واحة اللغة العربية

> د. محمد الصماتي

>
د. محمد الصماتي
د. محمد الصماتي
**الدلالة
في ترتيب الأصوات الخفيَّة وتفصيلها
من الأصوات الخفيَّة الرِّزّ، وهو الصوت الخفي في البطنِ من القَرقَرةٍ ونحوها، وفي حديث علي رضي عنه الله: من وجد في بطنه رِزَّاً فلينصرفْ وليتوضَأ، قال أبو عبيدة، وكذلِكَ كلُ صوت ليس بالشديد فهو رزٌّ، وقيل: الرَّزُ الصوتُ تسمعُه من بعيد، وقيل: هو الصوت تسمعُه ولا تدري ما هو، ومنه: الإرزيز، الطويلُ الصوت.
وفي العصر الحديث أطلق بعض المهتمين باللغة (الإرزيز) على التليفون، ولكن لم يجد قبولاً، والتلفون: كلمة يونانية وترجمتها الحرفية (التكلم عن بعد) ومكونة من مقطعين TeLe أي بعيد، Phone ومعناها صوت، لذلك أطلق بعض اللغويين اسم (المَسرَّة) على هذا الوافد، وهو مشتق من (السَّرِّ) أي ما تكتمه وتخُفيه، وهذا أيضًا لم يكتب له النجاح والقبول وقالوا: الهاتف، وهو من هَتَف أي مَّد صوته، والهاتف: الصوت يسمع دون أن يُرى شخص الصائح، ولابن حزم الظاهري تـ(456هـ) مؤلفُ عنوانه (في الردَّ على الهاتفِ من بُعْد) وهي رسالة رد فيها على فقهاء المالكية في المشرق، وكلمة الهاتف وجدت قبولاً في بعض الأقطار العربية فيطلقون لفظة الهاتف بدلاً من التليفون، واعتقد أنها الأولى بالاستعمال لأنها تعطي تصورًا في حال سماعها على العكس من هذا الدخيل الوافدِ علينا (تليفون).
ومن الأصوات الخفيَّة الرَّكْزُ، وقد جاءت في قوله تعالى: “هلْ تُحِسُ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً” [مريم 98]، أي لما أتاهم عذابُ اللهِ لم يبق منهم شخص يُرى ولا صوت يُسمع.
ومن الأصوات الخفية الهَتْمَلَة، وهتملَ الرجلانِ، تكَلَّما بكلامٍ يسَّرانه عن غيرهما، ثم الهَيْمَنَة وهي شبهُ قراءة غير بَيَّنَة ويُنْشَدُ للكميت:
ولا أَشْهَدُ الهُجْرَ والقائِليهِ
إذا بهَيْنَمةٍ هَتْمَلُوا
ثم الدَّندَنَةُ وهي أن يتكَلَّمَ الرجلُ بالكلام تَسْمَعُ نَغْمَتَهُ ولا تَفْهَمُ لأنه يُخْفِيهِ وفي الحديث: “فأما دَنْدنتُكَ وَدَنْدَنَةُ معاذٍ فلا أحْسِنُها”، ثم النّغَمُ وهو جَرْسُ الكَلَام، وحْسنُ الصوتِ، ثم النَّأْمَةُ من النَّئيم وهو الصَّوْتُ الضَّعِيِفُ.
الرقيب اللغوي
> يقولون: غطّى الصحافيّون أخبار مؤتمر الحوار، وفي هذه الجملة خطأ دلالي في لفظةِ (غطى) لأنَّ غطى الأنباء أخفاها وسترها، لا كشفها وبيَّنَها، وهذا الاستعمال دخل إلى العربية عن طريقِ الترجمةِ الحرفية.
والصواب أن نقول: نشر الصحافيون أخبار مؤتمر الحوار، أو أحاط الصحافيون بأخبار مؤتمر الحوار، قال تعالى على لسان الهدهد “أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ” [النمل 22].

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى