هـل نـكـون أنـمـوذجًـا لـمـدنـيـة هـذه الـمـديـنـة؟!

> نعمان الحكيم

>
نعمان الحكيم
نعمان الحكيم
عندما نتحدث عن عدن إنما نتحدث عن مدينة كانت زمردة، بل قل عقداً من الزمرد في عنق فتاة جميلة، يزيدها جمالاً وألقاً، وها هي اليوم تعاني وتقاسي، ولعل معاناتها منذُ ما بعد عام القتل والدمار، عام التتار الناهبين لكل شيء منذ عام 1994م وهي المدينة التي يتعرض تاريخها وتراثها للطمس، وأهلها الأصليون لا حول لهم ولا قوة، ولا من يقل في حق المدينة كلمة ما، فكلهم في مصالحهم التي قلبت الموازين وحولوا عدن إلى شبه قرية، واستمر الحال وطمس الجانب العمراني والديموغرافي وضاعت النظافة، وتحول ألق عدن الساحرة من مدينة العلم والنور والفن والجمال إلى مدينة خربة يملؤها التتار، وهم في نشوة المسيطر الحقير.. وانظروا اليوم إلى واقع المدينة التي تتنفس الصعداء علها منذ عام 2007م تجد من يمد يد العون لعودة الألق والحفاظ على ما تبقى .. وهيهات.
دخلت ساحة الحرية (العروض) بخور مكسر مرتين وما بين المرتين خمسة أيام، فهالني ما رأيت، لقد تحولت مدينة خور مكسر من جولة الزراعة (الأمن) إلى جولة (بدر) وعلى الجانبين تحولت إلى هشيم وأي هشيم، الخيام المتناثرة تعبر عن العبث وليس عن العزم والإصرار لإظهار التحدي الذي به ننشد دولتنا التي أقيمت بنسق مدني بعد تضحيات جسام وها نحن نبعثر جهودنا بقصد أو بدونه.. حزنت وأنا أرى الجموع تفترش الإسفلت كلهم يبحثون عن الحلم، لكن الحلم يكاد أن يتحول إلى كابوس بالفعل غير المحمود.
لماذا كل هذا العبث الذي يتناقض مع ما يتحدث به الثائرون في المنصة؟ لماذا كل هذه البعثرة غير المستحبة؟ لماذا وأين هي الجهود الخيرة التي ترتب وتنظم؟ وهل الاعتصام لمجرد تناول القات والشيشة وقول الزوائل والقصائد وغيرها؟ في وقت غابت النظافة تماما واختفى الدور المدني الذي ألفناه منذ الستينات حتى بداية التسعينات.. خور مكسر تحولت إلى فعل هدام، مع احترامنا لمن يفترشون أرضها بغية إثبات إرادتهم ـ التي لا تلين ـ للجيران وللعالم.. إن قضية الجنوب وعاصمته عدن لا تذهب أدراج الرياح، ولن نهادن فيها أو نتهاون، لكن هذا كله عندما ينعكس في أفعال مضادة لا تتوفر فيها المدنية الحقة ينقلب فيها الحال إلى يأس وإحباط، ويمل المرء المشاهد لذلك.. وإن كان ذلك قد يبرر على أنه عمل ليس بالشائع والعام، ولكنه يكبر كل يوم ولا من يقوِّم كبره وانتشاره إلى اليوم.
خور مكسر تظهر بالصورة المتلفزة لوحة فنية جميلة ونريدها نحن أن تكون كذلك في الواقع، فالمواصلات إلى المطار والعكس صارت متعبة، وعشوائية الوقوف لمن يرتاد الساحة حدث ولا حرج، فلِمَ كل هذا العبث الذي يفشلنا حتى في طرح الأقوال، ناهيكم عن الأفعال.. أما الشوارع الخلفية ففيها من طفح المجاري ما يقرف ويخل بالسلوك الإنساني الراقي، فأين اللجان المنسقة مع البلدية للعمل اليومي الذي يساعد على جذب الناس ويهيئ لهم مكانا للصمود والإبداع ورفع الرأس بدل تنكيسها؟.
لا تزعلوا من الصراحة.. لأنها محبة منا إظهار الحق وليست لمجرد النقد الفاضي والحاقد.. فكلنا شركاء فيما يجري، فهل يمكن لنا أن نبدأ بترتيب المخيمات بشكل منظم ولائق ومن ثم فتح ممرات لمكتب البريد والجامع والدكاكين وجعل السيارات تمر بسلامة وإيجاد مواقف لسياراتنا وعرباتنا في أماكن تعكس مدنيتنا التي لن يسلبها منا كائن من كان.. الحق أحق أن يتبع، والنصر قادم لا محالة.. فقط نكون أنموذجا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى