السكان في شمال سيناء يدفعون ثمن الحرب على الإرهاب

> العريش «الأيام» منى سالم

> طلقات تحذيرية في الهواء على مدار اليوم، اتصالات مقطوعة معظم الوقت، حظر تجوال لمدة 14 ساعة يوميا، ازمة وقود تفرض انتظارا طويلا امام محطات البنزين: هكذا يدفع سكان العريش ثمن “الحرب على الإرهاب” في شمال سيناء.
وقع أول اعتداء كبير على الجيش في شمال سيناء في عهد الرئيس الإسلامي محمد مرسي عندما قتل مسلحون 16 جنديا في الخامس من أغسطس.
ولكن السلطات المصرية أعلنت “حربا على الإرهاب” منذ أكثر من عام عندما تصاعدت الهجمات على الجيش والشرطة موقعة عشرات القتلى في شمال سيناء وهي اعتداءات تبنت معظمها “جماعة أنصار بيت المقدس” مؤكدة أنها تقوم بها انتقاما لإطاحة مرسي في يوليو 2013 وللقمع الدامي لأنصاره.
غير أن حالة استنفار قصوى لقوات الجيش أعلنت عقب اعتداء أسفر عن مقتل أكثر من 30 عسكريا في منطقة كرم القواديس في 24 اكتوبر الماضي.
ويخيم التوتر والقلق بوضوح على المدينة المطلة على البحر المتوسط التي كانت في ما سبق مصيفا يرتاده سكان القاهرة ويقطنها قرابة 170 الف نسمة باتوا منذ هذا الهجوم يعيشون في ظل حالة الطوارئ ويلتزمون بحظر للتجوال منذ الخامسة مساء وحتى السابعة صباح اليوم التالي.
ولا يخفي أهالي العريش تململهم من أوضاع معيشية باتت بالغة الصعوبة يضاف إليها شعور دفين تشكل على مدى عقود بالتهميش.
وكان الغضب واضحا في المدينة الأربعاء الفائت غداة اكتشاف سيارة مفخخة وقيام أجهزة الأمن بتفجيرها وسط حي سكني ما أدى إلى إصابة عشرة اشخاص على الأقل إضافة إلى أضرار مادية في المنازل والمحلات المجاورة.
ويتداول سكان المنطقة التي وقعت بها هذه الحادثة رواية واحدة: قام الأهالي بإبلاغ قوات الأمن عن وجود سيارة مريبة مغطاة لا يعرف صاحبها قرابة الساعة الخامسة عصرا وبعدها بأربع ساعات تقريبا قامت الشرطة بتفجيرها.
ومثل كثيرين غيره يتساءل وائل الذي كان يتفقد موقع التفجير وما خلفه من دمار لواجهات المحلات والمنازل في الشارع الرئيسي المحاذي للبحر “لماذا انتظرت قوات الأمن كل هذا الوقت ثم فجرت السيارة في مكانها وسط المنازل والمحلات، لماذا لم تفكك القنبلة او تنقل السيارة في مكان آخر قبل تفجيرها”.
وعبر وائل عما يشعر به قسم كبير من سكان العريش بشان جدوى الوجود الكثيف للجيش والشرطة بقوله “اذا كانوا غير قادرين على حمايتنا، فلماذا جاءوا؟ ليرحلوا وليتركوا الأهالي يتدبرون أمورهم بأنفسهم مع الإرهابيين”.
وبكلمات أكثر حذرا يقول تاجر في العقد السابع من العمر طلب عدم الإفصاح عن هويته “لعلهم (الجيش) ينجحون في الوصول إلى الإرهابيين، لا أعرف كيف يعملون ولكني لا اعتقد ان لديهم معلومات أو مصادر للمعلومات والأهالي يخافون من التعاون معهم خصوصا بعد ان تم قتل عدة أشخاص كانوا يمدون أجهزة الأمن بالمعلومات”.
وكان يشير إلى العثور على جثث ثمانية اشخاص “مقطوعي الرأس” في شمال سيناء في اغسطس الماضي وتبني انصار بيت المقدس إعدام أربعة منهم.
ويتابع الرجل الذي يحمل وراءه خبرة سنوات طويلة عايش خلالها الاحتلال الاسرائيلي لمدينته ما بين عامي 1967 و1979 “الاسرائيليون عندما يرغبون في تصفية شخص، يستهدفونه في عملية دقيقة تؤدي إلى مقتله وحده من دون ان يمسوا من يجلس بجواره، لماذا لا يستخدم الجيش المصري نفس الأساليب؟”.
وللتململ أسباب جلية لا تحتاج إلى عين فاحصة: الاتصالات الهاتفية وشبكات الانترنت تقطع كلها بشكل عام طوال ساعات النهار من أول ضوء حتى آخر ضوء وأحيانا تقطع كذلك في ساعات الليل ما يؤدي ليس فقط إلى صعوبة التواصل الاجتماعي وانما أساسا إلى تعطل الأعمال في مدينة يعمل قطاع كبير من سكانها في التجارة.
وإذا كان الأهالي اعتادوا على قطع الاتصالات منذ إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي وبدء عمليات عسكرية للجيش في شمال سيناء فإن حظر التجوال فرض مزيدا من القيود على أعمالهم وحياتهم اليومية.
وابتداء من الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف يهرول الجميع للعودة إلى المنازل قبل سريان الحظر فالجيش والشرطة لا يمزحان ويبدان في اطلاق طلقات تحذيرية في الهواء بمجرد ان تقترب عقارب الساعة من الخامسة مساء.
وواقع الأمر ان سكان العريش يسمعون دوي الطلقات صباحا ومساء. فمصفحات الجيش والشرطة تتجول مسرعة ليل نهار في المدينة التي أغلقت العديد من شوارعها بتحصينات رملية وأسلاك شائكة وخصوصا قرب مراكز الشرطة ونقاط تمركز الجيش.
كما توجد أكمنة ثابتة في عدة مناطق ولا يتردد الجنود المتواجدون فيها في إطلاق النار في الهواء إذا حدث أي شيء حتى لو كانت مشاجرة بين راكبي سيارات أدت إلى اختناق مروري لبضع دقائق.
وقرب أحد مراكز الشرطة في ضاحية المدينة وضعت لافتة كبيرة أمام التحصينات التي تغلق الطريق كتب عليها “ممنوع الاقتراب، سيتم إطلاق النيران”.
ومنذ عدة أيام، أضيفت مشكلة جديدة لأهالي العريش بسبب نفص وقود السيارات الذي يضطر أصحابها إلى الانتظار في طوابير تصل في بعض الأحيان إلى أربعة كيلومترات أمام محطات البنزين.
وقال صاحب إحدى هذه المزارع رافضا ذكر اسمه “اقتلعوا الأشجار لأنهم يعتقدون أن المسلحين يختبئون بها بعد تنفيذ هجماتهم”.
ويضيف “انخلع قلبي على هذه الأشجار ولكن عندما ارى الناس تموت على شاشة التلفزيون اقول ان اي شيء يهون طالما انني واسرتي بخير”.
غير أن القلق والحذر في العريش ليسا حكرا على الأهالي. وبحسب مسؤول في المدينة فإن القيادات الأمنية لا تستطيع التحرك “وأسرتها داخل مكاتبها”. ا.ف.ب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى