مناطق البكري بردفان لحج..بين قساوة الطبيعة وتجاهل الجهات الرسمية

> تقرير/ قائد نصر

> تتعلق منازل ساكنيها على قمم الجبال الشاهقة، وشعابها المنتشرة بين ثنايا جبال البكري ناطحات السحاب، إنها مناطق أرض البكري، إحدى أشهر وأعلى المناطق وأشدها وعورة في ردفان بمحافظة لحج، يبلغ ارتفاعها 1800م، عن مستوى سطح البحر، هنا يستوقف الزائر جمال الطبيعة والمناظر السحيقة، إلا أن هذا الارتياح تكدره مرارة العيش، وغياب الخدمات الأساسية عن السكان الذين يقاومون لأجل البقاء بشتى الوسائل البدائية الممكنة.
في رحلتنا الاستطلاعية إلى ساكني جبال البكري العليا بردفان للاطلاع على جمالها وما تزخر به من مكنونات الطبيعة الخلابة والآسرة، والتعرف على منطقة كان لها ولأبنائها دور كبير في مقاومة الاستعمار البريطاني، فوجئنا بما لم يكن في الحسبان، حيث لا شيء يدل على تواجد الدولة.
في أسفل جبل هذه المنطقة هناك شبه خدمات، غير أن الصاعد للأعلى يرى اختفاء الدولة فيه وخدماتها تماماً من تلك المناطق وهي: (ظاهرة البكري، والسبابة ودبسان، وأيمن السفلى والعليا، ومسك، ومعربان) جميعها تتشاطر مرارة وشظف العيش، ويتقاسم أبناؤها المعاناة ذات العمر الطويل دون أن تلوح أمامهم بارقة أمل حتى اللحظة.
في هذه المناطق لا توجد طرقات معبدة، أو خدمات صحية، بل أن أبرز ما يعاني منه السكان هي خدمة المياه، لغياب المشاريع الخاصة بها، الأمر الذي يضطرهم إلى استخدام مياه الأمطار للشرب والتي عادة يجمعونها في مواسم تساقطه.
لقد كانت هذه المناطق الجبيلة تشتهر في الماضي بزراعة البن ذي الجودة العالية، غير أن هذه المحاصيل الزراعية اختفت من المنطقة نتيجة لشح المياه وندرة تساقط الأمطار.

خالد سعد البكري تحدث عن معاناة أهالي المنطقة بالقول: “كما ترى أمام كل منزل سدا (حاجزا مائيا) لتجميع مياه الأمطار خلال فصل الصيف، وذلك بغرض الاستفادة منه في الشرب والاستخدامات المنزلية.
ويضيف: “كان لدينا مشروع مياه منذ العام 1984م، وقد غطت حينها شبكته كافة مناطق وقرى البكري بالذات، غير أن هذا المشروع لم يدم طويلاً بسبب انهيار المشروع عقب محاولات توسيع الآبار التي يستهلكها المشروع، ومنذ العام 1990م فقدنا الأمل في إمكانية إعادة مشروع المياه، والذي توقف تماماً عن العمل والضخ، رغم أن مركز المشروع هذا يقع في وادي صمعان المعروف بغزارة المياه الجوفية”.
**الاعتماد على مياه الأمطار**
لجأ سكان هذه المناطق إلى استخدام مياه الأمطار على مدى العام كمصدر وحيد للشرب والغسيل وسقي الماشية، رغم ما يسببه ذلك الماء من أمراض بين المستهلكين لاسيما الأطفال، أبرزها مرض البلهارسيا وغيرها من الأمراض.
**ارتفاع أسعار صهاريج المياه**
بركة مياه تجمع مياه الأمطار وقد غطاها أصحابها بالصفائح  الحديدية  للتقليل  من  خطر  البراغيث  و البكتيريا
بركة مياه تجمع مياه الأمطار وقد غطاها أصحابها بالصفائح الحديدية للتقليل من خطر البراغيث و البكتيريا

ونتيجة لصعوبة المنطقة الجغرافية، وشحة المياه، لجأ بعض المواطنين إلى شراء صهاريج المياه (البوز) رغم ارتفاع قيمتها التي تبلغ 25000 ريال للصهريج سعة 7000 لتر، وهو ما جعل الحصول عليه من قبل كثير من المواطنين مستحيلا.
**وحدة صحية متوقفة**
في إحدى قرى هذه المنطقة توجد وحدة صحية يقول الأهالي إن هذه الوحدة الصحية لم تعد تفتح أو تقدم الخدمات الطبية للسكان منذ سنوات دون أن تعرف أسباب توقفها.
**القات بدل البُن**

بعد انقراض شجرة البن البكري، سرعان ما حلت شجرة القات بدلا عنها، والتي باتت منتشرة في المنطقة بشكل كبير.
أهالي المنطقة يبررون زراعتهم لشجرة القات كون القات يعد مصدر دخل لهم بعد أن انقرضت شجرة البن نتيجة لشحة المياه، حيث ان شجرة البن لا تتحمل الظمأ كشجرة القات التي تقاوم الجفاف أكثر.
وإلى جانب شجرة القات تشتهر المنطقة بزراعة عدد من الحبوب وأعلاف الحيوانات خلال موسم الصيف، وسقوط الأمطار، ويعتمد أبناء البكري بشكل عام على هذه الزراعة ورعي الماشية في عيشهم.
**طرق وعرة وشاقة**
وعورة الطرق
وعورة الطرق

يستخدم السكان في هذه المنطقة سيارات رباعية الدفع نوع (لاند كروزر) مفتوح، في تنقلاتهم الجبلية وإلى سوق مدينة الحبيلين الذي يبعد عشرات الكيلومترات.
ونتيجة لغياب الدولة في هذا المجال اضطر المواطنون بكافة شرائحهم كباراً وصغاراً للإسهام والتعاون لإصلاح الطرق في حالة تعرضت للتخريب لاسيما في مواسم تساقط الأمطار.
**مواقف جميلة**
في هذه القرى المترامية الأطراف تجد بين ساكنيها حسن الجوار، والنخوة، والتعاون، قلما تجده في مناطق أخرى، ومنازل تجمعت مع بعضها، وسكان تآخوا إلى أبعد الحدود تجمعهم المعاناة والأرض والمصير المشترك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى