في حضرة صاحب (السعادة) الفنان الكبير والملحن محمد عبده زيدي

> كتب / شوقي عوض

> جاء في المطوية التي تمت قراءتها من قبل أ.د. يحيى قاسم سهيل، أستاذ القانون المحاضر في كلية الحقوق بجامعة عدن في منتدى (باهيصمي) بالمنصورة و(بن حازم) بالشيخ عثمان، حيث جاءت هذه الاحتفائية بمناسبة الذكرى (21) لرحيل الفنان الكبير والمطرب الموسيقى المجدد والمتفرد محمد عبده زيدي مايلي:
ولد محمد بن محمد عبده زيدي بمدينة الحوطة - محافظة لحج في 6 فبراير 1944م.
التحق بمدرسة بازرعة عام 1955م كما كانت أولى خطوات انطلاقته نحو عالم الموسيقى والغناء والطرب في قسم الموسيقى حيث وجد الدعاية والاهتمام من قبل أساتذتها وعلى رأسهم الفنان القدير الراحل يحيى مكي والفنان الموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم، كما استطاع ومن خلال هذا القسم أن يتعلم وبمهارة فائقة العزف على آلات النفخ الموسيقية المختلفة.
الفنان والملحن محمد عبده زيدي
الفنان والملحن محمد عبده زيدي

وخلال فترة وجيزة وبمساعدة من أساتذته استطاع أن يتحول من تلميذ وعازف إلى قائد لفرقة المدرسة الموسيقية لإحياء مختلف الحفلات الدينية الفنية الترفيهية، ولعل من أهم هذه الحفلات الفنية والموسيقية قيادته للفرقة ومشاركته عزفاً الفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم إبان زيارة الموسيقار الراحل فريد الأطرش لعدن عام 1956م، ويذكر أن الموسيقار الراحل فريد الأطرش أبدى إعجابه بعزف الزيدي على آلة الكمان.
**السفر للدراسة**
غادر في عام 1964م إلى القاهرة لغرض دراسة علم الاتصالات السلكية واللاسلكية ليحصل على (دبلوم عالي) بامتياز من معهد اللاسلكي للراديو والتلفزيون بالقاهرة، كما أنه استغل فرصة وجوده في القاهرة ونهل من علوم الموسيقى ومن أٍساطينها محمد القصبجي ومحمد الموجي ورياض السنباطي وغيرهم من الفنانين الذين وجدوا فيه الموهبة الغنائية وقدرة كبيرة في التلحين.
وقد خاض تجربة التلحين من خلال أغنية (أيام تمر وتدور) للشاعر محمد عبدالله بامطرف والتي كانت بمثابة أولى الخطوات لبناء شخصيته الفنية المستقلة.
وبعدها غنى لشعراء كُثر مثل محمد سيف كبشي، ناصر علوي الحميقاني، أحمد ناصر الحماطي، أحمد شريف الرفاعي، لطفي جعفر أمان، فريد بركات، محمد عبدالله بامطرف، طه أمان، أحمد بو مهدي، عبدالله عبدالكريم، علي محمد لقمان، يوسف مهيوب سلطان، محمد سعيد جرادة، سعيد الشيباني، أحمد سيف ثابت، (نزار قباني) (رسالة من حبيبتي).
كما غنى محمد عبده زيدي الكثير من الأغاني الوطنية ومنها (نوفمبر والتاريخ)، (ياسلام ياتلال)، (أنتم الآتي)، (ملحمة السبعين يوماً)، (الوصية)، (ثورة بلادي)، (رفيقة النضال)، (انطلاق المارد)، (قسما بكل مناضل)، (تحية الثورة)، (14 أكتوبر)، (الانفجار)، (لحن الاستقلال)، (الراية)، (والله بلدنا نورت)، (يمانية) و(ياجميلة) وغيرها.
**رعاية الأصوات الغنائية**
وكذلك قدم الزيدي مجموعة من ألحانه الرائعة للفنانات رجاء باسودان، صباح منصر، أسمهان عبدالعزيز، كفى عراقي.. ومن الفنانين الشباب قدم نجيب سعيد ثابت، جمال داود، محمد خميس وعصام خليدي.

كما قام بتلحين عدد من أغانيه مثل (أغلى حب) (فقدان لك) (السعادة) (لاتتعب نفسك)، وشكل منذ العام 1964م مع صديقه الشاعر الرقيق مصطفى خضر ثنائياً متناسقاً نتج عنها تقديم أجمل الروائع ومنها (أغلى حب) (فقدان كثير) (أعلنها صراحة) (عتاب) (السعادة) (أنا عارف ظروفك) (باراعي لك) (كلمة حب).
وكذلك غنى الزيدي (نداء الماضي) (غصب عني) (حبنا كان هنا) (يالخضري) للشاعر أحمد الجابري وللشاعر عبدالله سلام ناجي (وادي الدودحية) (كنت أحلم) (غزير السلا)، وغنى من شعر الشاعر الأمير صالح أحمد مهدي (لا متى تضحك) (بذكره حبك) (من يوم ناداني) (أحلف بحسنك) (أنت لي دايم) (ليه تنسى).
وعمل في بداية حياته مهندساً لاسلكياً في خطوط عدن الجوية (باسكو)، انتقل إلى الإذاعة ليعمل مهندساً للصوت ثم مخرجاً ومشرفاً عاماً للموسيقى. ترأس دائرة الموسيقى في الإذاعة والتلفزيون ومديراً لدائرة الفنون بوزارة الثقافة (بعدن) عقب افتتاح التلفزيون عام 64م، أخرج برنامج (جنة الألحان) وبرامج أخرى.
آخر وظيفة له مستشار بوزارة الثقافة (بعدن)، من هواياته وولعه وشغفه بالرياضة وخاصة كرة القدم، ويعد من المشجعين الرئيسيين لنادي الشباب الرياضي ونادي التلال بعد دمجه.
وكان يسافر مع المنتخب الوطني في مشاركاته الخارجية.
كرمه مجلس إدارة نادي التلال ومنحه البطاقة الفخرية لعضوية النادي.
أسس الفنان محمد عبده زيدي في عام 61م الفرقة الموسيقية الحديثة، والتي كانت تحت قيادته وكان مقرها الرئيسي بمدينة المنصورة، ولما اشتهر الفنان الزيدي بألحانه وأغانية رأس الفرقة من بعده الفنان المرحوم علي محمد فقيه عازف الكمان المعروف.
وتعد الفرقة الموسيقية الحديثة من أوائل الفرق الموسيقية التي تظهر آنذاك في الستينات.
علماً بأنه كان قد سبقها الندوة الموسيقية العدنية لخليل محمد خليل عام 1948م والرابطة الموسيقية العدنية 1951م وفرقة بن قاسم الموسيقية التجديدية في عام 1952م، وهي الفرقة التي كان الزيدي قد التحق بها في عام 1953م وهذا قبل سفره إلى مصر في عام 1964م.
وددت من ذلك السرد التأكيد على أن فكرة التجديد والتحديث الموسيقي كانت ديدنًا وهاجسًا لدى الفنان محمد عبده زيدي، ولعلَّ ذلك الشغف بالتحديث الموسيقى زاد اشتعالاً لديه بعد سفره إلى القاهرة.
ويؤكد ما نذهب إليه الأستاذ الباحث الموسيقي جابر علي أحمد في بحث له بعنوان (حاضر ومستقبل الغناء في اليمن) في مجلة دراسات قانونية عدد 33 يوليو - أغسطس - سبتمبر 88م ص 148 بقوله (ويبدو منذ البدء أن صيرورة حركة التجديد الغنائي كان لابد أن تؤدي إلى التفكير بتأسيس فرقة موسيقية قادرة على التعبير عن الأفكار الجديدة في ميدان الغناء، ذلك لأن آلة العود مع مصاحبة آلات الإيقاع لم تعد كافية لإبراز القيم الموسيقية الجديدة التي شقت طريقها مع التجارب الجديدة للفنانين (خليل، المرشدي، بامدهف، أحمد بن أحمد قاسم) في عدن، ولهذا فقد كان من الطبيعي أن تؤدي مسألة تجاوز الهياكل اللحنية التقليدية إلى البحث عن أداة أفضل لتوصيل العلاقات الصوتية الجديدة والتراكيب الإيقاعية المستحدثة، وهكذا بدأ مع تأسيس أول فرقة موسيقية في عدن عهد جديد من تاريخ الغناء في اليمن، وقد تأسست هذه الفرقة عام 61م بقيادة الفنان محمد عبده زيدي.
لقد كسر الفنان الراحل محمد عبده زيدي قاعدة التقليد في الغناء اليمني مقتفيًا خطى أستاذه الفنان الراحل الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم فانطلق بما حققه من مزيج فني أصيل من عناصر التراث الفني اليمني والعربي مما أضفى على أغنياته وألحانه العذبة الشجية رونقًا خاصًا متميزًا ومتفردًا في الإبداع الفني الموسيقي الغنائي الرفيع، ليشكل بذلك لوناً غنائياً لا يشبهه فيه أحد، كونه اشتغل على مجموعة نصوص غنائية راقية سامية بعيدة عن النحيب والدموع والشكوى والنوح والأنين وذهب إلى الاحتفاء بالحياة والحب والبحث عن السلى والسرور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى