الرسول (صلى الله عليه وسلم) والشعر (2 - 2)

> د. عبده يحيى الدباني

> أما كون النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الشعر فهذه حكمة أرادها الله حتى لا يتهم بأنه شاعر، وبأن القرآن شعر، ومع هذا فقد اتهم بذلك ولكنها تهمة ضعفت أمام هذه الحكمة، مثلما حرم عليه صلى الله عليه وسلم الكتابة، فتحريم الشعر والكتابة على النبي صلى الله عليه وسلم هو نوع من الإعجاز يخصه هو فقط وليس على المسلمين أن يستنوا أو يقلدوا النبي في هذا الأمر، مثلما حرم الله تعالى المراضع على موسى عليه السلام كي يعود إلى أمه.
أما الأحاديث التي وردت عن الشعر والشعراء فهي كثيرة منها ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لحسان حاثًا إياه على الرد على المشركين، إذ قال: “اهجهم وروح القدس معك، اذهب إلى أبي بكر يعلمك مثالب القوم”، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى لحسان منبرًا في المسجد لإنشاد الشعر.
ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: “إن من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكمة”، كما قال: “الشعر كلام من الكلام حسنه حسن وخبيثه خبيث”، وقال أيضًا: “لن تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين إلى إعطانها”.
وهناك حديث آخر من الأحاديث الصحيحة رأى فيه بعض القدماء أنه يتضمن قدحًا للشعر ودعوة للكف عنه والتزهيد فيه؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: “لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا”، ففي ظاهر الحديث أنه لا ينسجم مع الأحاديث السابقة التي ذكرت الشعر إيجابًا، وشجعت عليه، ولكن المعنى المستفاد من الحديث هو منع امتلاء الجوف بالشعر، بحيث لا يوجد هناك شيء آخر يزاحمه أو ينافسه مثل القرآن والأحاديث والعلوم وغيرها من ألوان الفكر والثقافة النافعة، لأن الإسلام نفسه لا يحث على الارتباط بشيء واحد فقط من أمور الحياة أو الدين، لأن هناك أمورًا كثيرة يجب أن ينهض بها المسلم في حياته ودينه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى