الفنان ابن سعد والدكتور سعودي

> ألف الدكتور سعودي علي عبيد بحثًا قيمًا عن الفنان الكبير محمد سعد عبدالله صاحب الألحان الشجية والكلمات النقية، ويعد الدكتور سعودي علي عبيد المحاضر في كلية الاقتصاد جامعة عدن باحثًا في التاريخ والسياسة والاقتصاد، وهو كذلك أديب وناقد له مساهمات طيبة في النقد الأدبي والفني الغنائي.
وسنقف في هاتين الحلقتين أمام بحثه عن الفنان محمد سعد عبدالله الذي كان بعنوان (محمد سعد عبد الله فارس الأغنية اليمنية) لم يكن هذا العنوان احتفاليًا، ولا استهلاكيًا، فقد علل الباحث له بحيث كان نتيجة ولم يكن فرضية، مشيرًا إلى البيئة الفنية التي ترعرع فيها الفنان ابن سعد متمثلة بأبيه الفنان رحمه الله سعد عبد الله والبيئة اللحجية الفنية من خلال بعض المطربين الذين عرفهم الفنان وتتلمذ على أيديهم مثل الفنان المرحوم عوض عبدالله المسلمي، فضلاً عن التحاقه بالهيئات الفنية في لحج وعدن في الخمسينيات مثل ندوة الموسيقى العدنية التي كانت تجمع كوكبة من شعرائنا وفنانينا الرواد.
بيد أن ابن سعد - رحمه الله - لم يحظَ بذلك فحسب، ولكنه قد تفرد بملكة غنائية لا تضارع في اللحن وفي الأداء وفي تأليف الأغاني، فضلاً عن استمراريته وديمومته الفنية، فقد شب على الفن وشاب عليه، ولم ينقطع عنه كما انقطع كثيرون من فنانينا وشعرائنا، حتى صار الانقطاع ظاهرة لافتة في الحياة الأدبية والفنية اليمنية، أما الفنان ابن سعد فقد مثل ظاهرة غنائية حقًا في الكم والنوع، وتعدد الألوان الغنائية التي جربها وأبدع فيها جامعًا بين الأصالة والمعاصرة.
إن هذا البحث لزميلنا الدكتور سعودي يعد لفتة نقدية أكاديمية من باحث محترف أخضع الفن لشروط البحث العلمي متتبعًا سيرة الفنان وخصائصه الغنائية وألوانها مدعمًا ما يذهب إليه بالشواهد الغنائية، مشيرًا إلى ما سماه بـ(التكامل الفني) لدى الفنان ابن سعد؛ إذ جمع بين الغناء واللحن وتأليف الأغاني، ويبدو أن السمة الأخيرة جاءت تلبية لرغبة الغناء والتلحين، وقد نجح الفنان في كل هذه المستويات وتفرد.
وقد أشار الباحث في سياق بحثه إلى سمة تميز بها ابن سعد، اجتهد الباحث وسماها (الرومانسية)، ولم يقع بعيدًا عن الصواب، ولكننا نسميها نحن (الوجدانية) أو (العذرية)، وتتمثل في شدة المعاناة والإخلاص والصدق في كلماته المغناة، فقد كان حقًا بعيدًا عن الحسية الصارخة، ومطالب الجسد في أغانيه، وطغت مطالب الروح وشكوى الوجدان، وحديث المشاعر على كلماته التي ألفها، وعلى أغانيه التي اختارها لآخرين.
والحق أن ابن سعد كان إنسانًا عظيمًا قبل أن يكون فنانًا عظيمًا، لقد صدر فنه عن أخلاق وقيم إنسانية رفيعة، فكان مدرسة في ذلك، فتجارب الحب عنده ليست منفلتة، ولكنها راقية تعكس نفسيته وطبيعته وطبيعة مجتمعه المدني المحافظ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى