مريم.. وحلم لقاء مُحال لأخ رحل

> كتب/ فردوس العلمي

> لعنة الحروب في أي زمان ومكان لا تصيب إلا البسطاء فتترك آثارها الفادحة على محياهم، فبعضهم يموت كمدا لا يتحمل غياب حبيب وعزيز ضاع في متاهات الحروب والبعض مازال يراودهم الأمل بعودة حبيب غيبته الحروب وبعضهم يعيش في دنياه فاقد الأمل بعد فقدان أعز الناس لديه وبعضهم يؤمنون بالقضاء والقدر ويحتسبون فقيدهم شهيدا عند الله، وبعضهم من هول الصدمة يفقد عقله ويعيش ما تبقى من عمره في تنائي لحظة فراق مر بها بكل ألمها، ومثال على ذلك الخالة مريم الصبيحية.
بين عامي 2008 - 2014 ست سنوات كاملة مرت منذ أن كتبت عن الخالة مريم، قبل شهر قادتني الأقدار إليها فلقائي بها في عام 2008م كان صدفة أوجعتني فكتب القلب عنها ليبكي القلم على سطور الورق في حينها لحالة تعيشها الخالة مريم بكل حقارات البشر، وكأننا لم نعد مسلمين، أنينها أوجعني وحالها أبكاني خاصة وأن لها أهلا متواجدين في نفس المدينة لكنهم لا يبالون بها وفي 2014 قادتني الصدفة مرة أخرى إليها أثناء تغطيتي في منطقة العيدروس لحادث مقتل الشاب أكرم بحثت وسألت عنها ووصلت إلى منزلها رأيتها تجلس في مخدعها بصمت وملامح النظافة واضحة عليها ما عدا الروائح النتنة في الغرفة رغم نظافة الغرفة، في عام 2008م حين كتبت عنها في صحيفة «الأيام» قبل إغلاقها قام أهل الحي بعمل مبادرة نظافة لمنزلها وتبرع فاعل خير لها بترميمات خفيفة للمنزل ومبلغ شهري عبارة عن 10.000 ريال (عشرة آلاف ريال شهرياً) وآخر تبرع لها بفراش وسرير خشبي.
في زيارتي الثانية إليها لم أجد في غرفتها سريرها الذي تبرع به فاعل خير، فقصدت المرأة التي ترافقها وتعتني بها (جزاها الله خيرا) فالله عز وجل لا ينسى أحدا من عباده، فبعد أن تخلت عنها أسرتها احتضنتها هذا المرأة وعاملتها بلطف ورحمة، وكان غرضي معرفة أين ذهب السرير؟ من باب المتابعة ليس إلا، قالت لي “خفت عليها من السقوط من السرير خاصة أنها عمياء وتنام لوحدها فأخذت السرير وتركته وقفا لله لها أعيره لامرأة نفاس أو مريض بحاجة إلى سرير صدقة، كما عملت على إغلاق باب الغرفة المودي إلى خلفية المنزل تجنباً لأية مشاكل قد تحصل وخوفاً عليها من لصوص الليل وحتى لا يكون وجود السرير مطمعا لضعاف النفوس، حين يسدل الليل ستاره وتظلم الدنيا”.
كما سعدت بأن فاعل الخير الذي تبرع لها في عام 2008م لم يقطع مكرمته، جزاه الله كل خير، ومازل يدفع العشرة آلاف كل شهر.
وقفت أمام باب منزل الخالة مريم سلمت عليها لم ترد كانت شاردة الذهن في حالة انتظار وترقب لمن لا يحضر، أحسست من ملامحها أن صوت الصراخ يتردد في داخلها بحنين مؤلم، وكأنها تقول اشتاق إليك يا عبدالله، فحياتي من غيرك انتظار وفراغ موجع، أتعلم يا عبدالله كيف حياتي من دونك، مازلت قابعة على مدخل بابي انتظر قدومك ليفرح قلبي.. مازلت أناديك ياعبدالله ياعبدالله، وأسال حد شاف أخي عبدالله؟
قال لي بايروح البقالة واتأخر.
قهري عليك يا خالة مريم.. مازالت تعيش حلم اللقاء، رغم استحالته.
**كتب/ فردوس العلمي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى