> نيويورك «الأيام» خاص
تنشر «الأيام» على حلقات تقرير فريق الخبراء المكلف من لجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي لتقصي الجهات والشخصيات المعرقلة للعملية السياسية في اليمن، والتي باشرت أعمالها في اليمن بموجب قرار المجلس رقم (2140) بتاريخ 15 يناير 2014م.
ويكشف تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات الأممية عن خفايا ومسببات الأحداث التي شهدتها اليمن منذ توقيع الأطراف السياسية على المبادرة الخليجية وحتى اقتحام صنعاء من قبل الحوثيين، وتحديد الأطراف التي تقف خلف ما يعتمل في اليمن من إسقاط للدولة ومؤسسات الرئاسية والتشريعية والمدنية والعسكرية بشكل لم تشهده عاصمة عربية من قبل.
ولأهمية تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن تضعه «الأيام» بين أيدي قرائها.
وأشارت مصادر عديدة إلى أنهم احتلوا ما يزيد عن 20 مدرسة ودمروا ما يزيد عن 30 مدرسة أخرى نتيجة للنزاع. وأبلغت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن الحوثيين احتلوا 24 مدرسة في عمران.
122 - وأَبلغت مجموعة من المحاورين أيضا عن مقتل مدرسيّن اثنين في رضوة (محافظة ذمار)، وتحويل عدة مدارس إلى مستودعات لتخزين الأسلحة بما في ذلك ما يلي: (أ) المدارس في الصرارة بمنطقة عيال يزيد؛ (ب) مدرسة الفلاح في مديرية وعلة ريدة؛ (ج) ومدرسة الخنساء للبنات في الغولة؛ (د) ومدرسة نجار للبنين في الغولة؛ (هـ) ومدرسة الشهيد في مسار بمنطقة الزافن.
123 - واستنادا إلى الأدلة التي جمعها الفريق، احتلت قوات الحوثيين، في 9 مارس 2014، مدرسة طارق بن زياد الداخلية في الصرم، مديرية ثلا، بمحافظة عمران. ونهبوا المخزونات ودمروا المدرسة وكذلك مدرسة تحفيظ القرآن المجاورة. ثم مضى المقاتلون الحوثيون المسلحون يقتلون مدير المدرسة بالإضافة إلى جارين اثنين. ووفقا لإفادات شهود عيان، ذكر الرجال المسلحون، عندما سُئلوا عن سبب تدميرهم المدرسة، أنهم قاموا بذلك لأنها “كانت تحدث أضرارا”. وقدم أعضاء المجتمع المحلي شكوى رسمية إلى الفريق، موجهة إلى وزير الداخلية عبده حسين الترب، فضلا عن أدلة وثائقية أخرى بشأن هذه الحادثة. ولا تكشف الأدلة الشفوية أو المستندية عن أسماء الجناة.
124 - وحصل الفريق على معلومات عن هجمات شُنت على مرافق صحية وعلى العاملين فيها في عمران. وورد أن الحوثيين اقتحموا المكتب الصحي في عمران ضمن عملية استيلائهم على المكاتب الحكومية والمؤسسات العامة. وجرى أيضا تسليم مستشفى عمران العام إلى الحوثيين في 7 يوليو 2014. وفي 8 يوليو 2014، ألقى مقاتلون حوثيون القبض على عدة أفراد جرحى في مستشفى عمران العام واقتادوهم إلى مكان مجهول. وفي 24 يونيو 2014، استولى الحوثيون أيضا على سيارة إسعاف واختطفوا عدة عاملين في المجال الصحي. وقد أفرجوا عنهم بعد ثلاثة أيام.
125 - وقد قام الحوثيون، بعد استيلائهم على محافظة عمران، باحتجاز معارضين سياسيين وحبسوهم في سجون مؤقتة. وأبلغ عدة محاورين الفريقَ عن قيام الحوثيين بتحويل استاد الملعب الرياضي في عمران إلى مرفق احتجاز. واستخدموا مساكن خاصة أيضا كمرافق احتجاز. والفريق على علم بحالة احتجز فيها طفل يبلغ من العمر 15 عاما مع والده في هذا المرفق في 25 أغسطس 2014. وكانت التهمة الموجهة إلى هذا القاصرُ هي قيامه بكشط شعار لأنصار الله على جدار بمدينة عمران؛ ولم يعرف الأب سببا لاحتجازه سوى أنه كان يبحث عن ابنه. وأبلغ شهودُ عيان الفريقَ أيضا بأن مدرستين على الأقل ومكتب مجلس عمران المحلي حوّلت إلى مرافق احتجاز. على سبيل المثال، احتلت مدرسةٌ ابتدائية وثانوية مختلطة في منطقة عيال سريح بعمران، واستخدمت مرفق احتجاز. ثم أعيدت هذه المدرسة في وقت لاحق إلى الحكومة في أغسطس. كذلك احتلت مرافق عامة أخرى في بداية عملية الاستيلاء على عمران في يوليو.
126 - وفي أثناء إعداد هذا التقرير في يناير 2015، لا تزال توجد مرافق احتجاز غير رسمية خاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين أن الحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون في عمران تعد لإصلاح السجن المركزي الذي تعرض لأضرار أثناء النزاع المسلح. وكان هناك ما لا يقل عن 18 مدنيا مختطفين في وقت كتابة هذا التقرير. ولم يحصل الفريق على معلومات عن ظروف اختطافهم.
127 - ووفقا لإفادات وردت من شهود، نهب الحوثيون أماكن عمل الأمم المتحدة في محافظة عمران، وكذلك عدة مكاتب لمنظمات غير حكومية في عمران. وفي إحدى الحالات، اتهم الحوثيون منظمة غير حكومية بانتسابها لحزب الإصلاح، ومن ثم اعتبروها عدوا للحوثيين. وهذه الإجراءات هي جزء من استراتيجية الحوثيين للتوسع في نطاق نفوذها وسيطرتها على جميع الموارد والمؤسسات في المنطقة، بما في ذلك المعونة الإنسانية التي تشكل أحد الموارد الأساسية في تلك المحافظة الفقيرة.
128 - وقد قامت القوات الحوثية قبل استيلائها على عمران وبعده، بعملية تدمير منهجي لمنازل أعدائهم السياسيين، ولا سيما منازل الأفراد المنتسبين إلى حزب الإصلاح وأفراد القبائل الذين رفضوا التعاون معها. وأُجبر معظم الأفراد الذين استُهدفوا وأسرهم بعد ذلك على مغادرة عمران والتوجه إلى صنعاء. وتمكن الحوثيون، في إطار هذه الاستراتيجية، من طرد معارضيهم السياسيين تدريجيا من أراضيهم. وعلى سبيل المثال، أبلغ محاورون أن القوات الحوثية، في 5 مايو 2014، استهدفت عدة منازل في منطقة الجنات بعمران. وعُرض على الفريق أيضا شريط فيديو يبين التدمير الكامل لمنزل أحد المحاورين في محافظة عمران وغير ذلك من الصور الفوتوغرافية والتقارير المتعلقة بتدمير الممتلكات الخاصة. واستخدم الحوثيون الألغام من أجل تدمير المباني حسبما جاء في روايات شهود عيان وتقارير للمنظمات غير الحكومية المحلية. وتشير بعض التقارير إلى أن الحوثيين حذروا السكان المحليين قبل تفعيل المتفجرات.
129 - وكان ما يقدر بـنحو 000 45 شخص قد شُردوا أثناء أعنف مراحل القتال في محافظة عمران بين أبريل و يوليو 2014. وتوجه معظم الأشخاص الذين شُردوا إلى صنعاء.
**ج - حالة صنعاء
130 - بعد استيلاء الحوثيين على عمران، نفذوا خطتهم الرامية للاستيلاء على صنعاء على ثلاث مراحل: أولاها تطويقُ صنعاء، ثم الدخول إلى صنعاء باستخدام الاحتجاجات ضد وقف إعانة دعم الوقود كذريعة، واحتلال صنعاء بالقوة والخداع. وصيغت خطة الحوثيين للاستيلاء على صنعاء ونُفذت بينما كانوا يتقدمون في عمران، بقيامهم في نفس الوقت بتطويق صنعاء عبر مديرية همدان في الغرب، وأرحب في الشمال، ومأرب في الشرق، والغيل في محافظة الجوف الواقعة في المنطقة الشمالية الشرقية، باستخدام تكتيك شن هجمات عنيفة إلى جانب إبرام اتفاقات استراتيجية لوقف إطلاق نار أو توقيع هدنة (انظر المرفق الثالث).
131 - وفي 18 أغسطس 2014، أصدر عبد الملك الحوثي بيانا بشأن الاحتجاجات الجارية في صنعاء على وقف إعانة دعم الوقود، يشجع فيه الناس على الاحتجاج على عدم قيام الحكومة اليمنية بإصلاحات، ويوجه فيه إنذارا إلى الحكومة طالبا منها أن تعيد النظر في سياساتها. وشكل ذلك المرحلة الأولى من خطة التصعيد الثلاثية المراحل التي أطلقها عبد الملك الحوثي. وجاءت المرحلتان الثانية والثالثة في أعقاب إلقائه خطابين على شاشة التلفزيون في 22 أغسطس 2014 و 8 سبتمبر 2014 على التوالي. وأسفرت تلك الخطة عن قيام المتظاهرين الحوثيين وحلفائهم من القبائل، بما في ذلك العناصر التي تنتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، باقتحام صنعاء وإقامة مخيمات اعتصام بالقرب من نقاط الدخول إليها والاحتشاد في شوارعها، ومن ثم تجميد سير أنشطة الحياة العادية.
132 - واعتبارا من 7 سبتمبر 2014، سدّ المتظاهرون الطرق المؤدية إلى مطار صنعاء الدولي ومختلف وزارات الحكومة، ومنعوا أيضا المرور في الطرق المؤدية إلى تعز وعمران والحديدة. وأدى ذلك إلى نشوب أول نزاع مع قوات الجيش التي توجهت لفتح هذه الطرق؛ ثم تلا ذلك اشتباكات عنيفة اندلعت في المناطق المجاورة لمكتب رئيس الوزراء ثم امتدت إلى مقر القناة التلفزيونية الحكومية، ومعسكر الفرقة المدرعة الأولى، وجامعة الإيمان، والمعسكرات الواقعة قرب منطقتي شملان وحزير.
133 - وكشف محاورون، في شهادات أدلوا بها شخصيا، أن الحوثيين تلقوا في 21 سبتمبر 2014 مساعدة واضحة من الحرس الجمهوري، قام بتنسيقها أفراد من عائلة صالح، مما يسّر اجتياح الحوثيين لصنعاء والسيطرة على العديد من المباني الحكومية ومقار الوزارات، منها مركز قيادة الجيش ومقر القناة التلفزيونية الحكومية. وبالإضافة إلى ذلك، هاجم المقاتلون ونهبوا أماكن إقامة اللواء علي محسن الأحمر وزعماء لحزب الإصلاح، وحاصروا مبنى جهاز الأمن القومي في صنعاء. وفي اليوم التالي، انتشرت قوات من الحوثيين في العاصمة وأقامت نقاط تفتيش أمني، وجابت الشوارع في مركبات للجيش مع حضور محدود لقوات الأمن. ووفقا لشهادات شخصية يرفض الحوثيون حتى الآن تسليم الأسلحة والمعدات التابعة للحكومة التي نهبوها، وهم يتحكمون بجميع المهام الرئيسية للحكومة بواسطة لجان ثورية و شعبية.
134 - وكانت صنعاء تحت حراسة عدد لا يقل عن 000 100 جندي من الحرس الجمهوري وقوات الاحتياط، ومعظمهم موالون للرئيس السابق، وليس هناك أدنى شك في أن استيلاء الحوثيين السريع على صنعاء كان مرده إلى حد كبير لتواطئهم مع الحوثيين. وأفاد العديد من المحاورين المطّلعين، ومنابر إعلامية مفتوحة المصدر أن أحمد علي صالح كان على اتصال دائم بضباط الحرس الجمهوري لتأمين تقديم المساعدة إلى الحوثيين. وفادت مصادر سرية أيضا بأن اللواء مهدي مقولة واللواء علي الجائفي (قائد قوات الاحتياط) كانا يساعدان الحوثيين بالنيابة عن علي عبد الله صالح. وزعم أحد المحاورين أيضا، في شهادة شخصية، أن ابن مقولة، وهو ضابط في الحرس الجمهوري، شوهد وهو يقاتل إلى جانب قوات الحوثيين مرتديا ملابس مدنية.
135 - وفي الفترة الأخيرة، اتهم وزير الدفاع، محمود الصبيحي، علنا بعض رؤساء أركان الجيش بالخيانة والتواطؤ مع الميليشيات المسلحة، وبمنع القوات المسلحة من أداء واجباتها. وقال الوزير الصبيحي، في خطاب ألقاه أمام الوحدات العسكرية في 27 نوفمبر 2014، أن القيادة الجديدة لوزارة الدفاع تولي أولوية عليا لمواجهة نكسات القوات المسلحة، التي تعرضت للذل والإهانة.
136 - ويُبرز سقوط صنعاء استراتيجية الحوثيين التوسعية التي بدأت في صعدة وحجة وعمران، وتستمر بتنفيذ العمليات المسلحة في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء وإب وتعز، وهي تكشف أن ما كانوا يسعون إليه هو أن يسيطروا بصورة ساحقة على عملية صنع القرار في اليمن، وأن يصبحوا مركز السلطة المهيمنة في البلد.
137 - واستولى الحوثيون وحلفاؤهم بصورة مطّردة على المباني العامة، بما فيها الوزارات والجامعات والمدارس ومواقع عمل المنابر الإعلامية. واستنادا إلى ما توصلت إليه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ففي الفترة من 18 إلى 26 سبتمبر، استهدفت قوات الحوثيين 32 مؤسسة عامة ومنظمة من منظمات المجتمع المدني (حيث احتلتها مواقعها، وقامت في بعض الأحيان بنهبها).
138 - واستنادا إلى ما ذكرته وزارة الصحة العامة والسكان، قُتل 247 شخصا وأُصيب 470 آخرين (من مدنيين ومقاتلين)، بما في ذلك 116 مدنيا أثناء استيلاء الحوثيين على صنعاء. ووفقا لما ذكرته فرقة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بتوثيق الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الأطفال، أدى النزاع المسلح إلى مقتل ما لا يقل عن تسعة صبيان وتشوّه أكثر من 25 طفلا. وفي 9 أكتوبر، أسفر هجوم انتحاري شُنّ ضد تجمع للحوثيين في ميدان التحرير عن مقتل 53 شخصا منهم تسعة أطفال، وإصابة 83 شخصا منهم 10 أطفال. وقد أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن ذلك الهجوم.
139 - وأفادت وزارة التعليم أن ما لا يقل عن 51 مدرسة أصيبت بأضرار جراء أعمال العنف التي حالت دون ذهاب الأطفال إلى فصولهم الدراسية، واستخدمت الأطراف المتنازعة 15 مدرسة من تلك المدارس لأغراض عسكرية. وفي 11 أكتوبر، أفادت وزارة التربية والتعليم أن جميع المدارس قد أُخليت وأُعيدت مسؤوليتها إلى السلطات المدنية. ولا تكشف هذه الإحصاءات الحكومية عن هوية المقاتلين الذين احتلوا المدارس. إلا أن مصادر مختلفة أكدت أن الحوثيين احتلوا عددا من المدارس.
140 - وتلقى الفريق إفادات متعددة بقيام الحوثيين بعمليات احتجاز في صنعاء، وقد تعرض لهذه العمليات في معظمها أشخاص ينتمون إلى حزب الإصلاح. ووفقا لما ذكرته مفوضية حقوق الإنسان، تعرّض 19 شخصا، أثناء النزاع، للاحتجاز في مرافق احتجاز غير رسمية بسبب انتمائهم إلى حزب الإصلاح. وقد أُفرج عن جميع المحتجزين منذ ذلك الوقت. وإجمالا، احتجز الحوثيون ما لا يقل عن 124 مدنيا، منهم قصر (شبان)، بصورة غير مشروعة في عمران وصنعاء منذ يوليو 2014. ووفقا لما أفاد به أحد المصادر، تتّبع أعمال الاحتجاز التي يقوم بها الحوثيون و اللجان الشعبية التابعة لهم نسقا الغرض منه التحقّق من انتماء الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة و 60 سنة. وفي معظم الحالات، أُفرج عن أولئك الأشخاص بعد فترة وجيزة من احتجازهم. غير أن ثمة شهادات شخصية زُعم فيها أن بعض الأسرى البارزين أُخذوا إلى صعدة. ولم يتمكن الفريق من التحقق من صحة هذه المعلومة أو توثيق حالات فردية.
141 - ويمكن ملاحظة نسق تشهده صنعاء في الاستيلاء على منازل الأعداء السياسيين للحوثيين، وعلى الأخص الأشخاص المنتمين إلى حزب الإصلاح. ووفقا لتقييم أجرته الأمم المتحدة، استُهدف ما مجموعة 32 منزلا. ومن المنازل العديدة التي استُولي عليها ثم أُخليت في وقت لاحق، منازل عائلة الأحمر، ومنزل الجنرال علي محسن، ومنزل ناشط بارز ينتمي إلى حزب الإصلاح. ووفقا للمعلومات التي وردت، ومنها ما ورد من مصدر معني مباشرة بالأمر، لم تتعرض المنازل للنهب أو التدمير بصورة منهجية. وأخبر أحد المصادر الفريقَ أن الحوثيين كانوا، عند مغادرتهم تلك الأماكن، يُرغمون مالكيها على توقيع وثيقة تسليم تؤكد أن الممتلكات غير ناقصة وأنه لم يلحقها ضرر.
**د - الحالة: الحديدة والبيضاء وإب
142 - بعد سقوط صنعاء، استولت قوات الحوثيين على مدينة الحديدة الساحلية في 15 أكتوبر 2014. وفي وقت إعداد هذا التقرير، كانت هذه القوات تسيطر على الخط الساحلي الممتد إلى جنوب غرب ساحل رأس عيسى. ويكتسب هذا الأمر أهمية استراتيجية لقرب الساحل من مضيق باب المندب. ويُتاخم الساحل الغربي لليمن أيضا الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية. وما يزيد من المخاوف المصرية والسعودية المتولدة عن استيلاء الحوثيين على الحديدة تغلغل الحوثيين في محافظة تعز بالقرب من هذا المضيق.
143 - وقد أدى توسع الحوثيين صوب غرب صنعاء وجنوبها (انظر المرفق الثالث) إلى تفاقم التوترات الطائفية، وأدى إلى زيادة تعاطف القبائل السنّية مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ولا سيما في محافظتي إب والبيضاء حيث تحالفت بعض القبائل المحلية علنا مع التنظيم. فأبناء القبائل السنّية في رداع، وهي مديرية تقع في محافظة البيضاء، الذين حاربوا التنظيم قبل عامين متحالفون الآن معه بدافع التضافر الطائفي. وقد شهدت هذه المناطق اشتباكات عنيفة مع قوات الحوثيين في أعقاب تقدم قوات الحوثيين في منتصف أكتوبر. وصرح الحوثيون أن تقدم قواتهم في هذه المناطق كان مرده إلى التفجير الانتحاري الذي وقع في صنعاء في 9 أكتوبر 2014، والذي أسفر عن مقتل 47 شخصا، منهم مدنيون ومقاتلون حوثيون.
144 - وفي 16 ديسمبر 2014، اجتاحت مجموعة من المقاتلين المسلحين المنتمين إلى قوات الحوثيين مكتب محافظ الحديدة، وعينت قسرا محافظا جديدا مكانه. وبعد استيلاء قوات الحوثيين على الحديدة، اجتاحوا محافظة إب تدريجيا، وواجهوا مقاومة من بعض القبائل المحلية ومن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ووفقا لما ذكرته مصادر سرية، فقد تمكنوا من السيطرة على إب في 5 نوفمبر 2014. واستمر انتشار قوات الحوثيين في التلال المحيطة بمطار تعز خلال نوفمبر و ديسمبر 2014. وواصلوا اتباع استراتيجيتهم في تدمير منازل أعدائهم والإزاحة القسرية لمن يرفضون التعاون معهم. وبالتزامن مع ذلك، تصاعدت مقاومة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتزايدت أعداد المنتمين إليه من القبائل. واستهدف المقاتلون من التنظيم المدنيينَ المزعوم انتماؤهم إلى الحوثيين، وهاجموهم في الأماكن العامة وفي منازلهم.
ويكشف تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات الأممية عن خفايا ومسببات الأحداث التي شهدتها اليمن منذ توقيع الأطراف السياسية على المبادرة الخليجية وحتى اقتحام صنعاء من قبل الحوثيين، وتحديد الأطراف التي تقف خلف ما يعتمل في اليمن من إسقاط للدولة ومؤسسات الرئاسية والتشريعية والمدنية والعسكرية بشكل لم تشهده عاصمة عربية من قبل.
ولأهمية تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن تضعه «الأيام» بين أيدي قرائها.
وأشارت مصادر عديدة إلى أنهم احتلوا ما يزيد عن 20 مدرسة ودمروا ما يزيد عن 30 مدرسة أخرى نتيجة للنزاع. وأبلغت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن الحوثيين احتلوا 24 مدرسة في عمران.
122 - وأَبلغت مجموعة من المحاورين أيضا عن مقتل مدرسيّن اثنين في رضوة (محافظة ذمار)، وتحويل عدة مدارس إلى مستودعات لتخزين الأسلحة بما في ذلك ما يلي: (أ) المدارس في الصرارة بمنطقة عيال يزيد؛ (ب) مدرسة الفلاح في مديرية وعلة ريدة؛ (ج) ومدرسة الخنساء للبنات في الغولة؛ (د) ومدرسة نجار للبنين في الغولة؛ (هـ) ومدرسة الشهيد في مسار بمنطقة الزافن.
123 - واستنادا إلى الأدلة التي جمعها الفريق، احتلت قوات الحوثيين، في 9 مارس 2014، مدرسة طارق بن زياد الداخلية في الصرم، مديرية ثلا، بمحافظة عمران. ونهبوا المخزونات ودمروا المدرسة وكذلك مدرسة تحفيظ القرآن المجاورة. ثم مضى المقاتلون الحوثيون المسلحون يقتلون مدير المدرسة بالإضافة إلى جارين اثنين. ووفقا لإفادات شهود عيان، ذكر الرجال المسلحون، عندما سُئلوا عن سبب تدميرهم المدرسة، أنهم قاموا بذلك لأنها “كانت تحدث أضرارا”. وقدم أعضاء المجتمع المحلي شكوى رسمية إلى الفريق، موجهة إلى وزير الداخلية عبده حسين الترب، فضلا عن أدلة وثائقية أخرى بشأن هذه الحادثة. ولا تكشف الأدلة الشفوية أو المستندية عن أسماء الجناة.
124 - وحصل الفريق على معلومات عن هجمات شُنت على مرافق صحية وعلى العاملين فيها في عمران. وورد أن الحوثيين اقتحموا المكتب الصحي في عمران ضمن عملية استيلائهم على المكاتب الحكومية والمؤسسات العامة. وجرى أيضا تسليم مستشفى عمران العام إلى الحوثيين في 7 يوليو 2014. وفي 8 يوليو 2014، ألقى مقاتلون حوثيون القبض على عدة أفراد جرحى في مستشفى عمران العام واقتادوهم إلى مكان مجهول. وفي 24 يونيو 2014، استولى الحوثيون أيضا على سيارة إسعاف واختطفوا عدة عاملين في المجال الصحي. وقد أفرجوا عنهم بعد ثلاثة أيام.
125 - وقد قام الحوثيون، بعد استيلائهم على محافظة عمران، باحتجاز معارضين سياسيين وحبسوهم في سجون مؤقتة. وأبلغ عدة محاورين الفريقَ عن قيام الحوثيين بتحويل استاد الملعب الرياضي في عمران إلى مرفق احتجاز. واستخدموا مساكن خاصة أيضا كمرافق احتجاز. والفريق على علم بحالة احتجز فيها طفل يبلغ من العمر 15 عاما مع والده في هذا المرفق في 25 أغسطس 2014. وكانت التهمة الموجهة إلى هذا القاصرُ هي قيامه بكشط شعار لأنصار الله على جدار بمدينة عمران؛ ولم يعرف الأب سببا لاحتجازه سوى أنه كان يبحث عن ابنه. وأبلغ شهودُ عيان الفريقَ أيضا بأن مدرستين على الأقل ومكتب مجلس عمران المحلي حوّلت إلى مرافق احتجاز. على سبيل المثال، احتلت مدرسةٌ ابتدائية وثانوية مختلطة في منطقة عيال سريح بعمران، واستخدمت مرفق احتجاز. ثم أعيدت هذه المدرسة في وقت لاحق إلى الحكومة في أغسطس. كذلك احتلت مرافق عامة أخرى في بداية عملية الاستيلاء على عمران في يوليو.
126 - وفي أثناء إعداد هذا التقرير في يناير 2015، لا تزال توجد مرافق احتجاز غير رسمية خاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين أن الحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون في عمران تعد لإصلاح السجن المركزي الذي تعرض لأضرار أثناء النزاع المسلح. وكان هناك ما لا يقل عن 18 مدنيا مختطفين في وقت كتابة هذا التقرير. ولم يحصل الفريق على معلومات عن ظروف اختطافهم.
127 - ووفقا لإفادات وردت من شهود، نهب الحوثيون أماكن عمل الأمم المتحدة في محافظة عمران، وكذلك عدة مكاتب لمنظمات غير حكومية في عمران. وفي إحدى الحالات، اتهم الحوثيون منظمة غير حكومية بانتسابها لحزب الإصلاح، ومن ثم اعتبروها عدوا للحوثيين. وهذه الإجراءات هي جزء من استراتيجية الحوثيين للتوسع في نطاق نفوذها وسيطرتها على جميع الموارد والمؤسسات في المنطقة، بما في ذلك المعونة الإنسانية التي تشكل أحد الموارد الأساسية في تلك المحافظة الفقيرة.
128 - وقد قامت القوات الحوثية قبل استيلائها على عمران وبعده، بعملية تدمير منهجي لمنازل أعدائهم السياسيين، ولا سيما منازل الأفراد المنتسبين إلى حزب الإصلاح وأفراد القبائل الذين رفضوا التعاون معها. وأُجبر معظم الأفراد الذين استُهدفوا وأسرهم بعد ذلك على مغادرة عمران والتوجه إلى صنعاء. وتمكن الحوثيون، في إطار هذه الاستراتيجية، من طرد معارضيهم السياسيين تدريجيا من أراضيهم. وعلى سبيل المثال، أبلغ محاورون أن القوات الحوثية، في 5 مايو 2014، استهدفت عدة منازل في منطقة الجنات بعمران. وعُرض على الفريق أيضا شريط فيديو يبين التدمير الكامل لمنزل أحد المحاورين في محافظة عمران وغير ذلك من الصور الفوتوغرافية والتقارير المتعلقة بتدمير الممتلكات الخاصة. واستخدم الحوثيون الألغام من أجل تدمير المباني حسبما جاء في روايات شهود عيان وتقارير للمنظمات غير الحكومية المحلية. وتشير بعض التقارير إلى أن الحوثيين حذروا السكان المحليين قبل تفعيل المتفجرات.
129 - وكان ما يقدر بـنحو 000 45 شخص قد شُردوا أثناء أعنف مراحل القتال في محافظة عمران بين أبريل و يوليو 2014. وتوجه معظم الأشخاص الذين شُردوا إلى صنعاء.
**ج - حالة صنعاء
130 - بعد استيلاء الحوثيين على عمران، نفذوا خطتهم الرامية للاستيلاء على صنعاء على ثلاث مراحل: أولاها تطويقُ صنعاء، ثم الدخول إلى صنعاء باستخدام الاحتجاجات ضد وقف إعانة دعم الوقود كذريعة، واحتلال صنعاء بالقوة والخداع. وصيغت خطة الحوثيين للاستيلاء على صنعاء ونُفذت بينما كانوا يتقدمون في عمران، بقيامهم في نفس الوقت بتطويق صنعاء عبر مديرية همدان في الغرب، وأرحب في الشمال، ومأرب في الشرق، والغيل في محافظة الجوف الواقعة في المنطقة الشمالية الشرقية، باستخدام تكتيك شن هجمات عنيفة إلى جانب إبرام اتفاقات استراتيجية لوقف إطلاق نار أو توقيع هدنة (انظر المرفق الثالث).
131 - وفي 18 أغسطس 2014، أصدر عبد الملك الحوثي بيانا بشأن الاحتجاجات الجارية في صنعاء على وقف إعانة دعم الوقود، يشجع فيه الناس على الاحتجاج على عدم قيام الحكومة اليمنية بإصلاحات، ويوجه فيه إنذارا إلى الحكومة طالبا منها أن تعيد النظر في سياساتها. وشكل ذلك المرحلة الأولى من خطة التصعيد الثلاثية المراحل التي أطلقها عبد الملك الحوثي. وجاءت المرحلتان الثانية والثالثة في أعقاب إلقائه خطابين على شاشة التلفزيون في 22 أغسطس 2014 و 8 سبتمبر 2014 على التوالي. وأسفرت تلك الخطة عن قيام المتظاهرين الحوثيين وحلفائهم من القبائل، بما في ذلك العناصر التي تنتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، باقتحام صنعاء وإقامة مخيمات اعتصام بالقرب من نقاط الدخول إليها والاحتشاد في شوارعها، ومن ثم تجميد سير أنشطة الحياة العادية.
132 - واعتبارا من 7 سبتمبر 2014، سدّ المتظاهرون الطرق المؤدية إلى مطار صنعاء الدولي ومختلف وزارات الحكومة، ومنعوا أيضا المرور في الطرق المؤدية إلى تعز وعمران والحديدة. وأدى ذلك إلى نشوب أول نزاع مع قوات الجيش التي توجهت لفتح هذه الطرق؛ ثم تلا ذلك اشتباكات عنيفة اندلعت في المناطق المجاورة لمكتب رئيس الوزراء ثم امتدت إلى مقر القناة التلفزيونية الحكومية، ومعسكر الفرقة المدرعة الأولى، وجامعة الإيمان، والمعسكرات الواقعة قرب منطقتي شملان وحزير.
133 - وكشف محاورون، في شهادات أدلوا بها شخصيا، أن الحوثيين تلقوا في 21 سبتمبر 2014 مساعدة واضحة من الحرس الجمهوري، قام بتنسيقها أفراد من عائلة صالح، مما يسّر اجتياح الحوثيين لصنعاء والسيطرة على العديد من المباني الحكومية ومقار الوزارات، منها مركز قيادة الجيش ومقر القناة التلفزيونية الحكومية. وبالإضافة إلى ذلك، هاجم المقاتلون ونهبوا أماكن إقامة اللواء علي محسن الأحمر وزعماء لحزب الإصلاح، وحاصروا مبنى جهاز الأمن القومي في صنعاء. وفي اليوم التالي، انتشرت قوات من الحوثيين في العاصمة وأقامت نقاط تفتيش أمني، وجابت الشوارع في مركبات للجيش مع حضور محدود لقوات الأمن. ووفقا لشهادات شخصية يرفض الحوثيون حتى الآن تسليم الأسلحة والمعدات التابعة للحكومة التي نهبوها، وهم يتحكمون بجميع المهام الرئيسية للحكومة بواسطة لجان ثورية و شعبية.
134 - وكانت صنعاء تحت حراسة عدد لا يقل عن 000 100 جندي من الحرس الجمهوري وقوات الاحتياط، ومعظمهم موالون للرئيس السابق، وليس هناك أدنى شك في أن استيلاء الحوثيين السريع على صنعاء كان مرده إلى حد كبير لتواطئهم مع الحوثيين. وأفاد العديد من المحاورين المطّلعين، ومنابر إعلامية مفتوحة المصدر أن أحمد علي صالح كان على اتصال دائم بضباط الحرس الجمهوري لتأمين تقديم المساعدة إلى الحوثيين. وفادت مصادر سرية أيضا بأن اللواء مهدي مقولة واللواء علي الجائفي (قائد قوات الاحتياط) كانا يساعدان الحوثيين بالنيابة عن علي عبد الله صالح. وزعم أحد المحاورين أيضا، في شهادة شخصية، أن ابن مقولة، وهو ضابط في الحرس الجمهوري، شوهد وهو يقاتل إلى جانب قوات الحوثيين مرتديا ملابس مدنية.
135 - وفي الفترة الأخيرة، اتهم وزير الدفاع، محمود الصبيحي، علنا بعض رؤساء أركان الجيش بالخيانة والتواطؤ مع الميليشيات المسلحة، وبمنع القوات المسلحة من أداء واجباتها. وقال الوزير الصبيحي، في خطاب ألقاه أمام الوحدات العسكرية في 27 نوفمبر 2014، أن القيادة الجديدة لوزارة الدفاع تولي أولوية عليا لمواجهة نكسات القوات المسلحة، التي تعرضت للذل والإهانة.
136 - ويُبرز سقوط صنعاء استراتيجية الحوثيين التوسعية التي بدأت في صعدة وحجة وعمران، وتستمر بتنفيذ العمليات المسلحة في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء وإب وتعز، وهي تكشف أن ما كانوا يسعون إليه هو أن يسيطروا بصورة ساحقة على عملية صنع القرار في اليمن، وأن يصبحوا مركز السلطة المهيمنة في البلد.
137 - واستولى الحوثيون وحلفاؤهم بصورة مطّردة على المباني العامة، بما فيها الوزارات والجامعات والمدارس ومواقع عمل المنابر الإعلامية. واستنادا إلى ما توصلت إليه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ففي الفترة من 18 إلى 26 سبتمبر، استهدفت قوات الحوثيين 32 مؤسسة عامة ومنظمة من منظمات المجتمع المدني (حيث احتلتها مواقعها، وقامت في بعض الأحيان بنهبها).
138 - واستنادا إلى ما ذكرته وزارة الصحة العامة والسكان، قُتل 247 شخصا وأُصيب 470 آخرين (من مدنيين ومقاتلين)، بما في ذلك 116 مدنيا أثناء استيلاء الحوثيين على صنعاء. ووفقا لما ذكرته فرقة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بتوثيق الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الأطفال، أدى النزاع المسلح إلى مقتل ما لا يقل عن تسعة صبيان وتشوّه أكثر من 25 طفلا. وفي 9 أكتوبر، أسفر هجوم انتحاري شُنّ ضد تجمع للحوثيين في ميدان التحرير عن مقتل 53 شخصا منهم تسعة أطفال، وإصابة 83 شخصا منهم 10 أطفال. وقد أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن ذلك الهجوم.
139 - وأفادت وزارة التعليم أن ما لا يقل عن 51 مدرسة أصيبت بأضرار جراء أعمال العنف التي حالت دون ذهاب الأطفال إلى فصولهم الدراسية، واستخدمت الأطراف المتنازعة 15 مدرسة من تلك المدارس لأغراض عسكرية. وفي 11 أكتوبر، أفادت وزارة التربية والتعليم أن جميع المدارس قد أُخليت وأُعيدت مسؤوليتها إلى السلطات المدنية. ولا تكشف هذه الإحصاءات الحكومية عن هوية المقاتلين الذين احتلوا المدارس. إلا أن مصادر مختلفة أكدت أن الحوثيين احتلوا عددا من المدارس.
140 - وتلقى الفريق إفادات متعددة بقيام الحوثيين بعمليات احتجاز في صنعاء، وقد تعرض لهذه العمليات في معظمها أشخاص ينتمون إلى حزب الإصلاح. ووفقا لما ذكرته مفوضية حقوق الإنسان، تعرّض 19 شخصا، أثناء النزاع، للاحتجاز في مرافق احتجاز غير رسمية بسبب انتمائهم إلى حزب الإصلاح. وقد أُفرج عن جميع المحتجزين منذ ذلك الوقت. وإجمالا، احتجز الحوثيون ما لا يقل عن 124 مدنيا، منهم قصر (شبان)، بصورة غير مشروعة في عمران وصنعاء منذ يوليو 2014. ووفقا لما أفاد به أحد المصادر، تتّبع أعمال الاحتجاز التي يقوم بها الحوثيون و اللجان الشعبية التابعة لهم نسقا الغرض منه التحقّق من انتماء الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة و 60 سنة. وفي معظم الحالات، أُفرج عن أولئك الأشخاص بعد فترة وجيزة من احتجازهم. غير أن ثمة شهادات شخصية زُعم فيها أن بعض الأسرى البارزين أُخذوا إلى صعدة. ولم يتمكن الفريق من التحقق من صحة هذه المعلومة أو توثيق حالات فردية.
141 - ويمكن ملاحظة نسق تشهده صنعاء في الاستيلاء على منازل الأعداء السياسيين للحوثيين، وعلى الأخص الأشخاص المنتمين إلى حزب الإصلاح. ووفقا لتقييم أجرته الأمم المتحدة، استُهدف ما مجموعة 32 منزلا. ومن المنازل العديدة التي استُولي عليها ثم أُخليت في وقت لاحق، منازل عائلة الأحمر، ومنزل الجنرال علي محسن، ومنزل ناشط بارز ينتمي إلى حزب الإصلاح. ووفقا للمعلومات التي وردت، ومنها ما ورد من مصدر معني مباشرة بالأمر، لم تتعرض المنازل للنهب أو التدمير بصورة منهجية. وأخبر أحد المصادر الفريقَ أن الحوثيين كانوا، عند مغادرتهم تلك الأماكن، يُرغمون مالكيها على توقيع وثيقة تسليم تؤكد أن الممتلكات غير ناقصة وأنه لم يلحقها ضرر.
**د - الحالة: الحديدة والبيضاء وإب
142 - بعد سقوط صنعاء، استولت قوات الحوثيين على مدينة الحديدة الساحلية في 15 أكتوبر 2014. وفي وقت إعداد هذا التقرير، كانت هذه القوات تسيطر على الخط الساحلي الممتد إلى جنوب غرب ساحل رأس عيسى. ويكتسب هذا الأمر أهمية استراتيجية لقرب الساحل من مضيق باب المندب. ويُتاخم الساحل الغربي لليمن أيضا الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية. وما يزيد من المخاوف المصرية والسعودية المتولدة عن استيلاء الحوثيين على الحديدة تغلغل الحوثيين في محافظة تعز بالقرب من هذا المضيق.
143 - وقد أدى توسع الحوثيين صوب غرب صنعاء وجنوبها (انظر المرفق الثالث) إلى تفاقم التوترات الطائفية، وأدى إلى زيادة تعاطف القبائل السنّية مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ولا سيما في محافظتي إب والبيضاء حيث تحالفت بعض القبائل المحلية علنا مع التنظيم. فأبناء القبائل السنّية في رداع، وهي مديرية تقع في محافظة البيضاء، الذين حاربوا التنظيم قبل عامين متحالفون الآن معه بدافع التضافر الطائفي. وقد شهدت هذه المناطق اشتباكات عنيفة مع قوات الحوثيين في أعقاب تقدم قوات الحوثيين في منتصف أكتوبر. وصرح الحوثيون أن تقدم قواتهم في هذه المناطق كان مرده إلى التفجير الانتحاري الذي وقع في صنعاء في 9 أكتوبر 2014، والذي أسفر عن مقتل 47 شخصا، منهم مدنيون ومقاتلون حوثيون.
144 - وفي 16 ديسمبر 2014، اجتاحت مجموعة من المقاتلين المسلحين المنتمين إلى قوات الحوثيين مكتب محافظ الحديدة، وعينت قسرا محافظا جديدا مكانه. وبعد استيلاء قوات الحوثيين على الحديدة، اجتاحوا محافظة إب تدريجيا، وواجهوا مقاومة من بعض القبائل المحلية ومن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ووفقا لما ذكرته مصادر سرية، فقد تمكنوا من السيطرة على إب في 5 نوفمبر 2014. واستمر انتشار قوات الحوثيين في التلال المحيطة بمطار تعز خلال نوفمبر و ديسمبر 2014. وواصلوا اتباع استراتيجيتهم في تدمير منازل أعدائهم والإزاحة القسرية لمن يرفضون التعاون معهم. وبالتزامن مع ذلك، تصاعدت مقاومة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتزايدت أعداد المنتمين إليه من القبائل. واستهدف المقاتلون من التنظيم المدنيينَ المزعوم انتماؤهم إلى الحوثيين، وهاجموهم في الأماكن العامة وفي منازلهم.