ما أشبه الليلة بالبارحة يا عدن.. الشيخ النعمان يبكي في فبراير 1960 والرئيس هادي يعود إليك في فبراير 2015

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب  محمد  يابلي
نجيب محمد يابلي
المشكل الأكبر أن العربي عامة لايقرأ وعلى وجه الخصوص في هذه البلاد، حيث الكبير قبل الصغير لايقرأ، وإن قرأ لايستقرئ وتأخذه العزة بالأثم. وتاريخنا في هذه البلاد خاصة جله نكبات ودماء وتصفية حسابات وعقليات مؤامرات، والتحدي الأكبر الذي يواجههم أنهم عاجزون عن تقديم قراءة لتاريخهم، على الأقل للفترة من 1767 حتى 1967.. اتحداهم أن يقدموا قراءة لهذه الفترة.
من المتفق عليه أن عدن غبنت كثيراً، وأول من مارس الغبن عليها هم أبناؤها الذين تاهوا في التنظير لعدن وحملوها فوق طاقتها، فنكبت وأخرجوها أو تعسفوا إخراجها من مسارها الجغرافي والتاريخي والثقافي والاقتصادي.. هذه الحاضرة التي مجدها سفر حزقيال من التوراة، وقال عنها مؤلف كتاب “رحلة إلى البحر الأحمر” وهو يوناني مجهول عاش في القرن الأول للميلاد: “عدن مدينة تجارية يسودها القانون.. مزدحمة بملاك السفن العرب والبحارة وأهلها يتاجرون على السواحل البعيدة (يقصد الهند والصين) ويرسلون سفنهم إلى هناك”.
قبل 1900 عام كان القانون يسود عدن، والآن يسودها قانون البلاطجة من العسكر وغير العسكر الذين يدمرون عدن ويذبحونها بأسلوب ممنهج، ولا رقيب ولا عتيد، والحديث كلة عن الثورة، أما التخريب والبسط والنهب فلا أحد يتحدث عنه، وحسبنا الله ونعم الوكيل!.
أقف أمام صحيفة “فتاة الجزيرة” في عددها (1261) الصادر في 19 فبراير 1960 (أي قبل 55 عاماً)، ورد بالخط العريض (الشيخ أحمد محمد نعمان يبكي لأن اليمنيين نفروا أبناء عدن الذين تبنوا قضيتنا).
جاء الشيخ النعمان إلى عدن في زيارة لها في منتصف فبراير 1960م وأقيمت له مأدبة غذاء كبرى لم تشهد عدن لها مثيلاً ونظم مجلس مقيل على شرفه وألقيت كلمات وقصائد ترحيبية بالرجل الكبير، ثم ألقى الشيخ النعمان كلمة بللتها الدموع عندما تاسف كثيراً على الحال الذي وصل إليه إخوانه اليمنيون بعد فراقة لهم منذ (12) عاما، وتفجرت ينابيع الدموع من مقلتي الشيخ الجليل وهو يقول: “ومما آسف له أنني سمعت أنكم نفرتم أبناء عدن عنكم.. الأمر الذي جعلني أبكي على نفسي حزنا لما حدث منكم بعدي ضد أبناء عدن الذين تبنوا قضيتنا وساهموا فيها ماديا ومعنويا وأدبيا ولا يزالون يساهمون، فلم أر صحيفة ولا ناديا ولا جماعة ولا فرداً إلا يعطف على قضيتنا. إني والله طفت العالم بأسره فلم أجد قوما يعطفون علينا كأهل عدن، وصحبت رجال العالم فلم أجد قلوبا كقلوب العدنيين ولا أرواحا كأرواحهم ولا حماسا كحماسهم لقضيتنا”.
أردف الشيخ النعمان قائلا وهو يبكي: “لقد أوونا ونصرونا (يقصد العدنيين) ولا زالوا.. إنا لم نجد كتابا ينشر عن قضيتنا إلا في عدن، ومن الواجب عرفان الجميل.. ولا يسعني إزاء ما حدث بعدي من سوء التفاهم مع أبناء عدن إلا البكاء وذرف الدموع حتى أكفر عما حدث بعدي”.
من هذا المشهد الدرامي في مطلع النصف الثاني من فبراير 1960م إلى النصف الثاني من فبراير 2015م (والفاصل بين الواقعتين 55 عاماً) ذلك أن وسائل الإعلام المحلية والخارجية تناقلت خبر خروج الرئيس هادي من منزله فجر السبت 21 فبراير 2015م والجند نيام.
كما جاء في الخبر “وكان الرئيس هادي قد التحق بخدمة جيش محمية عدن الغربية (الليوي) عام 1956 لينعم بالاستقرار في هذه المدينة الطيبة”.
الخبر كما جاء (وفي اعتقادي ضمن سيناريو خارجي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية) لإعلان عدن عاصمة اتحادية وستتركز كل المصالح فيها أي إن مراكز النفوذ من أبناء حاشد وبكيل بن همدان سيعززون من وجودهم في عدن، ولهم فيها ملكيات عقارية وأرض مع جنوبيين.. (أقصد إن هؤلاء وأولئك لهم ملكياتهم العقارية وأرض اكتسبوها خلال الفترة من بعد حرب صيف 1994 حتى يومنا هذا).
سيصبح من حق قبائل الشمال أن تستميت في الدفاع عن العاصمة، أما سقوط صنعاء بيد الحوثيين في 21 سبتمبر 2014 فقد كان سقوط مسرحيا تحت مظلة أجهزة استخبارية خارجية لاتزال تسيطر على البلاد، ولن يشق أحد عصا الطاعة.. كلها لعبة.
كم أنت عظيمة يا عدن، ولا نامت عين للمتآمرين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى