وحـدة قـلـوب ومـصالـح مـشـتـركـة .. بـيـن شـعـبـيـن

> عقيد طيار / طه محمد المالكي

> “السلطة المطلقة فساد مطلق”. منذ 33 عاما فترة حكم هذا النظام البائد، أثبت لنا صحة هذه المقولة، حيث كان هذا النظام هو الدستور والقانون والنيابة والبرلمان، وما على هذه الهيئات المذكورة إلا تنفيذ ما يقوله وشرعنة ما يفعله، حيث قام نظام الحكم بتقليص فعالية وهيبة النظام في هذه الدولة وتغييب العمل ببنود الدستور والقانون اللذين هما أصلاً حبيسا الأدراج منذ كتابتهما حيث تسير أمور البلاد بالمزاجية والنظام القبلي والعرفي ليتمكنوا من الاستحواذ على موارد البلاد حسب رغبتهم، حيث قاموا بتقاسم المناصب والثروات والأراضي وشركات الاتصالات والوكالات الأخرى حسب النفوذ القبلي والمراكز العسكرية ولمن يتبادل معهم المصالح والمنافع من التجار المعروفين لدى الشعب حتى أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه من انهيار اقتصادي، هذا من جهة ومن جهة أخرى أدخلوا البلاد في صراعات دينية وقبلية، وتغاضى هذا النظام أيضاً عن تفشي الجرائم والمآسي وتزايد الغلاء والفقر المدقع في البلاد.
كل هذه الأعمال قام بها نظام صالح لإشغال الشعب بالبحث عن قوت يومه وتخويفه في أمنه وحياته وإيهام الشعب أن ظروف البلاد قاسية وموارده الاقتصادية ضئيلة وما على الشعب إلا أن يصبر ويساعد الدولة على مقاومة هذا الوضع المتردي والصعب، والدولة بدورها تقوم بإرسال وزرائها إلى دول العالم للتسوّل، حيث إن ثروات البلاد وجزءا مما يتسولونه من مال يصب في جيوبهم إلى جانب ما يحصلون عليه من مساعدات تأتي أثناء الكوارث الطبيعية، ولهذا خزينة الدولة تتجه نحو الإفلاس حتى وصل الأمر إلى عدم قدرة الدولة على سداد مرتبات الموظفين، حينها اجتمع الفصيلان الرئيسان (الموتمر والإصلاح) وأعوانهما من الأحزاب الهشة (المتقرصة) باسم الشعب وقرروا رفع الدعم عن المشتقات النفطية ثاني أيام عيد الفطر المبارك الماضي إلى أكثر من نصف القيمة، وهذا يدل على قمة الاستهتار بالشعب الذي عرفوه سابقاً وعرفوا أحزابه وبأن أية مظاهرات تقوم سيسكتونها ويقمعونها وتنتهي المشكلة كما كانوا يفعلون مع مليونيات الحراك الجنوبي وثورة 11 فبراير حينما تآمر المتنفذون مع الأحزاب وتقاسموا السلطة بالمناصفة بينهم (الموتمر والإصلاح) وأجهضوا الثورة ووزعوا غنائم الثورة بينهم.. وكل الشهداء إلى جنة الخلد إن شاء الله.
وأدى ذلك إلى اشتعال ثورة 21 سبتمبر 2014 م التي أزاحت جزءا كبيرا من رموز الفساد، ومن أسباب نجاحها الآتي:
1 - إسقاط مراكز القوى للمتنفذين العسكريين والقبليين من خلال القضاء على الألوية الموالية للمتنفذين وإسقاط نفوذ حكم المشايخ في المناطق البعيدة عن صنعاء.
2 - تدمير الجناح العسكري لحزب الإصلاح بمختلف تنظيماته ونسف معسكراته ومراكز تدريباته خارج العاصمة صنعاء، وهذا هو المهم في اعتقادي.
3 - الهجوم العسكري على مقر الفرقة الأولى مدرع والمعسكرات الموالية للجنرال محسن والقضاء عليها وإعلان بعض الوحدات العسكرية الأخرى تأييدها للثورة.
هذه العوامل حسب تقديري شكلت ركائز أساسية لانتصار ثورة الأحرار، وأنا لا أستطيع أن أسميه نصرا كاملا حتى يتم تنقيه جميع مؤسسات الدولة من الفساد والقضاء التام على الإرهاب.
وأهم من هذا كله أن يتم التعاطي من قبل هذه الحكومة مع القضية الجنوبية من موقع الاعتراف بها كقضية سياسية بامتياز والجلوس مع ممثليها الذين يختارهم الشعب الجنوبي.
ويفترض على السلطة في صنعاء أن تتعامل مع القضية الجنوبية بنزاهة لأنها قضية مركزية، ولكي تتمكن الدولة من فرض الأمن والاستقرار وتطوير التنمية الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، وحسب رأيي يجب ألا تجعل القضية الجنوبية قضية ربح وخسارة بل تنظر إليها كقضية عادلة وكوحدة قلوب، وكمنافع ومصالح مشتركة بين الشعبين حينها نستطيع أن نقول إن الحكمة يمانية، وأن القضية سوف يتم حلها بإذن الله.
إن أية ثورة تضحي بقوافل من الشهداء من أجل العدالة والحرية لا يمكنها إلا أن تعترف بحرية الآخرين، وإلا لن تكون ثورة حق.
هذا الشعب سوف يتخطى كل الصعاب بإذن الله وسيخسر أعداء الوطن المراهنين على أن البلد تتجه نحو الحروب الأهلية التي لم يستفد منها إلا أعداء هذا الوطن، والخير كل الخير لكل أبناء الشعب شمالاً وجنوباً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى