شوقي هائل.. واللحظة التاريخية

>
كتب / وضاح اليمن عبدالقادر
كتب / وضاح اليمن عبدالقادر

“أيها العبيد انهضوا، فإنكم لا ترونهم كبارا إلا لأنكم ساجدون”، هكذا خاطب إبراهام لنكولن المقهورين من أبناء شعبه ذات يوم، وكما قالت الكاتبة العربية غادة السمان “من يركع فكريا ولو لمرة واحدة ينسى كيف يقف ثانية”، وهذا ما أحب أن أقوله في حضرة صاحبة الجلالة “الأيام” ورسالتي لأبناء تعز بعد نجاح انعقاد مؤتمرهم الجماهيري الثاني.
وسأتطرق إلى الدور الحقيقي الذي يجب أن يلعبه المحافظ شوقي هائل في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة التي تمر بها اليمن ليؤكد انحيازه لمشروع الدولة المدنية الحقيقية بالتنسيق مع نظرائه من محافظي المحافظات الجنوبية، خصوصا بعد التوصيات التي خرج بها مؤتمر تعز الجماهيري الثاني الذي أكد على وقوف كل أبناء تعز بكل أطيافهم وتكويناتهم السياسية والجماهيرية والشبابية والثورية ومنظمات المجتمع المدني بجانبه كقائد لمشروع تعز المدني والحضاري، وهو ما يمثل دعما حقيقيا لتوجهاته خصوصا بعد أن أثبت الكل بمن فيهم الحليف الأقرب للحوثيين كحليف سياسي النائب البرلماني سلطان السامعي أن تعز هي الحاضن الجمعي الذي لا يختلف عليه أبناء تعز مهما كانت توجهاتهم أو آراؤهم السياسية.
مثل حضور النائب السامعي أحد أبرز أعمدة المؤتمر الجماهيري الأول الذي عقد قبل ثلاثة وعشرين عاما ثقلا سياسيا للمؤتمر ودفعة معنوية للمضي بالمؤتمر الجماهيري هذه المرة لأبعد ما يكون في مطالبة أبناء تعز بحق المشاركة في الثروة والسلطة وبناء اليمن الاتحادي ورفضهم للنظام المركزي الذي جعل من تعز “بقرة حلوب” لنظام صنعاء، في حين حرمت من حقوقها في المشاريع الاستراتيجية العملاقة التي ستجعلها رقما اقتصاديا صعبا ليس في اليمن كإقليم أو محافظة ولكن بين دول المنطقة والعالم، كونها تشرف على أهم منفذ ومضيق بحري يتحكم بطريق التجارة العالمي وهو باب المندب، وإمكانية إعادة المشروع العملاق المتمثل في الجسر الرابط بين أفريقيا وآسيا من باب المندب إلى جيبوتي والعكس.
اليوم وبعد خروج الرئيس هادي من الحصار الحوثي ووصوله إلى عدن وإعلان تمسكه بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وتزايد الدعوات بإعلان عدن عاصمة انتقالية للدولة الاتحادية يمثل لحظة تاريخية مهمة بعد أن انسد الأفق السياسي وبقيت جماعة أنصار الله هي اللاعب الأساسي بمنطق القوة والسلاح والممارسات الخاطئة التي لا تنبئ إلا بمشروع طائفي عنصري جهوي رغم أن ما شهدوه من ظلم طوال الحروب الست عليهم من قبل نظام صالح كان الأجدر بها أن تعلمهم التسامح والتصالح مع الآخر، وعلى تعز أن تعي دورها التاريخي ممثلة برأس هرمها وصاحب القرار في السلطة المحلية المحافظ الشاب شوقي هائل، وتسرع بإعلان تمسكها بثقلها السكاني والتاريخي والثقافي والاجتماعي وحضورها القوي على مستوى الوعي الجمعي الوطني لمخرجات الحوار الوطني وشرعية الرئيس هادي ومسودة الدستور، والتنسيق مع المحافظات الرافضة للانقلاب الحوثي ليكونوا عونا للرئيس هادي في استعادة مؤسسة الدولة والبدء بمرحلة جديدة من العمل الجاد والمخلص.
وعلى أبناء الجنوب بالمقابل أن يعوا دورهم التاريخي الآن في دعم مؤسسات الدولة ورفدها بكوادرهم المؤهلة والقادرة على بناء دولة مدنية يسود فيها النظام والقانون، كونهم هم الرافد الحقيقي للدولة المدنية التي طالما نادوا بها بعد إعلان وحدة الشطرين في 90م، وليثبتوا للشماليين أنهم أصحاب مشروع دولة وليسوا أصحاب مشاريع عنصرية وجهوية ومناطقية، وأنهم بعيدين كل البعد عن ثقافة الاستقواء والسلب والنهب والفيد التي ورثها الشمال لأكثر من ألف ومئتي عام.
لتضع تعز يديها في أيدي الجنوبيين وليعملوا سويا من عدن بعيدا عن مراكز القوى القبلية والدينية التي دمرت البلاد، فمن هناك من عدن ستكون الفرصة الحقيقية لبناء اليمن الاتحادي الذي يستظل تحت مظلته الجميع، وعلى صنعاء المحتلة أن ترضخ لهذا الخيار وإلا سيكون عليها مواجهة إرادة أكثر من خمسة وعشرين مليون يمني غير راضين بهذا الوضع، وإن رفضت فلتذهب صنعاء والمركز المقدس إلى الجحيم، وليتركوا لنا شأننا نحن الحالمين بوطن يتسع للجميع، الحالمين بلحظة نحس فيها بآدميتنا وإنسانيتنا المقهورة طوال سنوات من الإذلال والقهر والعنجهية.
رسالة للرئيس هادي: لم أكن يوما من متزلفي النظام، ولكني أقول لك لا تضيع اللحظة التاريخية لتصحيح مسار الدولة المدنية، غفرنا لك ما تقدم من ذنبك وقدمنا لك سبعين عذرا، ولكن التاريخ والإنسان اليمني لن يغفر لك إن ضيعت هذه الفرصة التاريخية لاستعادة مشروع الدولة من عدن عاصمة اليمن الاتحادية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى