـ وفق دراسة هندسية ـ مساحات قد تلبي أغراض أخرى تتعلق بالخدمات والطرقات والمرافق وتقضي عدة أمور للصالح العام دون أي نزاع أو مشاكل.
فهناك مشاريع مماثلة في عدن أقيمت عن طريق ردم أجزاء من (ساحل أبين) بعدن، مثل مشروع هائل سعيد (عدن مول) وما حوله من مشاريع أخرى ممتدة من كريتر باتجاه جامع الخير بخور مكسر.. وفي مرحلة الاستعمار البريطاني قام المستعمر بردم البحر وإقامة مبانٍ ومنشآت ومنافع للصالح العام وهي منطقة خور مكسر الآن.
فساحل أبين يتميز بسهولة الردم لمستواه المتدني.. فالدولة تستطيع من خلاله معالجة أهم مشاكل أراضي الجنوبيين وفق ما نصت عليه مخرجات الحوار.. لذا ينبغي العمل على تنفيذ ما اتفق من حقوق بإشراف الدول الراعية.
* كاتب علم اجتماع* محمد رشاد محمد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى