معلم متقاعد مع وقف التنفيذ

> رباب محمد فرحان

> قابلت معلما كان يدرسني في المدرسة الثانوية تجاوز الستين من عمره، سألته عن حاله وكان يبدو على محياه المرض أراني في يده كيساً مليئا بالأدوية فقد كان يعاني من أمراض السكر والقلب والكولسترول والروماتيزم.. رد عليّ قائلاً: كما تشوفين يا ابنتي أنا مريض، فقير، ووضعي الوظيفي معلق بين السماء والأرض، كمن يعاني سكرات الموت لزمن طويل، لم ترضَ روحه أن تطلع إلى بارئها فيرتاح، ولا هو برأ من مرضه فيحمد الله، فأنا متقاعد مع وقف التنفيذ.
سألته.. كيف تسير أمورك المالية؟ امتقع وجه، تجمدت الدماء في عروقه، أصفر لونه وبدأ يرتعش، تمنيت لو أني لم أسأله ذلك السؤال الغبي، حاولت تدارك الموقف، أخذت رأسه وقبلت جبهته، فعاد إليه هدوءه.
أكمل: إن حياتي لم تصبح جحيما فقط، ولكنها أصبحت عبثاً وضياعاً، تمنيت الموت فقط ليتوفر لأبنائي ما أصرفه من راتبي مقابل الدواء الذي أشتريه شهريا، والله لولا أنني أخاف الله، ولولا أن الانتحار جريمة يعاقب عليها الخالق بالخلود في النار، لأقدمت على الانتحار منذ أمد، وقد عملها للأسف بعض أصدقائي، وبعضهم مات كمداً وقهراً بالسكتة الدماغية والقلبية، وكثير منهم أصابته الجلطة أو الشلل.
لم أستطع أن أخفي غضبي وحزني فنزلت دمعتي على خدي، فتشت في حقيبتي ولم أجد فيها غير خمسمائة ريال من حطام الدنيا فأخذتها وأعطيتها إياه، تمنع في البدء ولكن تحت إلحاحي قبل منكسرا ثم ودعني ومشى إلى حال سبيله، وقفت متسمرة لحظات في مكاني لا أعرف ما أفعل وأين أسير فقد أظلمت الدنيا في وجهي، وتساءلت أهكذا يتم مكافأة من أفنى زهرة شبابه في تربية الأجيال.
**رباب محمد فرحان / عدن**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى