كتب / عبدالإله الحريبي
كتب / عبدالإله الحريبي

هي إحدى النساء اليمنيات اللاتي برزن في العمل الإعلامي الوطني خلال السنوات الماضية، وبالذات في خضم ثورة الشباب الشعبية السلمية، وهي ابنة البروفيسور الراحل عبدالعزيز السقاف، رجل القانون ومؤسس صحيفة (يمن تايمز) باللغة الإنجليزية، وصاحب أول دعوى قضائية ضد الحكومة، يطالب فيها بالكشف عن مصير مليارات الدولارات من عائدات النفط وغيره، ومضمنة بالميزانيات ولا يوجد لها في أرض الواقع أثر، وهو الشهيد الذي قضى نحبه في حادث سير مدبر للتخلص منه، بعد أن بدأ في مناهضة الفساد بخطوات جادة وملموسة عبر إثارتها إعلاميا ورفع دعاوى قضائية لمعرفة مصير الأموال الضائعة (المسروقة).
نادية السقاف تولت مسئولية إدارة الصحيفة لفترة، ولها مقالات صحفية عديدة كلها تصب في خدمة الوطن أرضا وإنسانا، كانت ضمن من شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني، وساهمت بفاعلية في هذه المخرجات، وعينت وزيرة للإعلام في حكومة الكفاءات برئاسة الدكتور خالد بحاح، وأثبتت قدرتها وبطولتها على القيام بواجباتها الوطنية عندما قامت مليشيات أنصار الله باقتحام مؤسسة (الثورة) وأصدرت صحيفة (الثورة) فأعلنت نادية السقاف أن إصدار الصحيفة غير قانوني، وأنها خارج نطاق مسئولية وزارة الإعلام، لم تخف من أي تهديد، ولم تساوم على مبدأ أن الاعلام الحكومي هو إعلام تابع للشعب، وليس لأشخاص أو أحزاب أو جماعات، وكذلك كانت مواقفها من عملية الاستيلاء على قنوات الإعلام الرسمي (اليمن ـ سبأ ـ الإيمان ـ عدن).
أثناء احتجاز الرئيس عبدربه منصور هادي كانت الصوت القوي والمدوي الذي ينقل للناس ما يجري، بينما صمت الكثير من الرجال، كانت الصوت الذي أراد الحوثيون إسكاته، فأوصلت هذا الصوت إلى العالم، وعندما خرج الرئيس من مكان احتجازه بطريقة تنم عن مغامرة بطولية للرئيس وللذين حرروه من موقعه المحاصر، كانت هي من نقل الأخبار وتحدث عن وصوله للعاصمة عدن، وعن قرب إلقائه أو إصداره بيانا.
امرأة من هذا الزمان تنتمي لجيل من نساء اليمن، يمتد جذور انتمائهن إلى بلقيس الحكيمة في مملكة سبأ، وأروى التي حكمت في إحدى مراحل التاريخ اليمني جزءاً لا يستهان به من اليمن، وهناك عدة نماذج من نساء اليمن في ثورة الشباب برزن، لعل أبرزهن زهراء صالح وعفراء حريري في الحراك الجنوبي، والدكتورة ألفت الدبعي وبشرى المقطري وبلقيس اللهبي ونبيلة الزبير، والقائمة تطول، وكثير من نساء اليمن شاركن بفاعلية في ثورة 11 فبراير 2011م التي خرجت مسيراتها بمئات الآلاف في تعز وصنعاء وعدن وإب وحضرموت، حتى في مأرب التي ينظر إليها على أنها الأكثر انغلاقا.
هي امتداد لرجل عاش نزيهاً ومحارباً صلباً للفساد، وضحى بحياته من أجل ذلك، كما انها حائزة على جائزة جبران تويني 2006م، وهي أول جائزة يمنحها اتحاد الصحافة العالمية لأفضل محرر في الشرق الأوسط.
لها التحية والتقدير من هذا الشعب الذي أحسنت تمثيله عبر وسائل الإعلام، خلال عملها كوزيرة للإعلام وقبل ذلك، وهي تستحق أكثر من ذلك، وتستحق وسام الشجاعة لمواقفها الوطنية الصلبة غير المهادنة لصلف المليشيات، وتحية كذلك لسيدة المشاقر التي كانت قد بدأت خطوات في مكافحة حقيقية للفساد في وزارة الثقافة. وبهذه النماذج وغيرها الكثير تثبت المرأة اليمنية جدارتها في القيادة والمشاركة مع الرجل جنباً إلى جنب في بناء الوطن.