> عبدالقوي الأشول

عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
كل عمل محكوم نجاحة بالنتائج، وكل عمل عظيم يبدأ بفكرة يمثل تجسدها على أرض الواقع تتويجاً للحلم الذي بدأت به، وثورتنا السلمية دون ريب هي عطاء شعب عظيم وصادق، ورغم ويلات وظروف المعاناة إلِّا أن مسار ثورتنا يتعاظم يوماً عن يوم.
فكرة الاعتصام ينبغي أن تكون محسوبة سلفاً في كيفية إدارة ساحة الاعتصام وتنظيمها وحفظ الأمن، ومنع أي أعمال مخالفة تؤدي إلى الفوضى أو تجرنا إلى مربع ما تريده القوى المتربصة بثورتنا.
أعني أن المسئولية كبيرة على مكونات الحراك كافة.. بحيث تكون متوافقة على الطريق التي تدار بها الساحة.. بعيداً عن كل الحسابات لأننا أمام ظروف تاريخية بالغة الدقة والخطورة، ولا مجال هنا لارتكاب الأخطاء التي دون ريب سيكون ثمنها باهظاً.
بالمجمل لدينا شعب حضاري منضبط في سلوكه، في الكثير من الفعاليات التي لم تعكر صفوها قوات الأمن والحرس وهلم جرا.. لم تشهد تلك المليونيات أي مخالفات تذكر، وحين تتدخل قوات الأمن يحدث الخلط والفوضى وسفك الدماء.
إزاء هذا الواقع الذي تعانيه بحكم تواجد كم هائل من القوات العسكرية والأمنية داخل المدينة، والتصرفات السادية التي ميزت سلوك بعض هؤلاء تدفعهم لممارسة اعتداءات لا مبرر لها، وعلى هذا النحو لا يمكن أن نتحكم به لأن من يضغطون على الزناد ويوجهون رصاصاتهم إلى المتظاهرين السلميين طرف يمارس العدوانية بشكل واضح، ويريد أن يعكر صفو سلمية الثورة والاعتصام وكل ما تحقق من نجاح، والرد في مثل هذه الحالة الذي نمتلكه هو التمسك بنهج ثورتنا الحضارية السلمية أولاً، وخلق حالة من الانضباط في عموم الساحة، ودعم عمل اللجان المختصة بالأمن والنظام، وحبذا أن تنفح بعدد ممن لديهم خبرة أمنية وعسكرية، وعدم الاحتكاك بأي حال بالمعسكرات المحيطة بالساحة، ومن المهم أيضاً أن تكون لدينا رؤية مسبقة ماذا نريد من الاعتصام ومحطاته.
مثل هذه القراءة لا بد أن تقع على كاهل السياسيين ممن عليهم مهمة قيادة هذه الأنشطة السلمية وإدارة هذه الحشود الضخمة ومحور رسالتنا من هذا التواجد وتأهيل سلوكنا الانضباطي الثوري الحضاري، والتعبير بصورة واضحة عن إرادة شعبنا وخياراته التي لا تهاون إزاءها، وعلينا ألا نتجاهل أو نقلل من الأعمال التي يراد منها تحويل مسار الاعتصام، وإدخال الأمور إلى نطاق الفوضى والهرج والمرج.. مثل هذه الحسابات ينبغي أن نجسدها في مسار الأنشطة اليومية للاعتصام التي تعبر بزخمها غير المسبوق، وبطيف الحاضرين المتنوع، عن المؤمنين بحق شعبنا في استعادة دولته.
علينا تناسي خلافاتنا الجانبية وحتى حساباتنا الشخصية في هذه الأثناء، وأن نكون بمستوى المسئولية الوطنية، وليكن دفء القلوب المتحابة المتجانسة التي تؤم الساحة بروح الأمل ويقين النصر بوتقة وعش الجميع.. فأمل استعادة دولتنا ليس أضغاث أحلام بقدر ما هو حق هذا الشعب العملاق بمختلف مكوناته وشرائحه، إنه الوطن الذي يعيش بداخل كل فرد منا.. فهل نخذله في مثل هذه الأوقات الحساسة والمصيرية؟.
لا بد أن تكون للسياسيين بصمات واضحة في هذه الأوقات الفاصلة، وأن تتكشف كافة الجهود بصورة مخلصة من أجل الوطن، تتويجاً لانتصار الإرادة الجنوبية التي عانت وتعاني كل ما جابهه على مدى العقود الماضية.
وإذا ما أردنا الانتصار لثورتنا علينا أن ننتصر أولاً لأنفسنا ونتخلص بصورة جلية وواضحة من كل شوائب الماضي وتبعاته.
وصدق الحق حين قال: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.