في ظل صقيع الشتاء القارس.. مشردو شوارع العاصمة صنعاء بين سندان البرد ومطرقة غياب الضمير الحكومي

> صنعاء «الأيام» أياد الوسماني

> كان الناس يؤملون في عام 2015 م عام الأمن والأمان والعلم، والتطور، والحصول على الحقوق، غير أنه بدأ بعكس ما كان يؤمل البسطاء وعامة الناس، صراعات دموية، وفوضى، وانفلات أمني، مع تزايد الحرمان، والمجاعة، والتشرد في الشوارع والذي أضحى مؤخراً ملجأً ومأوى للكثير من الفقراء والمرضى والمختلين غقلياً وسواهم.
أوضاع مزية أجبرت العشرات من هؤلاء إلى افتراش الشوارع وأرصفته تحت موجات صقيع البرد المُميتة، الأمر الذي زاد من معاناتهم إلى درجة لا تطاق في ظل تجاهل الجهات المتخصصة بتوفير حل لهذه الشريحة من الناس والذين أضحوا لا حول لهم ولا قوة لأمر أو لآخر.

يلتحفون الكنابل على الأرصفة هرباً من البرد
يلتحفون الكنابل على الأرصفة هرباً من البرد


**أحلام بسيطة**
هؤلاء المغلوبون على أمرهم لا يطمحون برفاهية الحياة والعيش الرغيد بقدر طموحهم بتوفير غطاء يقيهم صقيع البرد وقطعة رغيف تخفف عنهم آلام الجوع أو جرعة دواء في مجتمع غاب فيه الوازع الديني وانتزعت من صدور أبنائه الرحمة.
كثير ممن اتخذوا الشارع في العاصمة صنعاء مأوى لهم يعودون إلى أسر فقيرة أجبرتهم الظروف المعيشية إلى اتخاذه مكاناً للنوم بعد أن يقضوا يومهم في التسول أو العمل، فضلاً عن المختلين عقلياً والمرضى النفسانيين والذين تخلى عنهم المجتمع والدولة ولم تقم بتخصيص مستشفيات ومصحات خاصة بهؤلاء المرضى.
وأضاف هذا العام إلى قوائم المعانين من هذه المشكلة النازحين جراء الصراعات والفوضى التي تشهدها العاصمة في هذه الفترة والتي شردت الكثير من الأسر.
يقول أحد النازحين: “الأعوام الماضية حملت لنا معاناة ومآسي لم نكن نتوقعها ليأتي العام 2014م بحروب هجرتنا من موطننا ومنازلنا فهل سيكون هذا العام كفيلاً بمعالجة جروح وآلام أعوام مضت أم سيزيدها، كل حلمي هو أن أعود إلى منزلي الذي حرمت منه بسبب الحروب التي لم نجنِ منها سوى القتل والدمار، كما أتمنى أن نشعر بالأمان والاستقرار الذي حرمنا منه دون ذنب اقترفناه أو جرم ارتكبناه لنصبح نحن الضحية فيما المتسببون ينعمون برغد العيش والأمان في بيوتهم”، وأضاف متسائلاً: “لماذا الفقراء هم من يدفعون الثمن دوماً ويتحملون الأخطاء الكارثية للساسة؟”.

**أسباب التشرد في الشوارع**
يعود انتشار هذه المشكلة التي وقع ضحيتها الكثير من فئات المجتمع إلى الفقر المدقع الذي يعاني منه معظم سكان البلاد، وتزايد عدد البطالة وقلة فرص العمل، والصراعات السياسية، أو العنف المنزلي هذه الأسباب وغيرها زادت من معاناة هذه الشريحة.
وعلى الرغم من المعاناة التي يقاسونها هؤلاء المشردين إلا أنهم يتسمون بالتعايش فيما بينهم.
ويختلف المشردون في أسواق العاصمة ما بين مشرد أصبح الشارع مأواه الوحيد كالمجانين وأطفال الشوارع وغيرهم، ومن اتخذه ملاذاً مؤقتاً كالباحثين عن الأعمال والذي اتخذوا من جولة العمال في العاصمة مكاناً لهم.
وعلى الرغم من تزايد هذه المشكلة في أسواق صنعاء يوماً بعد يوم، لم نشهد أي تحرك للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، فضلاً عن سقوط العدالة الاجتماعية من أجندة الاقتصاد وإسقاط المسئولية الاجتماعية للدولة على أسس ومفاهيم ضيقة لا تتعدى الأقربين.
مآس، وآلام، وتشرد، تقاسيها هذه الشريحة ممن جارت عليهم الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، وكذا قساوة أهله بعد أن انتزعت الرحمة من قلوب الكثير منهم.

يلتحفون الكنابل على الأرصفة هرباً من البرد
يلتحفون الكنابل على الأرصفة هرباً من البرد


**حقوق مسلوبة**
قرابة عشرة ألف مشرد في شوارع العاصمة ومختلف محافظات الجمهورية يواجهون أقسى موجات الصقيع في هذه الفترة، منهم من مات ومنهم من ينتظر، لاسيما وأن بنيتهم الجسمانية غير قادرة على مقاومة الأجواء الباردة والتي وصلت درجات متدنية في الأيام الماضية والتي تؤدي في العادة إلى انخفاض درجة حرارة الجسم مما يفقده المناعة وينجم عنه تضييق في الأوعية الدموية وتقلص عضلات إنتاج الحرارة وصولاً إلى فقدان الوعي ثم الوفاة، ويطلق على لسعة الصقيع مصطلح “الصقيع المميت” والذي يؤدي إلى تقرحات في الجلد وتجمد الدم. كل تلك المخاطر يعمل الجميع من أجل تفاديها باستثناء المشردين الذين لا حول لهم ولا قوة، على الرغم من أن الدستور في المادة 56 منه ألزم الدولة بتوفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة في حالة المرض.. والمرضى النفسيون يشكلون 70 % من المشردين أو حالة العجز أو البطالة أو الشيخوخة، يضاف إلى أن القانون رقم 31 لسنة 1996م بشأن الرعاية الاجتماعية كفل لهذه الشريحة حق الرعاية وألزم وزارة الشئون الاجتماعية بإنشاء دور للعجزة والمسنين، كما ألزم القانون رقم 32 لسنة 1992م بشأن الوقف الشرعي وزارة الأوقاف بالاهتمام بهم ورعايتهم كونهم من المساكين، ولكن في بلد انحصر الاهتمام بالإنسان وحقوقه في إطار ضيق وغير إنساني يصبح حق المشردين مهدورا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى