عدن في عيون الشعراء (3)

> د. عبده يحيى الدباني

> ويكشف الشاعر الدكتور عمر علوي بن شهاب عن أن هذه العدنيات نسجت على منوال القصيدة الأولى للشاعر الأستاذ عبد الصاحب مهدي علي من العراق الشقيق، فهي التي أثارت الشعراء ليكتبوا هذه العدنيات الهائية ردًا وتأثرًا ومطارحة وتفاعلاً، فالشعر عادة يبعث الشعر والشجى يبعث الشجى كما قيل.
يقول الشاعر مخاطبًا الأستاذ صاحب القصيدة الأولى:
أستاذ شاقك ساحل إذ هاجني وجد إلى
مغنى ربا دجلاها
إن أنس لكن تلك أوقات مضت
في بابل الفيحاء لن أنساها
فيها لي ابتسم الزمان وأنني
لم آلفه إلا يردد آها
وإلى الآن لم يذكر أي من الشعراء جانبًا مهمًا في حياة هذه المدينة الاستثنائية ألا وهو سيرتها النضالية والكفاحية، لقد استهلك السياسيون هذا المعنى، فعزف عنه شعراء العدنيات، بيد أن شاعرًا واحدًا فقط طرق هذا المعنى، وهو الأستاذ الدكتور علوي عبد الله طاهر حيث يقول:
روعت داهية الخطوب مقاوما
أعداءها متمترسا برباها
ووثبت للأمر العصيب منفذا
أمر الإله محررا إياها
وقد أدليت أنا – العبد الفقير إلى الله – بدلوي في هذه المطارحة الشعرية، ولكن الغريب في الأمر – ولا غرابة في عالم الشعر وقراءته – أن قراءتي لبعض مقطوعات أساتذتي وزملائي حين ذاك جعلتني أنقدها شعرًا، وأصفها بعدم الغوص في الأعماق، وبأنها أهملت معاناة المدينة وأهلها، واقتصرت على الغنائية والاحتفالية حتى كادت تكون ترفًا فنيًا عاطفيًا، وهذا يبدو متناقضًا مع ما قلته هنا نثرًا من انطباعات وتعليقات.
وهذه بعض أبياتي:
عدن بها اللحن الجميل تباهى
أهدى إليها حلية وكساها
لكنه لم يستقر بأرضها
قد كان طيرًا سابحًا بمداها
وكذا:
عدن الخصوبة والجمال وإنما
ذاك الجمال هو الذي أشقاها
فلرب حسن قد أضر بأهله
ولرب قبح قد أعز جباها
إلى أن قلت:
أحرى بها ألا تظل غزالة
مادامت الأسد تجوب رباها
لكنما عدن ستبقى حلمنا
وغدًا سيطلع فجرها وضحاها
وكنت صادقًا في انطباعي عن القصائد شعرًا ولم أتحامل، كما لم أجامل أو أبالغ فيما قلته عنها نثرًا، لأنها في مجملها تحتمل الأمرين معًا على ما يبدو بينهما من تناقض فضلاً عن اختلاف القراءة واختلاف زمنها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى