حكاية أغنية.. با تحمم على شاطي البحيرة

> عياش علي محمد

> افتقد الأستاذ حسن أفندي، وهو الذي تتلمذ على يديه الأمير أحمد فضل القمندان، افتقده القمندان لطول غيبته في الحسيني، فأرسل له قصيدة عتاب، ورد عليها القمندان بقصيدة جوابيه يقول فيها للأستاذ حسن أفندي:
أنا غبت عنكم في الحسيني أو بأرض نائية
إن القلوب كما نريد المودة باقية
لكن الأستاذ حسن أفندي طال به الانتظار، فاضطر إلى الذهاب للحسيني بنفسه حتى تهدأ نفسه، ويعرف سبب غياب القمندان عن مجلسه في الحوطة. ذهب الأستاذ حسن أفندي إلى الحسيني وبهرته أجواء الحسيني ورأى أشجار الفنص والجامبو محملة بالثمار (فالفنص) فاكهة تظهر في جذع الشجرة، والجامبو فاكهة تشبه فاكهة (العباسي) بيضاء اللون وحلوة المذاق.
وعندما قابل حسن أفندي القمندان سلم عليه وخاطبه قائلاً:
“في الحسيني من الفواكه كثيرة
والفنص والجامبو جاد خيره
يا سقي الزهر في تلك المطيرة
والغصون الراوية في الخضيرة
باتحمم على شاطي البحيرة”.
أعجبت القمندان تلك الأبيات ورأى فيها مطلعا لقصيدة رائعة، فأمر الفرقة الفنية بقيادة الفنان فضل محمد اللحجي بأن يخرجوا من المسبح حيث كانوا يمضون وقتهم في السباحة (مسبح القمندان في الحسيني) ودخل هو والأستاذ حسن أفندي والفرقة الفنية إلى حجرة الضيوف في بيته بالحسيني، وأجلسهم وطلب لهم شيئًا من الفاكهة يأكلونها، بينما انفرد هو مع نفسه في (مخدعه) وقال لهم سأكمل وأتمم ما جاء من أبيات الأستاذ حسن أفندي.
ولم تمض دقائق حتى خرج القمندان من مخدعه ليقرأ لهم باقي أبيات القصيدة التي تقول:
“والسواقي مناظرها نظيرة
ونسيم الصبا شاذي عبيره
يا سحب طالعة من حيد صيرة
موسم الخير بالساعة مطيرة
يا عرب في عدن جنوب الجزيرة
قسما والصافنات المغيرة
ما أترك الهركلي مولى الظفيرة
بايقع في الهوى شدة بكيرة”.
ثم تلحنت هذه القصيدة في حينها.. وغنتها فرقة الفنان فضل محمد اللحجي كأروع ما يكون من لحن جاءت به الصدف التي حلت بين الأستاذ حسن أفندي والقمندان.
شيء واحد عكر مزاج القمندان، وهو مجيء رجل يدعى (ناجي) وهذا ليس اسمه الحقيقي، جاء إلى الحسيني ومعه ابنه يقطر رأسه بالدم، فنادى القمندان أن يرى ابنه المكسور رأسه كي ينصفه من الذين كسروا رأس ابنه.
قال له القمندان ماذا بك يا ناجي؟
رد عليه تفاحة ابن العبد حقك كسر رأس ابني، نصحه القمندان أن يسرع لإسعاف ابنه إلى المستشفى ثم يأتي ليتعرف على مشكلته.
ناجي لم يقتنع بهذا الأمر وقال للقمندان: أنا أشتي أكسر رأس ابن العبد حقك كما كسر رأس ابني.
قال له القمندان: اذهب بابنك إلى المستشفى وضمد جرحه ثم تعال وبا نشوف أيش بانفعل.
أصر ناجي على عدم مبارحته الحسيني حتى يرى دم ابن العبد يسيل على ثيابه.
عند هذا الموقف نهره القمندان وقال له: ليس عندي أبناء عبيد، وأرجوك أن تحسن ألفاظك وخذ ابنك إلى المستشفى ما لم سآمر بسجنك في الحال إذا لم تغادر الحسيني.
عندها ذهب ناجي متحسرًا على عدم الانتقام لابنه.
ومع ذلك أرسل القمندان سيارته لتتعقب (ناجي) وتنقله إلى المستشفى هو وابنه، وأمر سائق سيارته إذا امتنع ناجي عن إنقاذ ابنه فعليه أن يضع ناجي في السجن، أما الطفل فيذهب به إلى المستشفى لتلقي العلاج ومن ثم توصيله إلى بيته.
وهكذا أحبت لحج القمندان والقمندان أحبها، لأنه كان مدافعًا عن الصغير قبل الكبير وحلف أمام الناس أنه لم يخلق بعد من يجرؤ على إهدار كرامة أي واحد من أبناء لحج ما دام هو على قيد الحياة.
**عياش علي محمد**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى