ستيريو ماريا يندب حظه: من كم تبيع الجزم .. حالي الجزم حالي

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب  محمد  يابلي
نجيب محمد يابلي
أسرة “عيسى” أسرة عدنية عريقة ارتبطت بحي “القطيع” ما يقارب القرن من الزمان إلى جانب عدد من الأسر العدنية الكريمة، ويدير ولدها محمد عبده عيسى “ستيريو ماريا” لعقود من الزمان، وأنا أحد الشهود على العصر، وكم ترددت على هذا الأستيريو العريق الذي يعتبر أحد معالم هذه المدينة الطيبة والأستيريو شاهد قوي على مدنية المجتمع في عدن.
جودة الكاسيت في هذا الاستيريو من جودة أشرطة التسجيل بإذاعة عدن منذ أيام الراحل الكبير الأستاذ حسين محمد الصافي لأن أصدقاء الأسرة من بيت عيسى يعمل بعضهم في وسائل الإعلام ومنها إذاعة عدن وكانوا يقومون بالتسجيل لصالح الاستيريو.
امتعنا “استيريو ماريا” بأشرطة الزمن الجميل، فتجد في هذا المحل كاسيتات أروع أغاني محمد عبدالوهاب ووديع الصافي وكارم محمود ومحمد رشدي وأحمد بن أحمد قاسم وعبدالحليم حافظ وأم كلثوم وفيروز وفتحية الصغيرة، ومحرم فؤاد وسالم أحمد بامدهف ومحمد مرشد ناجي ورجاء باسودان وفيصل علوي وأبوبكر بلفقيه وأمل كعدل وماهر العطار وياسين فارع وأبوبكر فارع وصباح منصر ومحمد سعيد منصر وأحمد علي قاسم ووردة الجزائرية وفايزة أحمد ومحمد فوزي وفؤاد الشريف وفريد الأطرش وأسمهان وفايدة كامل ونجاح سلام ومحمد صالح حمدون وعبدالكريم توفيق والعطروش.
الثقافة الموسيقية في عدن لم تعد كسابق عهدها، وأقول ذلك لأن تقدما تقنيا طرأ على وسيلة نقل الأغنية، حيث غاب الكاسيت وحلت محله الذاكرة بمختلف السعات: 2 جيجا، 4 جيجا، 8 جيجا ، 16 جيجا، وأصبحت الذاكرة الواحدة تتسع قدرتها لمائة أغنية وأكثر والذاكرة أصغر بكثير من عقلة الأصبع الواحدة، لكنها تقدم الشيء الكثير، لكن الذوق والثقافة الموسيقية هابطان ونجدهما عند القلة منهم حسين مصطفى رفعت.
انحسرت المبيعات كثيراً في استيريو ماريا وقابل ذلك ارتفاع في إيجار المحل فحوله صاحبه إلى محل لبيع الجزم، ونحى ابن عيسى منحى فلسفيا، فالواقع واقع جزم والتراتب المنطقي يقتضي تحويله إلى محل لبيع الجزم، منها لمواجهة تكاليف الحياة، ومنها لضرب هذا الواقع بالجزم.
إذاً.. كان استيريو ماريا يردد بالأمس أغنية “دلا بنفسك دلا” وتحديداً الكوبليه “من كم تبيع العنب.. حالي العنب حالي”، فقد أصبح حال الاستريو مقلوب رأسا على عقب، فمررت بجانبه صباح الأحد الماضي ورأيت محمد عبده عيسى جالساً أمام محله، وفي الفترينات نماذج من الجزم فغنيت له الكوبليه المذكور وفق المتغير الذي طرأ فرفعت صوتي وأنا أطرب “من كم تبيع الجزم .. حالي الجزم حالي”، فضحك ابن عيسى وأعجبه هذا الإسقاط على الواقع الساقط: “كيه براسي، اكتب هذا الكلام في “الأيام”، فرديت عليه بالعدني الفصيح أيضاً “أبب.. والله لاكتبها!”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى