القاتل المجهول

> رائد الجحافي

> تتمدد الكلمات وتسبح في الفراغ، بينما وقفت الروح تتشرب من خاصرة ذات ليلة انداحت عندها سوسنات الذكريات، تتثاءب كل العبارات فتضمحل جملة الخلاصة التي طال انتظارها، ثمة أحرف تتسكع في بهو المكان والشفاه تتحرك بسرعة دون توقف لذلك لاذ الصمت نحو تلة تطل على المكان، الفصل شتاء والبرد يجمد كل شيء في الخارج إلا الجدران من الداخل شرع البخار المتصاعد من زفرات الحاضرين ينقش عليها تعاريج لا تلتقي عند نقطة.
جاء دوره في الكلام فحدق الجميع في وجهه وكاد الصمت الهارب أن يلملم حقائبه نحو العودة، وقبل أن تتحرك شفتاه وينطق حاول تصنع بضع ابتسامة لكن ملامح وجهه نقشت عبوسة تداخلت مع ثمة أخاديد كانت تتسلل منذ أشهر على جبينه، خرجت كلماته مرتعشة ثكلى معظمها لم تبلغ مسامع الآخرين، تترنح فتتساقط صريعة على مقربة منه، وأصل كلامه بجمل مكررة وأفكار لا لون لها، عبارات جوفاء مكسرة الأحرف وسرعان ما تتلاشى مع التيار الذي ينفذ بصعوبة شديدة من مسامات لجة الباب الموصد.
دخل الجميع في مرحلة أشبه بالغيبوبة وأبحرت خيالاتهم بين الكلمات المترنحة في أفق لا متناهٍ.
فجأة يقرع الباب لكن لم ينتبه أحد تزداد الضربات على الباب وتتصاعد بقوة دون جدوى، يفتح الباب ويظهر شاب بدأ كأنه يحمل في رأسه خبر هام يريد إبلاغهم به لكن لم يجد من يصغ إليه، حاول أن يلفت أنظارهم نحوه، وأخذ يصرخ بقوة في وجوههم فأطلق صرخة قوية كأنها آفاقتهم، تطلع الجميع نحو شاب تهاوى في نفس اللحظة على الأرض.
دون الطبيب الشرعي في تقريره النهائي أن الشاب لقى مصرعه برصاصة أطلقت من الخلف، وقيد المحظر ضد مجهول.
**رائد الجحافي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى