الـوقـوف تـحـت مـدافـع يـمنسـتـان

> د.علي عبدالكريم

>
د.علي عبدالكريم
د.علي عبدالكريم
(1) تنويه:
كثيرة هي المفاجآت التي فاجأتنا هذه الأيام، وهي مفاجآت مرعبة تزامنت مع سياق من التطورات المتسارعة التي لم تترك للمرء وقتا كافيا للفهم الدقيق والربط السليم بين مجريات هذه التطورات، وكلها تطورات تحمل أجراس إنذارات عن مآلات خطيرة ينزلق نحوها الوطن ما لم يتداركها العقلاء فيه سواء المتواجدون في الداخل أو الوافدون الجدد وبما يحملونه من مشاريع ذات أبعاد قد تقبل وربما لا تقبل، مما يستدعي التوجه لكافة الفعاليات الوطنية للتوافق على مقاربات من شأنها إزاحة بؤر التوتر هنا وهناك، وعبر مزيد من تحكيم العقل كي تخرج العقول النيرة مجتمعة كلما أمكن ذلك.
مشاريع قابلة للتحقق تبعد شبح المواجهة والحرب والاقتتال، كما تحاصر مشاريع الفتن أيٍّ كان شكلها ولونها وحجمها على المستوى الوطني بأكمله، وتوجه كهذا سيشمل الجميع دونما استثناء حتى أولئك الذين لم يعودوا يعترفون بيمنيتهم.
(2) كلمة في الاتجاه الصحيح:
ضمن هذا الوضع المأزوم والذي يكاد أن يكون فريدا في إشكاليته وتأزمه عن باقي الأزمات التي خاضت غمارها اليمن، ضمن هذه اللحظة التاريخية التي تلقي بظلالها الكئيبة على راهِن ومستقبل الناس والأجيال في اليمن الذي كان يوما سعيدا.. ولحظة كهذه تتطلب بالضرورة ترجيح الحكمة وإفساح المجال للعقل الناجز الفعال كي يقود البصيرة إلى طريق تفضي للاقتراب والإمساك بخيوط المخاطر المحدقة بالوضع الذي نحن عليه كما تفضي إلى سبيل التصدي والمواجهة للمحنة التاريخية التي تعصف بالكيان الوطني كله، ضمن ذلك المشهد بحرائقه أتت مساهمة الأخ العزيز د.ياسين سعيد نعمان عبر مقالته المنشورة في جريدة “الشارع” يوم الأربعاء الموافق 12 نوفمبر 2014م تحت عنوان “بُقع البارود فوق جدارية الحلم بوطن”.
وهو عنوان يذكرنا بجدارية بديعة صاغها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، جدارية يذكر فيها مأساة الشعب الفلسطيني مأساة الوجود والإصرار عليه والعدم المبتغى فرضه عليه، مأساة الوجود والصراعات الذاتية الفلسطينية والعربية والدولية وتغول أنياب الصهيونية والإمبريالية العالمية واستشراسها لخنق الحلم الفلسطيني بوطن تماما كما يختنق حلمنا بوطن تحت لهيب ووابل الصراعات والتطاحن الداخلي المغذى خارجيا عبر قطع الرؤوس وتشويه مقاصد الشريعة ومفاسد التركيبة القبلية العسكرية وضعف وتشرذم النخبة السياسية والحروب والمواجهات الطاحنة التي تشنها طاحونة المصالح والقراءات الكثيرة والمتعددة المصابة بعمى الألوان وانعدام الرؤية الصائبة للمصالح العليا للوطن والمواطن، لتسود ضمن مشكل هذه الضبابية القاتلة لعنات العصبوية المريضة والمناطقية الضيقة وإشكالية المذهبية المتوترة والطائفية والسلالية المنتعشة وهشاشة الوجود الفعلي للدولة ليدفن الوطن بمعناه الجامع تحت أوزارها مما يفسح المجال أمام تسرب وانتعاش المشروعات دون الوطنية التي يسوقها الوسطاء وبائعو الأوهام والأحلام البراقة، ولتسود مفاهيم تجار المصالح المنتسبين لعباءة العولمة المهرجة بطابعها الاستهلاكي الاستفزازي أو المشاريع العائدة للسبئية المدفونة تحت حفائر التاريخ لا تقرأ ولا يرفع شأنها إلا عند الاحتياج أو ضمن منابر المشاريع الإسلاموية المرتدة أو مشاريع الأواني المستطرقة الآتية من كل حدب وصوب مع ما يتلامس مع هذه التوليفات من نغمات التعاون والإخاء مع الإشقاء أو دول الجوار مع ما يوظف معها قسرا من إشارات لعبة الخلافة الأردوغانية الطورانية ولا بأس أن يحدث المزيد من تشويه الصورة والمقصد عن تمدد النفوذ الشيعي، والعياذ بالله منه، وكأن بلادنا قد ولت عنها كافة المشاكل والأخطار ولم يتبق على الأرض والساحة إلا التمدد الشيعي الذي يمثله متغير أنصار الله، وتلك فبركة لن تمر، فالخطر ليس شيعياً ولن يكون الخطر الداهم هو استمرار منظومة الفساد المحتلة لبلادنا وخيراتها بالكامل، وتكاد تكون حركة 21 سبتمبر 2014م أولى المواجهات التاريخية لدك هذه المنظومة ومفاعيلها.
ضمن هذا المشهد الدرامي الدامي تأتي مقالة الأخ ياسين تشير للداء وتطرح رؤية للعلاج، وبضمن هذا السياق الملتهب تترنح على سطح الصفيح الملتهب المبادرة الخليجي ويتزواج معها اتفاق السلم والشراكة ضمن قرارات متضاربة لأطراف اللعبة السياسية وكل طرف له طريقة في القراءة والفهم، ومن ثم الخطوات الواجب اتباعها تبعا لذلك، من هنا تأتي أهمية مقالة العزيز ياسين التي تفيأنا تحت ظلالها نبحث مثلها بين الصخور وتراكماتها عن طريق للخروج الآمن قبل أن تقرع على رؤوس الأشهاد مدافع يمنستان الرابضة تحت إبط الكثير من المشاريع المدمرة، إما في صورة مواجهات ذات آثار مدمرة تريدها وتسعى إليها أطراف معينة، قالبة الطاولة على الجميع، مرورا بمشروع الأقاليم الستة كمخرج من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وهو مشروع دونه الكثير والكثير وحظه من المرور يسير جدا، وتقف الى جانب هذا المشروع (أي الستة الأقاليم) نظرة ذات أبعاد تمثلها رؤية الأخوة من أنصار الله، هذا ناهيك عن آلية السقوف العالية التي يرفعها الحراك الجنوبي السلمي الذي تناوله بالإشارة مقال الدكتور ياسين وبمسئولية تاريخية تدعو ضمن ما تدعو إليه أهمية وضرورة توحيد الاصطفافات الجنوبية وضمن رؤية ومقاربات يتحقق معها الوصول إلى قواسم مشتركة بين كافة الفعاليات الجنوبية وصولا للحل العادل للقضية الجنوبية عبر رفع السقف العالي للتفاوض مع الاستعداد المتوافق عليه لتسوية تاريخية شاملة للصراع اليمني وبما يحول دون تشظي الكيان الوطني بكامله تحت معاول الحروب وهشاشة مكانة الدولة الحارسة للمصالح العليا للوطن والمواطنين.
(3) الجدارية مرة أخرى:
ضمن سياق مقالة د. ياسين نجده ينتقل بعقل الفاحص الموضوعي وهموم المتعب المثابر وتطلع الحليم الباحث عن حلول وليس عن مناكفات ونرجسيات أو تلويحا وتصعيدا يفضي إلى مواجهات وحروب، نجده يطرح رؤيته عبر تحليل معمق للحالة التي وصلنا إليها (أسبابها ونتائجها وسبل الخروج من آثارها المدمرة)، نجده يقرأ ويفحص ويعدد ثلاثة عشر عنصرا تجوهر الإشكالية التاريخية للأزمة أو لنقل إنه ناجى ثلاثة عشر كوكبا عله يجد عبر أحد هذه الكواكب الطريق الهادي الذي يهدي الجميع إلى كلمة سواء لحل الأزمة اليمنية المركبة عبر طريق مستقيم، على اعتبار أن الخط المستقيم هو أقصر الطرق وأنضجها للوصول إلى الحقيقة.
رأيناه يغوص أعمق في باطن الأزمة ليجد الصعوبات كثيرة، بل ومعقدة ولكنها ليست بمستعصية على الحل إذا وجدت الإرادة الحية في قهر المستحيل وبين قهر المستحيل والواقع المليء بالتعقيدات ممثلة بالاستقطابات الحادة وهشاشة مكانة الدولة وغياب المؤسسية ولجوء أطراف الصراع السياسي إلى إهدار فرص الحلول التاريخية وتبديد موارد الحلول الممثلة بالعمل ضمن كتلة تاريخية لا يمزقها التخوين بين الفرقاء ولا يشتتها نصر المنتصر الكاذب الذي يخدع نفسه ويخدع شعبه، إذ هو عاجز عن حقيقة توظيف عوامل انتصاره في خدمة مشروع نهضوي حقيقي وليس استلابا لكرسي الحكم فقط سبيلا للوصول إلى الموارد وإهدارها وتشريدا وإقصاء وانتقاما من الآخرين، تلك كانت الصورة القاتمة التي جثمت على صدر البلاد طيلة العقود الخمسة السابقة.
ولعل د.ياسين سيتفق معنا على أن العلة المركبة التي أضعفت المشاريع السياسية المقتصرة أو تلك التي لم تمسك بمقاليد الأمور لم تكن تحمل في طياتها وفي لبناتها وأمهات أفكارها لأنها معادية أصلا للفكر وللإنسان معا ويحدوها فقط تطلع نحو إزاحة من على كرسي السلطة، مشاريع لم تكن في جوهرها تحمل قيما إنسانية وأخلاقية، لم تكن تحمل مشاريع لها أحلام وطن وإنسان حر يعيش عليه، هي مشاريع اغترابية يزيد بمقدمها اغتراب الإنسان وتحوله إلى مجرد سلعة في سوق السلطة الرخيص، مشاريع عابرة لا تهدف إلى مشروع دولة حقيقي يعيد الاعتبار للإنسان باعتباره مواطنا حرا، دولة المواطنة مازال حلما نبحث عنه جميعا، قرع الأجراس بشأنه الأخ د. ياسين في مقالته المذكورة... كل المشاريع العسكرية والقبيلية التي صاغت حياتنا على طريقتها لا تؤمن بالفكر وبالثقافة وبحرية التفكير، يؤمنون فقط بحرية عقد الصفقات وبتصفية الحسابات للمراحل، بينما تتطلب ثورة التغيير الإيمان بالإنسان أي كان موقعه في سلم الهرم الاجتماعي يملك نصيبا في الثروة دونما ابتذال لمكانته الإنسانية اعتمادا على منطق الجغرافيا الضيقة أو الأنساب التاريخية المعيق للمكانة الإنسانية على الأرض.
من هنا نقول ونعيد القول إن وضع الناس كسلعة في بزارات العطارة السياسية هو إلغاء للكرامة الإنسانية.
(4) جوهر الصراع الغائب:
أبدًا لم تكن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة كما رسمتها جدارية “بقع البارود” عملية مشاركة مجتمعية حقيقية كاملة الدراسة والاستعداد للانطلاق برؤى وأبعاد مرحلية واستراتيجية يمثل المجتمع بمشاركته الحية الضامن والضمانة التي تحول بين الإنجاز الحقيقي وهدر الموارد وتبديدها ومن انتكاسة عملية التراكم التاريخي المعبر الحقيقي عن حقائق التنمية من عدمه.
المراحل التاريخية في التنمية دمرها الغياب المتعمد لضمانات التنمية عبر وجود فاعل للدولة، دارت الصراعات المفتعلة حول استيلاء واستحواذ هذا الطرف أو ذاك مع المجموعة الدائرة في فلكه وذاك أمر صاحبه فتح الباب واسعا لظاهرة الفساد والإفساد والمنظومة المتكاملة التي تحيط بمعصم الدولة وتقيده، بل وتلغي وجوده الفاعل، ومن هنا كان غياب المفهوم التنموي لعملية تغيير في البنيات الهيكلية للمجتمع والاقتصاد بقطاعاته المختلفة ليظل دائرا ضمن حلقة التخلف والفقر والبطالة والاستلاب الداخلي والخارجي.
من هنا نفهم مغزى الحروب العبثية والثأرات والانتقامات التي تشنها أطراف الصراع والفساد على بعضها البعض تحقيقا لمآرب ومنافع تطيح بالدولة والمجتمع معا ليتحملا معا دفع أثمان تلك الحروب التي تتكرر أثماناً مضاعفة :
- حين يدفع المجتمع دماً وأبناء ومستقبل أجيال.
- حين يدفع المجتمع أكلافا اقتصادية مستمرة تتحملها الأجيال ويستفيد من رحيقها الأوغاد.
- يدفع الاقتصاد والوطن ثمن التخلف المضاعف والتأخر عن متطلبات العصر وتقنياته مع ما يصاحب ذلك من تزايد معدلات البطالة والفقر، وبعد ذلك يشتكون مع أقطاب العولمة الماكرة وفتح الأسواق الاستهبالية من تفاقم ظاهرة التطرف وانتعاش الداعشيات المتزايدة يشيرون للظاهرة ولا يحاربون ويواجهون الأسباب الحقيقية وراء نشأتها.
من هنا لم يفهم النظام السابق الذي لا يزال يسعى لركب الموجة للاضطلاع بمهمات تاريخية قادمة غير معترف بفداحة ما ارتكب وغير مستوعب أنه لم يعد مؤهلا ولا مرغوبا من مشاركته، فحروبه وآثامه لا تعد ولا تحصى، فمن تدمير الأوطان إلى تدمير الإنسان إلى تدمير ثقافة التواصل البناء بين اللحمة الوطنية التي جسدتها نضالات دمرها بطلقة دبابة، ومفسدة هنا، ورشوة هناك أدت بالنتيجة إلى تدمير البنيان الوطني وأحدثت معها شروخا غائرة من التكوين النفسي المجتمعي للوطن اليمني.
ولعلها من أخطر المسائل التي سيحاكمه التاريخ بشأنها يومًا ما، خاصة حين انتصر لنفسه كي يصفي حساباته ويوسع ممتلكاته، الانتصار على الشعب لا يمثل انتصارا ولكنه بداية النهاية للانحدار نحو القيم السفلى، إذ أن مفهوم الانتصار الحقيقي بعيد عن فلكلور الانتقام، إنما يمثل بداية المعركة مع كل الموروثات المدمرة الكامنة في العقليات المريضة بدءًا بالاستعلاء والنظر بدونيه للآخرين، هو بداية المعركة مع فيالق الفساد في التركيبة الاحتكارية وشبكات المصالح الاجتماعية والدولة والاقتصاد.
إن الانتصار في أي معركة والتي لم يفهمها المنتصرون في أي مرحلة، ونرجو ألا يقع فيها الأخوة في حركة أنصار الله وأظنهم يدركون ذلك تماما لذلك يحصنون أنفسهم ضد هكذا اتجاه حيث نعتقد أن المنتصر مهزوم إذا كان انتصاره جواز سفر للانتقام وتصفية الحسابات، المنتصر مهزوم إذا لم يحقق على الأرض ثمرات يجنيها الوطن والمواطن ويسهم في إنتاجها والحفاظ عليها، بل إن الصورة أبعد من ذلك فالنصر هو العبور الجديد نحو إلغاء صور البؤس والمحسوبيات ومنظومة ضمن رؤية واستراتيجية يخطط لضمان نجاحها عبر ضمانات دستورية وآليات ورقابة مؤسسية فعالة وغير شكلية تبتعد عن الممارسة الانتهازية التي نسعى فقط لإرضاء الحاكم تطلعا لتجسيد مواقعها على حساب الناس والوطن برمته.
إننا بحاجة للبحث بين الأدغال المضطربة عن حلول قابلة للتطبيق بعيدا عن المزايدات والمكايدات، حلول يقبلها الجميع في الشمال وفي الجنوب بعيدا عن الاغتيالات والإقصاءات وشراء الذمم، وقبل هذا وذلك الرفع من شأن الروابط الوطنية بين الناس بدلا من ثقافة الكراهية المناطقية عبر فعل سياسي غير مغامر وغير مستهتر يقود فعلا إلى السبيل السوي للدخول الجاد في مشروع بناء دولة المواطنة المتساوية الحائل الحقيقي دون اندلاع طيف الحرائق والمخاطر الحقيقية المحيطة بخاصرة الوطن جنوبه وشماله، والجميع مدعوون هنا للحيلولة دون اندلاعهما ودرء سيل المخاطر الإنسانية والاقتصادية المترتبة على ذلك الاندلاع الجامع الذي إن تحرك لن يهدأ إلا على رؤوس الجميع وبعدها لن تنفع لومة لائم.
وهنا يطيب لنا أن نجهر بالقول بعدد من الإشارات التي باتت تمثل ضرورة تاريخية على طريق الاستقرار الدائم ومنها:
1 - الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي ومن موقع المسئولية التاريخية التي يتحمل عبئها الجميع متعودون في مؤازرته في اتخاذ جملة من القرارات التاريخية في الاتجاه الصحيح بدءًا بتجديد النخبة الحاكمة التي يدير بها شؤون البلاد من دار الرئاسة، إلى جانب التقدم للأمام نحو إنجاز خارطة تحالفات سياسية جديدة على مستوى الوطن يتحقق من خلالها نزع فتيل عدم الثقة بين الأطراف كافة ووأد أية محاولات يشتم منها الإيعاز من أي طرف تقضي لمزيد من الانشقاقات والاستقطابات الحادة وأن يستعين بمركز دراسات ومعلومات وطني الطابع يساعده على اتخاذ القرارات التي تحول دون تمكن هذا الطرف أو ذلك من اللعب على التناقضات والزج بالبلد بالتالي في أتون مواجهات أي كان طابعها إلا المواجهة الجادة مع منظومة الفساد والإفساد التي تنهك الكيان الاقتصادي والسياسي للبلاد.
إن لمّ الشمل في هذه المرحلة وضمن رؤية واضحة يسابق بها الزمن من أكبر الهموم التي نرجو للأخ الرئيس النجاح فيها.
2 - الإخوة في أنصار الله كقوة دافعة على الأرض وكشريك وطني يجد فيه الكثير من أبناء الوطن نصيراً لقضايا العدل والحرية والسعي نحو تحقيق مبادئ التساوية هم بالذات مطالبون خلال المرحلة القادمة بالإفصاح بوضوح أكبر عن قضايا أربع مسكوت عنها وإن دار الحديث حولها فحديث خافت أو إشارات عابرة وهي مايأتي:
* تأسيس قاعدة للتواصل والعمل الوطني مبنية على أرضية وطنية يغادر فيها الجميع مفاهيم المناطقية والطائفية والمذهبية، وأن يرتكز مثل هذا التفاهم على منظور سياسي غير مقيد ومرتبط بأي اتجاه عقيدي مذهبي، وهي مقولة مرتبطة بالجميع وإثارتها في هذا المقام (والحديث جار عن الأخوة أنصار الله) إنما يأتي من إطار الحرص كي لا تستغل أية قوى لها مآرب أخرى للحديث عن تمدد شيعي وهو في اعتقادي حديث لا يضمر مصلحة للوطن ولكنه مسعى لخلط الأوراق من قبل قوى لا تريد الخير للبلاد.
* إن الرحلة نحو مستقبل أكثر وضوحاً ومع قوة الدفع والتضحيات التي يحملها الإخوة في أنصار الله لإنجازات 21 سبتمبر 2014م تتطلب بالضرورة الاستمرار بذات الاتجاه مع توضيح الصورة بجلاء بعدم وجود أية تحالفات استراتيجية أو نفعية انتهازية مع قوى النظام السابق.
* إن تعزيز متانة التحالفات الوطنية لمواجهة سيل الأخطار الماثلة التي يواجهها الوطن والتي قد أبدع الإخوة في أنصار الله في ضرب مرتكزاتها الأساسية تتطلب أشكالاً عملية لتجميع قوى المواجهة الوطنية مع ضروب القاعدة وقواها وهيكل الفساد ومنظومته، ومواجهة كتلك لن يكتب لها النجاح المجتمعي المرجو إذا استمر طابع التفرد والاستفراد من قبل أية قوة بعينها أي أن المهمات التاريخية بصعوباتها لن يستطيع أي طرف بمفرده إنجازها، وهذا ما يدعونا للتأكيد على ضرورة أن تبنى المشاركات ضمن رؤية متوافق عليها وطنياً ويشارك في تنفيذها طيف وطني واسع له مصلحة حقيقية في هذا المسعى.
* إن الإخوة في أنصار الله وبما يملكوه من قوة التأثير وبحكم الفترة التي أعقبت إزاحة مراكز القوى وإحداث تغيير حقيقي في قواعد اللعبة السياسية على المستوى الوطني سيكونون مطالبين بألا يكونوا السلم الخلفي الذي يعار من خلاله إنتاج النظام القديم تحت أي اعتبار أو مسمى.
* إن الخطاب الثوري للإخوة في أنصار الله مع التقدير الكامل له عليه أن يتحاشى الفصل بين جدليات الثورة اليمنية، فحركة 21 سبتمبر 2014م ليست إلا نتاجاً طبيعياً لتضحيات الأجيال والإنجازات لثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر وثورة 11 نوفمبر المنهوبة.
* الخطاب الموجه من الإخوة أنصار الله للقضية الجنوبية يقتضي الضرورة الإحاطة أولاً بمعصم هذه القضية المعقدة وتطلب موقفاً يخرجها من دائرة التجاذبات إلى واقع الإقرار الفعلي بالتناول السياسي للقضية يكون جذرها الأساسي تحديد كيفية التعامل مع مطالب الشعب في الجنوب بعيدا عن الانحياز من قبل بعض أي أطراف هنا وهناك شمالاً وجنوباً.
تلك كانت هموم أيقظها فينا حريق البارود وبقعه السوداء التي أشار إليها مقال د.ياسين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى