تـعـز بـانـتـظـار الـفـجـر.. فـهـل مـن تـسـويـة تـاريـخـيـة؟

> تقرير / محمد العزعزي

> مازالت محافظة تعز تنتظر الجديد في ظل المتغيرات الجديدة.. هذه المحافظة الجميلة التي تعتبر رأس اليمن المفكر والثائر فإن تحركت وثارت هزت الدنيا، وإذا تحدثت سمع العالم لأنها القلب النابض والعمق الإستراتيجي، لقد شهدت فترة حكم صالح الذي مارس ضدها أبشع صنوف الظلم، وهي كبقية المدن والقرى والحواضر اليمنية التي رزحت في أتون التخلف والعبودية، والقهر والإذلال والاستبداد فكان لتعز النصيب الأوفر في التمييز العنصري المقيت والإذلال، والقمع والإرهاب وحرق الأرض والإنسان ونهب دماء ودموع وعرق الناس على حساب لقمة العيش كي يرسخ الحكم العائلي العصابي الموسوم بالنرجسية والجهل والغباء، ونشر ثقافة القتل والإبادة لكل جميل وعظيم فظُلمت تعز طيلة الحكم النازي الحاقد على رجالها وحرائرها فأذاقهم صنوف العذاب، لكنها تعز التي لا تستكين وإن كسرت يوما سرعان ما تعود للحياة، ومنها يتم التغيير وقلب الموازين على المستبدين.
أخي القارئ استطلعت بعض الآراء عن تعز، فكانت الإجابات متباينة على النحو الآتي، فكن معنا.
**تعز المظلومة**
سألنا أولا الكاتب إدريس الشرجبي أين تكمن مظلومية تعز؟ فأجاب قائلا: “إن غياب التنمية العادلة لجميع محافظات الجمهورية يعد من أبرز مظالم تعز وغيرها، ولا أرغب في التحدث عن أية مظالم أخرى حتى لا يتحول الحديث فيها إلى إغراق في الطائفية التي لا أمقت شيئا مثلها، فقد تحول بعض المطالبين بمظلومياتهم إلى دعاة للطائفية المقيتة، ولا أريد لنفسي الوقوع في هذا المستنقع، إلا أن محافظة تعز لم يكن حرمانها للأسباب التي سبق ذكرها وحسب، بل إن ممارسة الطائفية المذهبية من الحاكم وبعض المسئولين الفاسدين والطائفيين شكل عاملاً رئيسيا، وقد أدرك أبناء تعز ذلك في وقت مبكر قبل الوحدة المباركة، فقد لمس ذلك كل من كانوا قائمين على متابعة مشاريع التنمية والتطوير من أبناء تعز عند تمحيصهم أسباب رفض المشاريع التي يطالبون بها وتبين لهم الممارسة الطائفية المضمرة تجاههم، بل والمعلنة بوقاحة من قبل بعض المسئولين في بعض الأوقات، وجاءت الوحدة واستبشر أبناء تعز خيرا إلا أن ممارسات التهميش لهذه المحافظة استمرت بل ارتفعت، خاصة بعد حرب 94م، كما ساعد على ذلك سقوط عدد من أبناء تعز في براثن الحاكم الفاسد المستبد، وتم شراؤهم بالأموال الفاسدة، وتحولوا إلى مدافعين وموالين للنظام، بل إن بعض مثقفيهم تحمل وزر الدفاع عن النظام الفاسد حتى الرمق الأخير.
**التهميش مستمر**
وفي السياق ذاته قال سعيد محمد عبدالملك: “تعز مثل فلسطين هناك مستعمر وهنا تهميش مستمر.. تعز سفر من الأحزان والآلام إذا قلبناه ننكأ الجرح الدامي في قلوبنا فلا تقلب أوجاعنا”.
أما الشاب ياسين سيف فقال: “من أجل توفير فرص عمل كافية للعاطلين عن العمل، والحد من البطالة وتوفير برامج الضمان الاجتماعي والصحي، وتقديم المساعدات المالية للفقراء واستقرار حياتهم، وزيادة رفع معدل دخلهم، وبناء مساكنهم بمواصفات عصرية، وتحقيق مزيد من الثراء، قام التحالف القبلي العسكري بخلق الحروب والاضطرابات والقلاقل والمحن والفتن والمشاكل والصراعات لتحقيق أهدافه.. فاكتوت تعز بظلمهم وظلامهم رغم التضحيات التي قدمتها وكأن شيئا لم يكن.. ويجب على أبناء تعز قلب الطاولة على الطغاة والانتصار لقيم العدل”.
محمد محمد إبراهيم قال: “إن من ظلم تعز مراكز القوى، والخلاص منهم هو إنصاف لتعز ولباقي المحافظات، وهي تمثل نموذجا لاستلاب تاريخي لحقوق بشرية وكرامة إنسانية”.
أما محمد مغلس فيؤكد “حين يتعلق الأمر بتعز نصبح أكبر عنصريين ومناطقيين - رغم قوميتنا - وعلى استعداد للوقوف والتصدي لكل من تسول له نفسه العبث بمدنية المدينة وطابعها الحضاري والسلمي حتى لو كلفنا ذلك التضحية بالنفس، وهذه حقيقة يجب أن يدركها الجميع، فتعز وطننا المصغر الذي لن نتخلى عنه، ولن نسمح بأن يعيش أبناؤه تحت الوصاية، ومن مدينتنا سيكون النصر لليمن ولمشروع الدولة المدنية الحديثة”.
أما عبدالسلام علوان الأديمي فرد بالقول: “رغم إنني أكره التفكير المناطقي، ولكن تعز هي حاضرة اليمن، ونعم على مدى ثلاثة وثلاثين سنة حرمت المدينة من كل شيء وزادت المظالم فيها وفق خطة ممنهجة قادها صالح ومن معه من سفهاء تعز انتقاما وتحقيرا لدورها بطريقة غير مباشرة، ويمكن أن انعدام المشاريع في تعز على مدى السنوات الماضية وأقلها تأسيس الجامعة، هو بسبب أن كوادرها يخدمون خارج المحافظة”.
وأشارالشاب موسى علي حسن قائلا: “تعز جزء لا يتجزأ من وطن، وهناك بعض القضايا التي تختلف من مكان إلى آخر، والمشكلة بالمشايخ، فقضية عبدالله عبدالعالم ماتزال معلقة لم يبت النظام الحالي فيها”.
إلى ذلك قال عبدالله عبدالقادر الأصبحي: “تعز لها قضية منذُ زمن ويجب على أبناء تعز التكاتف والتعاون.. القضية كبيرة منها: الإقصاء والتهميش والتسريح من الأعمال في المناصب العليا، وإفراغ المؤسسية العسكرية من الكفاءات الوطنية والمدربة واغتيالهم والزج بهم في السجون، والخبرة الاقتصادية، ورجال الأعمال، وتدمير البنية التحتية من طرق وتعليم وصحة ومياه”.
من جانبه عبر الشاعر نبيل الحكيمي بقوله: “تعز كبقية المحافظات من حيث الظلم، ولكن أبناءها يشعرون دائما بأنهم مظلومون أكثر، ولكثرة المتعلمين.. كل واحد يشعر بأن حظه دون الآخرين.. لأن كلا لا يرى إلا نفسه ولا يريد إلا لنفسه.. مع استثناء قلة عفيفة تكتفي بالشعور بالإحباط”.
وعند سؤاله هل تغنيت بتعز في قصيدة؟ رد: “أكيد، وشاركت في مهرجان دولي للشعر بالمغرب بقصيدتين واحدة عنوانها (قصيدة تعز)، وفيها تفاصيل عن تعز التاريخ والجغرافيا والإنسان والمناخ.. إلخ”.
**قضية تعز**
البعض يقول إن تعز مظلومة.. وآخرون يرون أن تعز قضية.. فيما البعض يرى أنها ليست مظلومة.. وبين هذا وذاك هل بالفعل هذه المحافظة وأناسها بحاجة إلى تسوية شاملة؟ فكانت الإجابات كما يلي:
يوسف الغوري قال: “مظلومية تعز تكمن في الإقصاء والتهميش، وهي تحتاج إلى استثمارات عملاقة تستوعب العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات لامتصاص البطالة المتفاقمة مظلومة تعز تتمثل بتوفير مياه الشرب النقي فالأمراض بالكلى وفيروس الكبد والملاريا وحمى الضنك بسبب التخزين السيء للمياه.. وانعدامه من الخزانات والمواسير مظلومية تعز تتمثل بغياب القيادة الفاعلة لبلورة موقف وطني من يحدث في البلاد باعتبار تعز وما تمثله من عدد سكاني هائل يجعلها الثقل الموازن في كل الملتقيات الوطنية.. مظلومية تعز تتمثل في إبعاد المتسلطين على المحافظة بمظاهرها المسلحة التي تحاكي التعصب القبلي الحاصل في إقليم أزال، وقد اثبتت الأحداث فشل التمترس خلف السلاح، ويجب الانتصار لروح القانون، فهو الذي يؤطر للدولة المدنية المنشودة”.
وأجاب رمزي العزعزي بقوله: “الموضوع رائع جدا أما بالنسبة لتعز فالكلام يعتبر قليلا في حقها، لأن تعز قدمت للوطن كل شيء، وللأسف لم تجن شيئا مما قدمته خلال المراحل الماضية”.
**خاتمة**
لقد همشت تعز طويلا، ومنها الشمايتين في العهود الماضية فقاست الظلم وتشريد أهلها بالقتل والإبادة، وعانت تعز ورموزها الوطنية من نهب ثرواتها، وتغييب البعض في غياهب السجون وتدمير معالمها الأثرية فعانى الكثير منهم ولم ترد لهم المظالم.
فمتى يكون الإنصاف ورد الاعتبار لهذه الرقعة الجغرافية الزاخرة بالعطاء والإبداع.. نأمل من الحكومة القادمة الإمعان والنظر في هذه الحيثية وإعادة ما كسر خلال العهد البغيض الذي جثم على صدر هذه الأمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى