أسمهان.. (2 - 2) - أسطورة الغناء العربي التي ولدت في الماء وماتت في الماء

> «الأيام» متابعات

> في هذا الجزء (الثاني والأخير) تناول الناقد اللبناني إلياس سحاب متاعب السياسة والمنافسة لدى (الأسطورة) أسمهان، حيث أشار إلى أن هناك عدة نظريات طرحت في مسألة موت أسمهان غرفا في حادث مفتعل، بدليل أن السائق قفز من السيارة أثناء انحرافها للوقوع في مياه النيل، وهناك رواية تؤكد تصفية هذا السائق بعد أسبوع من حادثة أسمهان.
النظرية الأولى ذهبت إلى حد نسبة تدبير الحادث إلى أم كلثوم، التي كانت تشعر بغيرة فنية شديدة من أسمهان بعد أن انصرف كل من محمد القصبجي ورياض السنباطي إلى تزويدها بروائع الأنغام، وهما اللذان كانت أم كلثوم تعتبرهما ملحنيها الخاصين إلى جانب زكريا أحمد.
أما النظرية الثانية فنسبت تدبير الحادثة إلى الملكة نازلي والدة الملك فاروق التي كانت هناك تفاصيل كبيرة عن غيرة نسائية بينهما بسبب العلاقة بأحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي.. والحقيقة أن أسمهان ظلت في حياتها تقاسي عذابا حقيقيا كلما خرجت من مصر وأرادت العودة إليها، حيث كانت الملكة نازلي في كل الحالات لا تتورع عن استخدام نفوذها لمنع دخول أسمهان أو لحصولها على الجنسية المصرية حلا لكل هذه الإشكالات.
أما النظرية الثالثة، وهي التي أراها أكثر معقولية من النظريتين السابقتين، وأقرب إلى التصديق، فهي أن الخفة التي كانت بها أسمهان تمارس (الألعاب الاستخبارية) الخطرة مع المخابرات البريطانية والفرنسية ثم اقترابها بخفة قاتلة إلى احتمال التعاون مع المخابرات الألمانية المعادية طبعا للحلفاء، هذه الخفة في ممارسة هذه (الألعاب الخطرة) هي على الأرجح التي أدت إلى وضع المصير النهائي الفاجع لحياة أسمهان، التي كانت لا تصغي في هذا المجال إلى نصائح صديقها المقرب الصحافي المصري الكبير محمد التابعي بالابتعاد عن هذه العلاقات الخطرة.
ملصق فيلم (غرام وانتقام) الذي شاركت فيه مع يوسف وهبي عام 1944
ملصق فيلم (غرام وانتقام) الذي شاركت فيه مع يوسف وهبي عام 1944

** أسطورة غنائية **
لعل هذا التداخل الكامل بين كل هذه التفاصيل في حياة أحد الأصوات التاريخية في الغناء العربي المعاصر هو الذي ساهم في منح صفة الأسطورة إلى اسم أسمهان.. لكن مراجعة دقيقة للتاريخ التفصيلي للغناء العربي النصف الأول من القرن العشرين وارتقاء اسم أسمهان إلى جانب اسمي كل من عبدالوهاب وأم كلثوم يؤكد لنا أن أسمهان كانت تستحق لقب الأسطورة الغنائية بغض النظر عن كل التفاصيل الأخيرة في حياتها، بدليل أنه كلما أعادت إحدى الفضائيات عرض فيلم (غرام وانتقام) نصاب بقشعريرة من نشوة لا نهاية لها، ونحن نستمع إلى صوت أسمهان الماسي، وهو يلمع في الثنايا اللحنية لأغنية (ليالي الأنس) لفريد الأطرش أو (إمتى حتعرف) لمحمد القصبجي، أو (أيها النائم) لرياض السنباطي.
لعل أسمهان من أكثر الفنانين العرب تجسيدا حيا لمعاني الخلود في الغناء، فعلت كل ذلك في مدى زمني لا يصدق (سبع سنوات) وقدمت في أغنياتها القليلة نماذج من أروع ما استقر من رصيد الغناء العربي المعاصر من ألحان كل كبار النصف الأول من القرن: عبدالوهاب، فريد الأطرش، السنباطي، القصبجي، مدحت عاصم وزكريا أحمد.
ومن المؤكد أن أثر أسمهان العميق في الغناء العربي المعاصر لم يتوقف عند حدود المستمعين بل تعداه إلى التأثير في عدد من الأصوات الغنائية الكبيرة من الأجيال اللاحقة، حيث التصقت صفة الحداثة في الغناء النسائي العربي إلى يومنا هذا بصوت وغناء أسمهان التي رحلت منذ سبعين عاما ومازال تأثيرها كاملا وحاضرا في المستمعين، كما في بنات الجيل الجديد من المغنيات العرب.
أسمهان وشقيقها فريد الأطرش
أسمهان وشقيقها فريد الأطرش

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى