«أم عبده الحلبية» مسلسل سوري جديد على يوتيوب بطلته طفلة في التاسعة

> بيروت «الأيام» رنا موسوي

> على موقع “يوتيوب” على الانترنت، تحولت رشا، ابنة التسع سنوات، الى بطلة مسلسل “ام عبده الحلبية” الذي يروي للمرة الاولى، بكثير من خفة الظل والمشاعر، حياة الناس في الاحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب السورية.
وتم تصوير المسلسل المؤلف من حلقات لا تتعدى الواحدة منها العشر دقائق، في المدينة التي تشهد منذ صيف 2012 معارك يومية، ويتقاسم السيطرة عليها كل من قوات المعارضة وقوات النظام. وقد شاهده عشرات الالاف من متصفحي الانترنت.
وبلغ عدد حلقات المسلسل ثلاثين، وممثلوه جميعهم من الاطفال. وتلعب رشا دور “ام عبده”، ربة العائلة التي تروي تفاصيل الحياة اليومية تحت القصف وفي ظل ازمات المياه والمحروقات والدمار في ما كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا.
ويعتمد المسلسل خطابا معارضا للنظام السوري برئاسة بشار الاسد بحزم، وتلقي الطفلة مطولات ضد النظام الذي قامت “الثورة” في منتصف مارس 2011 بهدف الاطاحة به. الا ان بعض المقاطع يسخر ايضا بلطف من “الثوار” والمعارضين.
وتُقلِّد رشا، الفتاة السمراء الجميلة بشكل دقيق احاديث النساء السوريات في المجتمع التقليدي وتعابيرهن وحركاتهن. وتظهر بعباءات ملونة مختلفة، وتغطي راسها عندما تكون خارج المنزل. ويتسم اداؤها بعفوية مذهلة.
في لقطة في الحلقة الاولى تظهر وهي تتحدث هاتفيا مع شقيقتها التي تعيش في حي خاضع لسيطرة النظام في المدينة، فتقول “والله نحن نغسل (الملابس) على ايدينا”... ثم تسأل باستغراب “إنتو كمان؟ يا سلام، على اساس مناطق النظام لازم يكونوا مدلّلين؟”.
وبعد ان تصمت قليلا لتستمع الى جواب شقيقتها المفترضة، تقول بمرارة “ممم، عم تضحكي؟ الله بيفرجها يا خيت (اختي) الله بيفرجها، حسبنا الله ونعم الوكيل!”.
وفي حلقة اخرى، تتباهى ام عبده بانها زوّجت كل بناتها الى “ثوّار”، وتقول لامراة منقبة بالاسود جاءت لزيارتها بحثا عن زوجة لابنها، “نحن اصهرتنا كلهم في الجيش الحر”. فتجيب المرأة التي كانت اشتكت سابقا من ندرة “البنات الحلوين”، “انا ابني رامي دوشكا”، فتقول ام عبده التي ترتدي عباءة خضراء “كلهم في سبيل الله، يا خيت، لكن مع اي كتيبة بيشتغل؟”.. فتقول الزائرة “ابني ليس مع الجيش الحر، هو مجاهد”، فما كان من ام عبده الا ان اجابت “ايوه، الله يخليلك ياه!”. وتختلف المرأتان في النهاية على المقدّم والمؤخّر، اذ تطلب ام عبده “خمسمئة ليرة مقدم، وخمسمئة مؤخر، مع الذهب” فتقول ام العريس “قلت لك انه مجاهد لا حرامي”.
وفي حلقة اخرى، نرى ام عبده وهي تخطط مع زوجها ابو عبده الذي يؤدي دوره طفل في مثل سن رشا تقريبا، للافادة من دورة تدريب لـ“مواطنين صحافيين” تنظمها منظمة غير حكومية في مدينة غازي عنتاب التركية.
وتعلن ام عبده انها تريد ان تصبح “اعلانية”، فيصحح لها ابو عبده قائلا “اعلامية لا اعلانية”. ثم يعرض عليها مرافقتها. فتقول بحماس “والله جبتها، ومنساوي هيك اسبوع عسل (...) كله على حسابهم”.
ويقول المخرج بشار هادي لوكالة فرانس برس “الفكاهة هي الاقرب الى قلب المشاهد”، مضيفا ان الهدف من المسلسل “كسر الحزن المديد الذي عاشه شعبنا، أردنا أن نوصل بعض الافكار ورسم الابتسامة في آن واحد”.
وتظهر الافكار التي اراد القيمون على المسلسل ايصالها في مونولوج طويل تدلي به ام عبده حين يسألها برنامج تلفزيوني عن احلامها، فتقول “حلمي بوطن آمن، حلمي بوطن آمن وحر وشريف. حلمي يرجعوا اولادنا الى داخل البلد (...) ويرجعوا كل النازحين الى ديارهم”.
وتتابع وهي تسير مع خلفية موسيقية حزينة، وسط دمار حقيقي داخل مدينة حلب، وحفر في التراب ناتجة على الارجح عن قذائف، وسيارات محطمة، “حلمي ان نثأر لاولادنا الذين ضحوا بزهرة شبابهم وان ننتصر على الظالم. حلمي ان يتوقف القصف والدمار والخراب، وان يخلصنا الله من الطاغية ومن شبيحته. حلمي ان اقف في وسط ساحة سعدالله الجابري وازلغط سعيدة لسقوط هذا الفرعون. يخرب دياره!”.
وتظهر في الصورة طائرة تلقي برميلا متفجرا. وتقول الفتاة “آخ، آخ... ماذا اروي لك عن البراميل ورعب البراميل وخوف الاولاد من البراميل؟”.
ويقول المخرج ان رشا والاطفال في المسلسل “حالهم حال اي طفل سوري فرضت عليه ظروف الحرب.. وبنية الشعب السوري القوية جعلت من اطفالنا امثولة للعالم في الصمود وتحدي المصاعب، ليعبروا ببراءتهم عن الامل الذي بداخلهم، وقدرتهم على بناء المستقبل”.
ويشير الى ان المسلسل “وسيلة لايصال اصواتنا وايصال مشاكلنا الى الناس عامة، مؤيدين او معارضين، عربا او اوروبيين، وفي اي مكان في العالم”.
ووضعت حوار المسلسل عفراء هاشم، بينما حملت احدى شركتي الانتاج اسما معبرا هو “فضائيات بكرا أحلى” (غدا اجمل)، الى جانب “شركة لمية للانتاج”. وتتخذان مقرا لهما في تركيا.
وتم بث المسلسل في مرحلة اولى خلال شهر رمضان في الصيف الماضي، لكن عدد مشاهديه على ارتفاع يوما بعد يوم.
كما ان نجاحه دفع قنوات تلفزيونية عربية للتواصل مع القيمين عليه من اجل البحث في عرضه، في حين يعمل المخرج على “تجهيز الترجمة لنتمكن من ايصال الرسالة... الى العالم”.
ويقول هادي ان هذه الرسالة هي “الامل بالاستمرار والامل في العمل، لنصل الى يوم يعيش فيه الفرد في المجتمع السوري حرا بكل مقاييس الكلمة. (...) رسالتنا سلام، فالفن حر، والفن سلام”.
ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى