عصمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم

> يحيى عبدالله قحطان

>
يحيى عبدالله قحطان
يحيى عبدالله قحطان
لقد جاء ديننا الاسلامي الحنيف ليعصم ويحافظ على دماء المسلمين واموالهم واعراضهم، ولكي ينشر العدل والمحبة والوئام والمساواة والتآخي والتصالح والسلام بين كافة الناس على اختلاف أديانهم وأجناسهم وألوانهم «ليقوم الناس بالقسط» كما حارب الاسلام الظلم والقهر والاستبداد والاستكبار والعدوان واستغلال الانسان لأخيه الانسان، وحرم ايضا القيام بالسلب والنهب للمعسكرات والمنشآت الحكومية والممتلكات العامة والخاصة في السلم والحرب وانتهاك حرمات الناس، وتقويض امنهم وحياتهم الوادعة «فالمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم واعراضهم»، «والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده» وفي نفس الوقت حرم الاسلام تحريما قاطعا قتل النفس المعصومة والاعتداء عليها وايذائها بأي حال.
ولا ريب فإن ما حدث ويحدث في اليمن شمالا وجنوبا هذه الأيام، من اختلالات امنية وافعال مأساوية، ومجازر وحشية واغتيالات جماعية، وتفجيرات انتحارية هنا وهناك، وكما حدث في مسجدي بدر والحشوش بصنعاء، وفي صعدة ولحج وعدن والضالع وتعز والبيضاء ومأرب وغيرها، وكذا اجتياحات مسلحة عدوانية لعدن المدنية والمسالمة ولحج وابين وشبوة وضالع المجد والصمود، وذهب ضحية ذلك آلاف المدنيين والعسكريين بين قتيل وجريح وسجين وشريد، دون مراعاة لحرمة النفس المعصومة وقدسية مساجد الله، وقتل المصلون وهم في مساجدهم آمنون وفي صلاتهم خاشعون.
إن كل هذه الافعال المشينة والتي تغذيها قوى النفوذ والتكفير والهيمنة والاستئثار بالسلطة والثروة تعتبر من الجرائم النكراء التي لا تسقط بالتقادم، والتي يمقتها ديننا الاسلامي الحنيف، حيث انها تعتبر اعتداء على اسلامنا ومصائرنا ومستقبل أجيالنا. والسؤال الذي يضع نفسه أي ذنب جناه الجنوبيون الوحدويون حتى تشن عليهم الحرب العدوانية عام 94م تحت مبرر انهم (شيوعيون) واليوم تشن الحرب الظالمة على الجنوب اليمني العربي المسلم تحت مبرر انهم (داعشيون)؟!. ما لكم كيف تحكمون؟!. وسيعلم بل ويندم الذين خططوا وقاموا اخيرا باجتياح عدن والجنوب انهم قد ارتكبوا ظلما جسيما وخطأ كبيرا وإثما مبينا، ولكن في حين لا ينفع الندم. وهنا يتساءل الضمير اليمني والإسلامي المكلوم بأي حق يتم انتهاك حرمات الله والاعتداء على الحياة الانسانية المعصومة التي كفلها الله عز وجل وحرم الاعتداء عليها وتقويض امنها وسعادتها؟.
ترى من اعلن الحروب الست العبثية التدميرية على اهلنا في صعدة، صعدة الخير؟ من اعلن الحروب العدوانية التكفيرية على اهلنا في جنوبنا الحبيب، حروب متواصلة على الجنوب المقهور والمكلوم منذ حرب 94م الظالمة حتى يومنا هذا؟ من هدم المدن والقرى والمساجد والمدارس على رؤس ساكنيها؟ من مزق تلك الاجساد الطاهرة والطفولة الوادعة وهي في احضان آبائها وامهاتها؟ من قتل الحرائر الماجدات المحصنات الجنوبيات والاطفال في احضانهن والاجنة في احشائهن؟ أي ذنب جنته عدن المدنية الحضارية والمسالمة عاصمة الجنوب وحاضنة اليمانيين شمالا وجنوبا حتى يتم اعلان الحرب عليها واستباحة دماء وقتل ابنائها وترويع اهلها وساكنيها وتعريضها للسلب والنهب للمعسكرات والمنشآت والممتلكات. قال الله تعالى «ولاتقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما»، وقال سبحانه وتعالى «من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا»، وفي خطبة حجة الوداع قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أيها الناس إن دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» وقال عليه الصلاة والسلام «لزوال الدنيا اهون على الله من قتل امرئ مسلم ولهدم الكعبه حجرا حجرا اهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم»، وجاء في الحديث النبوي «من حمل علينا السلاح فليس منا ومن اشار على اخيه بحديدة لعنته الملائكة»، فإذا كان هذا المعتدي قد استحق اللعنة بمجرد الاشارة على اخيه المسلم بحديدة فما بالكم بمن يعلن الحرب على اخوانه واستحضار جميع وسائل الدمار الشامل باجتياح عدن الباسلة والجنوب المسالمة، والله المستعان.
وفي هذا الصدد اذا كانت الحرب العدوانية الكارثية التي شنت على الجنوب عام 94 والتي لم تندمل بعد جراحاتها القاتلة حتى يومنا هذا قد حولت الوحدة التي تمت بين الشمال والجنوب عام 90 إلى موت سريري فان الاجتياح الظالم اليوم للجنوب اليمني العربي المسلم يعتبر بمثابة تشييع الوحدة الاندماجيه إلى مثواها الاخير، والله المستعان وانا لله وانا اليه راجعون.
ختاما فإن المطلوب من علماء وحكماء وعقلاء اليمن والقوى الخيرة في الداخل والخارج العمل فورا على وقف الاجتياح العسكري العدواني على عدن والجنوب وبقيه المحافظات، وسحب هذه القوات المحاربة من الجنوب ومنح شعب الجنوب حقه الشرعي في تقرير مصيره بالطرق السلمية والديمقراطية والعمل على حقن دماء اليمانيين، ووقف القصف الجوي من أي كان مع العلم ان الرهان على التدخل الخارجي العسكري لن يحل مشاكلنا، فالذي لايساعد نفسه لا ينتظر من الآخرين مساعدته وعليه يجب العودة إلى طاولة الحوار والتفاوض بدلا من التصارع والاحتراب (فاليمن يسع الجميع) كما يجب وقف الحروب الاهلية والعسكرية العبثية الانتحارية بين جميع الاطراف والتي لم ولن يكون فيها منتصر ولا مهزوم ولا غالب ولا مغلوب، ونذكر أنه «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار»، كما جاء في الحديث الشريف والعبر امامنا يا قومنا انظروا ماذا حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا من كوارث وفتن وحروب اهلية اهلكت الحرث والنسل وشردت النساء الحرائر والاطفال الرضع والشيوخ الركع وقضت على كل انجازات وتاريخ وامجاد امة «فاعتبروا يا أولي الابصار»، فهذا اليمن شمالا وجنوبا يدخل للأسف الشديد في اتون حروب اهليه وصراعات مأساوية مهلكة وصدامات دموية انتحارية وتعصبات حزبية ومذهبية وطائفية مقيتة والله المستعان.
المطلوب وقف هذه الحروب الدهماء والفتن العمياء التي لا تبقي ولا تذر ووقف اجتياح عدن والجنوب، إلا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير، اصلحوا انفسكم مع ربكم يصلح لكم اعمالكم ويهيئ لكم من امركم رشدا ويجعل لكم من كربكم فرجا ومن عسركم يسرا، ومن خوفكم امنا ومن ازمتكم مخرجا، قال الله تعالى «فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين».
أبكيك يا وطني أم أنت تبكيني
الجرح فيك ولكن نزفه فيني
اللهم لا تريني في وطني وفي عدن الحبيبة الأبية ما يبكيني، اللهم احقن دماء اليمانيين جنوبا وشمالا، وأحقن دماء المسلمين والناس أجمعين، وجنب بلادنا الفتن والمحن والحروب والأزمات ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى