دميمة

> د. عبده يحيى الدباني

> (دميمة) عنوان قصيدة للشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح كتبها يصف من خلالها نظام الملكية الذي حكم شمال اليمن عقودًا طويلة، وكان يتمدد أحيانًا إلى الجنوب أو إلى بعض مناطقه محتلاً ومغتصبًا، ولكن سرعان ما يطرده الجنوبيون شر طردة.
وهاهو الشاعر المقالح قد كتب في هامش القصيدة ما يأتي: “الدمامة والجمال في الإنسان - رجلاً وامرأة – قضية نسبية، فلا وجود للجمال المطلق أو القبح المطلق، وهي تنسحب على بقية الأشياء ومنها الأنظمة والقوانين، ولكن الملكية في اليمن – وهي الدميمة هنا – كانت قد بلغت من الدمامة والقبح إلى حد تعتبر معه تلك المناقشات التافهة في أعوام 1960، 1961، 1962، عن الملكية الكلاسيكية والملكية الحديثة والملكية الدستورية واللادستورية شذوذا ودمامة أيضًا.
وقد قررت نشر هذا الجزء من القصيدة في هذا الديوان وفي تلك الظروف بالذات، لأن أصواتًا رجعية ترتفع (الآن) مستغلة انحراف بعض المحسوبين على النظام الجمهوري بالترويج لأفكارها القديمة، يقول المقالح في مطلع القصيدة:
لا تغرقوها بألوان مزيفة
لا تثقلوها بأشكال من الدرر
قد تجعلون من الأصداف جوهرة
وتنحتون أعاجيبًا من الحجر
لكنكم لن تعيدوا عالم امرأة
مشوه الظل ممسوخًا من الصور
دميمة الشكل والمضمون عاجزة
عجز الصخور عن الإنجاب والثمر
هكذا صور الشاعر الملكية امرأة دميمة قبيحة لا ينفع معها التزيين، ولا التجميل، كما أنها عقيمة عن التجدد والخصوبة والإبداع.
ولكن لماذا كل هذا اليأس من الشاعر إزاء الملكية نظامًا ؟!! .. هل تعود هذه العدمية إلى ما عاشه الشاعر من قهر في ظل النظام الملكي الذي قتل أباه وطابورًا طويلاً من المناضلين عبر عقود من الزمن، وجعل من شمال اليمن سجنًا كبيرًا في ظل جهل وتخلف وفقر ومرض؟ .. فضلاً عن تأثر المقالح بشعر أبي الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري الذي رسم صورة بشعة للأئمة وحكمهم وجبروتهم وغرورهم وسياستهم وتعاملهم مع الشعب وغير ذلك مع أن الزبيري نفسه بدأ شعره ونضاله مصلحًا، وليس ثائرًا ولكنه وصل فيما بعد إلى مرحلة الثورة و المواجهة إلى أن يقول الشاعر في وصف ملكية اليمن:
تبذلت عبر أجيال وأزمنة
ولم تلد غير أفاك ومحتكر
والله لو زينوا بالشمس معصمها
وزينوا الصدر بالأفلاك والقمر
ما خففت من جبال القبح شاردة
ولا أمالت إليها وجه ذي بصر
فأشفقوا بجفون ضاع ناظرها
وخففوا من طلاء الوجه والشعر
ليس الجمال بأصباغ ملونة
إن الجمال هدايا خالق البشر
قد يتطرف الشعر وقد يبدو عدميًا، ولكنه يبقى جميلاً ومقنعًا ومؤثرًا، لأن الصدق العاطفي الفني هو المطلوب، ولكن حين تتطرف السياسة أو تكون عدمية فهنا يكمن الإشكال وتولد الأزمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى