الأدب ثراء الحياة

> رشا المالح

> ما هو الأدب ؟ .. وكيف نقرأه؟ .. وما هي أسباب أهميته؟ .. مجموعة من الأسئلة التي تطرح حول الأدب وقيمته في حياة الإنسان، وكلمة الأدب بصورة عامة تستخدم لوصف أي شيء من الكتابة الإبداعية المرتبطة بالمخيلة، والتي يندرج تحتها الشعر والمسرح وأدب الواقع والخيال.
ربما يطرح عليك طفلك أو صديقك أو قريبك حينما يجدك مستغرقًا في قراءة كتاب السؤال التالي: (ما هي أهمية الأدب في حياتنا؟) .. أو (هذه الكتب ستفسد عقلك، ستبعدك عن الواقع، وستدفعك للعيش في عالم رومانسي يفصلك عن حقيقة الواقع المعاش) .. ترى ما مدى صحة تلك التساؤلات ؟ وما دور الأدب في حياتنا ؟!.
يستمد الأدب أهميته من وصفه للواقع والإضافة إليه، أي تجاوزه التحليل إلى القيمة المضافة، من خلال تقديمه نماذج متباينة من آليات التفكير، سواء على صعيد الفرد أم المجتمعات، وذلك في إطار حدث ما .. والأدب الرفيع أو الكلاسيكي يعادل أعلى فرص للتعليم، كما توفر للفرد فرصة التعرف على العالم خارج إطار ذاته، ليتنور فكره، ويحظى بفرصة محاكمة الأشياء، من خلال منظوره وفهمه الغني للحياة.
**قدرة وسمات**
يقدم الأدب للقارئ، المتعة العميقة التي تتمثل في إغناء حياته على الصعيدين المعنوي والروحي، وإضفاء المعنى الشامل الذي يتجاوز تفاصيل حياته اليومية، ويعيدنا الأدب إلى قصص التاريخ، والملاحم والكتب المقدسة والأعمال الكلاسيكية القديمة والحديثة، من خلال الشكل الأدبي الذي يتضمن اللغة وثقافة مرحلة الحدث.
إن الأعمال الأدبية التي خلدها التاريخ والتي من خلالها يفهم الإنسان حياته وحياة الآخرين، كما تتيح له الفرصة لإلقاء نظرة عميقة على أوجه الحياة المختلفة.
وعليه فإن الأدب قادر على تغيير رؤية الإنسان للحياة، سواء من خلال ما حققه الأدباء من إنجازات قيمة ساهمت في الارتقاء بثقافة ومفاهيم المجتمع، أو عبر سيرهم الذاتية في الأدب الواقعي، والتي تلقي الضوء على تجاربهم المميزة التي تضيف إلى تجربة الإنسان وثقافته.
وفي المحصلة، فإن الأدب مرآة لكل زمان ومكان، فما كتب في التاريخ غالبًا من باب قوة سياسية وتوجهاتها، وأما الأدب فهو مرجع أصدق وأغنى لمعرفة أحوال الناس وشئونهم في مرحلة زمنية ما.. وهكذا فإن محتوى الأدب، أبعد من مضمونه الأدبي المرتبط بمعاني الكلمات وجماليات التعبير والصياغة، فهو بمثابة الأسس التي تغني الحياة وتضيف لها، إن كان الأدب يضيف لحياتنا، فلم تخشاه فئة كبيرة من المجتمع؟ لم ترَ فيه أعداد كبير من الأسر، تهديدًا لبنية ومنظومة الأفكار التي يمكن أن يكتسبها الأبناء في طور نموهم ؟.
هذه التساؤلات تترجم مخاوف المجتمع من الأدب، والتمعن في مثل هذه التساؤلات يعني بداية، التمييز أو الفصل بين الأدب الحقيقي أو الكلاسيكي، وبين الكتب التي اتخذت مسارًا مسطحًا، الهدف منه التسلية السطحية التي تخاطب العاطفة وحدها، بعيدًا عن ارتباطها بواقع الإنسان.
وأقرب مثال على ذلك، الروايات الرومانسية التي يقتصر دورها على (دغدغة) المشاعر والحواس، بعيدًا عن المعاني الأصيلة للأدب، والتي لا تندرج فيها، مثل المروءة والشجاعة والحكمة والإيثار والنبل، والقدرة على اختراق المظهر الخارجي للشخصيات وتحليل الصراع الذي تعيشه بين عاطفتها وعقلها من جهة، وبين قناعاتها والمحيط الخارجي من جهة أخرى.
**خطوات**
وفي هذا الإطار، فإن أدب الخيال يتجاوز بشخصياته الأسطورية أو الخرافية في حقيقتها، ففيه يظهر مصاصو الدماء ليسوا مجرد وحوش مخيفة، فهم يمثلون شريحة طفيلية من البشر تتصف بالأنانية والفساد، ورفض احترام كينونة الآخرين.
وكم أدانت المجتمعات دون رحمة، العديد من الخطاة الذين دفعهم طيشهم اللحظي أو قسوة ظروفهم، لارتكاب ما يخالف النواميس المتعارف عليها، ليأتي دور الأدب في رسم الصورة المتكاملة للحالة التي لم يكن الخطاة فيها سوى نتاج أو ضحية منظومته، المجتمع المحمل بالكثير من الخطايا التي تفوق ما أدين به أحدهم.
كيف يمكن للأسرة أن تزرع في أبنائها حب القراءة والأدب ؟! .. سؤال يعكس جهود الكثيرين ومحاولاتهم بشأن تحفيز أبنائهم على القراءة، وتوضيح أهمية الأدب الذي لا يستوعبون قيمته .. وفيما يلي بعض الخطوات التي تسهل مهمة إقناع الأطفال، وإثارة فضولهم وتشجيعهم على قراءة الأدب:
أهمية الأدب في تقديم المنظور الأوسع
حينما تقرأ قطعة أدبية، فأنت تقرأ تجربة حياة من خلال عيني شخص آخر، وبذا يتاح لك معرفة وجه آخر لا تعرفه عن الحياة، تمامًا كما تشاهد فيلمًا عن ظروف مجتمع آخر له قصصه المختلفة عن عالمك.
الكتاب الجيد يجعلك تفكر خارج حدود عقلك، ويجعلك تتعاطف مع الناس الذين خاضوا تجارب لم تعرف عنها، والتي تعلمك عن أشياء لم تكن لتدرك وجودها أو التعرف عليها بمفردك، الأعمال الأدبية العظيمة التي كتبت بصورة جيدة، تمنحك الفرصة للشعور بمشاعر الشخصيات التي تصفها، وتتيح لك اختبار الأفكار التي تطرح في عالم أدب الخيال، فمن خلال هذا العالم تتعرف على معنى أن يكون الطفل فقيرًا، أو يتيمًا، أو محرومًا من حقوقه في التعليم، أو مسئولاً عن توفير القوت لأسرته، أو العناية بوالدته المريضة.
أهمية الأدب كدروس في التاريخ
يمكن من خلال الأدب، الدخول إلى التاريخ بصورة شخصية ومكثفة، فقصص التاريخ تحكي عن أحداث يمكن لك من خلالها، أن تعرف ماهية الشعور في أن تكون وسط معارك شهيرة، أو مجاعة، أو زمن ركود اقتصادي، أو زمن مزدهر، أو المعاناة الحقيقية في زمن الحروب.
**رشا المالح**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى