في ذكرى وفاته.. الحمدون عطر الأغنية اللحجية

> سند حسين شهاب

> هب الفنان فضل ميزر ـ شفاه الله ـ غاضباً في وجه الفنانة البحرينية موزة سعيد في دارها العامر بدبي.. أصل الحكاية أن الفنانة موزة كانت قد دعت الفنان ميزر برفقة اثنين من الفنانين الآخرين للعشاء في منزلها، وبينما كان الجميع في ديوان المنزل بانتظار العشاء قالت الفنانة موزة لضيوفها إنها ستسمعهم أغنيتها “سألت العين” من “التراث الخليجي”!.
لم يكترث الفنان ميزر لإيحاءات زملائه وللإتيكيت، وقال للفنانة موزة إن “سألت العين” هي أغنية لحجية من كلمات الأمير محسن صالح مهدي وألحان خالد الشعر ومخلده الأستاذ عبدالله هادي سبيت، وغناء الفنان محمد صالح حمدون.
عندما ظهر الفنان محمد صالح حمدون بوليدته الأولى “سألت العين” لم يظهر في واد غير ذي زرع لكنه ظهر في أرض تعج بالشعر والغناء الذي يكاد يكون من مستلزمات البقاء والحياة آنذاك، لكن هذا الفتى ظهر بطريقة جديدة لفتت إليه الأنظار منذ الوهلة الأولى، وهذا هو سر تفوق لحج في كل الأزمنة.. إنه الثراء والتعدد.
جاء محمد صالح حمدون بـ“سألت العين” وكأنه أتى بمرحلة جديدة في مسار الحياة الفنية في لحج، ومثله فعل فيصل علوي في “أسألك بالحب يا فاتن جميل”، وغيرهما فعلوا ذلك.
لا أدري ما الذي جمع نص “سألت العين” شعراً وأبقاها مع ملحنها سبيت حتى أتت الأقدار بهذا الفتى اللحجي الوهطي لتكون من نصيبه، انتشرت “سألت العين” كما لم تنتشر أية أغنية من قبل، وهبت كلماتها تنساب في نفوس الناس ووجدانهم.
كان صوت الحمدون كالعطر يضمخ به أفئدة الناس في كل الأرجاء، وكانت “سألت العين” الماركة الأولى لهذا العطر اللحجي الذي توالت ماركاته فيما بعد.
بين عبقرية فضل وقدرات سبيت والتياع نصيب ورومانسية الأمير صالح مهدي كان العطر الحمدوني يتوالى في شكل أعمال جديدة لاتقل جودة وروعة عن سابقتها “سألت العين”، وإن بقيت الأولى كالمولود الأول عند والديه عندما لاح الفجر بتعبير سبيت، وكان المد القومي يجتاح كل بقاع المنطقة كانت الأغنية الوطنية هي الأخرى سلاحاً من نوع آخر ومناراً يهدي الثوار إلى صراطهم المنشود، كان صوت حمدون إلى جانب الأستاذ حسن عطا وأحمد يوسف الزبيدي وآخرين إسهاماً آخر لايقل عما يقدمه الثائر في الميدان، وعلى وقع هذه الأغاني الوطنية لسبيت ونصيب ومغلس وعلي بن أحمد منصر وغيرهم كانت كل أرجاء الوطن يغلي ضد المستعمر.
دارت الأيام وتغير مفهوم الفن وانجرف الكثير من الفنانين طوعاً وكرهاً مع زمن كان الفن فيه موجهاً، تقدم فيه أغان لا تمت لذلك الزمن الأنيق بصلة، لكن حمدون ظل أصيلاً على عهده لا يقدم إلا الأغاني التي تليق به وبفنه الراقي الذي تعود عليه محبوه.
كلما استمعت لحمدون في سهرة إذاعية أو تلفزيونية أو مخدرة كان الرجل يعيدني إلى زمن كان فيه الفن يسمو بالنفس إلى مصافات أعلى، وظل الحمدون على عهده وفياً يرى أنه مديناً بكل ما قدمه لرجال كبار كسبيت وفضل وصالح مهدي وغيرهم، وهذا التواضع الحمدوني غير المألوف عند كثير من المبدعين هو الذي جعله محبوباً كإنسان قبل أن يكون فناناً.
**سند حسين شهاب **

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى