ياسين بقوش.. الفنان الذي طعن من الخلف

> علي راوح

> يعتبر الفن الكوميدي السوري من أرقى فنون الكوميديا في الوطن العربي، ذلك أن فن الكوميديا السوري امتاز بالنقد الصريح والشجاع للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عاشها الوضع في سوريا وفي الوطن العربي بشكل عام.
الفنان الراحل ياسين بقوش (ياسينو) يعتبر أحد فرسان هذا الفن وحظي طيلة مشواره حتى مماته بحب وشعبية كبيرة لدى الجمهور السوري والجمهور في الوطن العربي، معرفتي الشخصية بهذا النجم ابتدأت في مطلع الثمانينات ثم تكررت زيارتي بعد ذلك إلى سوريا وتعود بي الذاكرة إلى صيف عام 1987م عندما كنت متواجداً في العاصمة السورية دمشق، حينها دعاني ياسين لمشاهدة إحدى مسرحياته الناجحة والتي ـ حسب ما أتذكر ـ دام عرضها لما يقرب من عامين وهي مسرحية (ليلة عرس) حيث قام هو بتأليفها وأدى دور البطولة فيها. وفي المساء كنت بانتظاره في المدخل الرئيسي لسينما (دنيا) مكان عرض المسرحية، كنت ساعتها أتوقع حضوره على متن سيارة فاخرة جالساً في مقعدها الخلفي، لم لا؟! فهو نجم كوميدي شهير يحظى بحب وشعبية لدى الملايين من مشجعيه الذين يرون في أدواره ترجمة حقيقية لمعاناتهم وآلامهم.
وبينما أنا غارق في التفكير إذا بسيارة أجرة قديمة الصنع تتوقف أمام البوابة وبحركة سريعة نزل منها النجم الكوميدي (ياسين بقوش) محتضناً بين يديه طفلاً رضيعاً وتتبعه امرأة، ولحظتها لمحني واقفاً فحياني بلهجته الشامية “أهلين .. أهلين أبو اليمن” ثم شبك يده بيدي واصطحبني إلى المقاعد الأمامية للمسرح.. تابعت عرض المسرحية التي امتازت بطابع النقد الساخر للأوضاع والسلوكيات الشاذة التي يعاني منها الناس في سوريا والوطن العربي بشكل عام.. وفي الاستراحة استدعاني إلى خلف الكواليس في المسرح، ودار بيننا حديث شائق تعرفت من خلاله على كثير من مسيرته الفنية الطويلة وعرفت حينها أن ذلك الطفل الذي جاء به هو ابنه وتلك المرأة هي زوجته وهي ممثلة أساسية في المسرحية، ويضطران لأخذ طفلهما معهما بشكل يومي لعدم وجود من يهتم به في المنزل، وعرفت أن الفنان النجم ياسين لايمتلك سيارة شخصية تقله.
عرفت الكثير من جوانب حياته الشخصية وتحقق لي أن ما يقوم به من أدوار مسرحية لا تخرج عن الواقع الحقيقي لحياته، على عكس ما نشاهده من أدوار تمثيلية لبعض الممثلين الذين نجد أن حياتهم الشخصية بعيدة كل البعد عن تلك الأدوار التي يتقمصونها.. وعموم القول إن الفنان ياسين بقوش كان من الفنانين القلائل الذين يترجمون هموم ومعاناة الجماهير العربية من منطلق المعاناة الحقيقية النابعة من التجربة الشخصية في حياة هذا الفنان.
وعندما سألته عن حكمته في الحياة قال: “حكمتي تقول إذا طُعنت من الخلف فعلم إنك تسير في الإمام”، لقد قالها وهو لا يعلم ما يخبئه له القدر، ولا يدري أنه سيطعن يوماً، ولكن ليس بطعنة تقليدية بسكين، لكنه طعن قبل نحو عام بقذيفة صاروخية جاءته من الخلف فأتت على السيارة التي كان يستقلها فقتلته.
ألف رحمة عليك أيها الفنان المتواضع (ياسينو).
**علي راوح**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى