هشام عدن (تاج عدن)

> نعمان الحكيم

> بداية.. نقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة التي منحتنا القوة والمواجهة وتحمل المصائب والتحدي حتى طاولنا شمسان الأبي، رحمة الله عليك أيها الغالي (أبو باشا وهاني ومحمد وهناء..) وأنت الآن تنعم براحة أبدية في جنة الله التي اختارها بيوم جمعة عظيمة، وهاهي الجمعة تتكرر بعد مضي خمس سنين من يوم الرحيل، فلك أن تهنأ ولنا أن نترحم عليك ونتذكر مواقفك العظيمة، يوم كنت السد والحصن المدافع عن المدينة وعنَّا وعن الوطن كله..
السادس عشر من يونيو، وقبل أعوام خمسة، كنت على موعد الانتقال إلى الرفيق الأعلى، وأنت هشامنا الأغلى، كنا ننتظر عودتك من ألمانيا لنحملك على الأكتاف زهوًا وفرحًا، وقد كان ذلك لكن بعكس ما كنا نأمل أن تكون العودة وأنت سليم معافى، لكن لا فرق عندنا فأنت أنت الذي استقبلت وحملت على الأكتاف في موكب شهير وأثير، لم تشهده عدن في تاريخها إلا ربما في شهادتها حمل جثمان الشهيد عبود في زمن ماض وتليد، وأنت كنت أحد شهود ورجال هذا المشهد الذي أظهرته «الأيام» كما يليق..
عدتَ، وكنت الجامع والموحد، وإلى المنزل الخالد بالرزميت.. اصطففنا، ومن مطار عدن الدولي آتيًا، وإلى مقبرة القطيع التي تضم جثماني والديك الطاهرين حملناك وكانت استراحة الفرقد الأبدية..
الذكرى الخامسة لرحيلك أيها النورس..ماذا نحكي ونقول..أننبئك بالذي صار وجرى لنعكر عليك صفو راحتك أم أنه من الضروري كشف حساب الأحبة الذين كانوا ليل نهار يلجؤون إليك لتوجيه مسارهم الأعوج..وما إن استوى واستقام حتى تركوك وغدروا..وهاهم اليوم أتعس مما نتصور أن ننقله إليك، فقد باعوا، وأعمتهم المصالح، وأكلوا جلد الصيد المالح، وكأنه سمك الديرك اللذيذ، بصيرتهم عمتْ، ومصالحهم طغتْ على الوطن، والأهداف التي كنت تصنعها لهم في المنتدى والصحيفة والسكن..الخ الأمكنة..
خمس سنوات فقدنا فيها المقود (زمام الأمور) ولو ترى كيف تهاوت الصحافة (السلطة الرابعة) وتقزم الكتاب، بعضهم وليس كلهم، وصارت الشتايم من مميزات عصر التفاخر، وتمادى البعض ـ وهم في الاغتراب ـ لحمل معول الهدم (سلطة ومعارضة)، وأشعلوها وهم عنها بعيدين، ويا ما أحسن الحرب عند المتفرجين..
خمس سنوات هشامنا وأنت بعيد عنا لكن روحك بيننا وفي عقولنا وقلوبنا، كانت هذه السنين وبالًا علينا، والله لو رأيت عدن اليوم لراعك وهالك ما آل إليه حالها، مدينة وأناسًا..
ماذا أقول..لقد غدا البعض أثرياء على حساب المبادئ، ونسوا أنهم في مدينة كونية، عادوا إلى سلوك الغاب، وأكلوا كل شيء باسم التحرير والحرية، في حين الناس قد أذلتهم تصرفات ووغادة هؤلاء..
عدن ياهشام صورة بائسة مدمرة، وكأنها من آثار الحرب العالمية الأولى وليس الثانية..
خمس سنين تمر ـ ومنها العامان الأخيران ـ كلها صراع وقتل واستحواذ..حتى الرواتب تكاد تكون بالقطارة، ولا تأت إلا بعد شهور ..ضاع استقرار وأمن وأمان عدن، وإن كان بشيء نسبي يتحسن لكنه ليس هو المؤمل عليه..
الذكرى الخامسة أتت في جمعة الخلود الرباني الذي تنعم أنت به وقد كانت رحمة المولى بك أرأف، ولو كنت معنا لحملت سيفك وخرجت للقتال لأنك لن ترضى بما يصير، ولبدأت بمن خذلوك وباعونا، وتسلموا المناصب وضيعوا البوصلة..
اليوم ياهشام يشتم الأوباش قامات وهامات الوطن(عدن) وكأننا قد عدمنا الأخلاق أو هي جانبتنا، لم تعد الصورة كما كانت، وكما كنا نراها معًا نحن وإياك في المنزل والمنتدى والصحيفة..أبدًا..
الصورة مخيفة..ولو عدنا وأنت معنا لرأيت الطريق موحش تماما إلى دار الأسرة (دار «الأيام») فقد أقفر الشارع وهجره الناس إلا من الأسرة والأهل.
الصحيفة بعدك أخذت إجازة أو هي استراحة محارب، وأقول لك بصدق ومحبة ليس ما خلدته أنت تم الحفاظ عليه، وليفهمها الجيل الثالث إن أراد عمل شيء للتخليد..
خمس سنين تمر والحرب ناشبة نيرانها وأكلت كل شيء، وغاب عنها العقل والبصيرة.. عدن تستنجد بك مثلما كانت وكنت المنقذ لها، لكن لا جدوى من ذلك وأبناؤها هم سبب ما بلغ بها..
عدن ياهشام تحررت بمقاومة أبنائها ودمائهم الزكية، لكن الدمار في العقول أكبر، حتى دول التحالف لم تقدم شيئًا لمداواة الجراح وإصلاح ما دمرته الحرب، ولربما هناك مقاولون أثروا على حساب عدن، لكن عيب التحالف أنهم لم يقدموا كشف حساب ..
صحيح أنهم واقفون معنا، وقدموا الدماء والرجال، لكن الوقت زاد عن حدة، والحال إلى زوال، كل أمورنا إلى الأسوأ..
أياهشامنا الغالي وأنت كنت الملجأ، لن نحدثك عن الكهرباء والماء فهذه وحدها ستجعلك تنتفض، ولا نريد لك انزعاجًا، الأمور تتفاقم، وربما يأتي العام السادس للرحيل ونحن في أسوأ من حال اليوم!
ولا نملك إلا أن نقول..
عليك سلام الله وقفا فإنني
رأيت الكريم الحر ليس له عمر
وختاما.. إليك أيها الغالي، أرفع سلامي وسلام عليك ما بقي الدهر وأكثر..
وأختم..
فقدناك فقدان الربيع وليتنا
فديناك من ساداتنا بألوف

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى