الموت القادم من السماء.. إلى متى؟!

> مازن الشحيري

> ذهبت لزيارة أحد الأصدقاء بالشيخ عثمان بجانب فرزة الهاشمي، حيث يسكن قبل فترة من الزمن ليست بالطويلة، وإذا به يحضر لي ثمان طلقات رصاص راجع سقطت فى منزله، وهي الرصاصات التي استطاع أن يجدها غير التي لم يستطع إحضارها لصعوبة الأماكن التي سقطت فيها، وقال لي إن هناك كثير ممن قتلوا وجرحوا في منطقته بالرصاص الراجع، وحتى السيارات لم تسلم من تلك الرصاصات، وخاصة من بعد المغرب إلى بعد منتصف الليل وهو وقت الأعراس.. ولازال الرصاص الراجع يتساقط على الناس بشكل مستمر دون تحريك ساكن من أحد.

لقد أصبحت حياة الناس لا تهم أحدا للأسف الشديد، ولا حتى هناك قانون يجرم ويحرم هذا العمل الإجرامي عملا بقول الله تعالى “مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا”.
وقد كررت الزيارة لصديقي في الأيام القليلة الماضية، وإذا به يعرض عليّ عشر طلقات راجع بزيادة طلقتين فوق الثمان السابقة، سقطت أيضا في منزله، والمعاناة مازالت مستمرة والضحايا مازالوا يسقطون بين قتيل وجريح ومازال المواطنون في كل ليلة يدعون الله عند سماعهم دوي الرصاص أن يجنبهم شرها.
وسألت صديقي كم الضحايا في الحي الذي تسكنه خلال الفترة الماضية قال لي: قتيلان وثلاثة جرحى، وتضرر عدد من السيارات، هذا فقط في حي واحد بعدن، وأنت قس على ذلك في باقي مناطق محافظة عدن، والذى نسمع بشكل شبه مستمر عن حوادث إصابة المواطنين بالرصاص الراجع أو الموت القادم من السماء.
وهنا أناشد كل من في قلبه ضمير من المسؤولين أن يعمل على إنهاء هذه الظاهرة الإجرامية التى تزهق أرواح الناس الآمنين في بيوتهم، واعتبار من يقوم بها قاتل عمد ومفسد فى الأرض ولا يختلف عن الإرهابي الذي يقتل الناس بالعمليات الإرهابية.
والمسؤولية هنا تقع بالدرجة الأولى على من يتولى أمور الناس من المسؤولين أمام الله على تلك الأرواح التي تزهق وهي برقابهم قبل رقاب مطلقي الرصاص..
وللأسف نلاحظ كثيرا من المسؤولين في الجهات الرسمية هم أنفسهم من يقوم بإطلاق الرصاص فى حفلات أعراسهم مستهترين بأرواح الناس والذين من المفترض أنهم هم من يحمون الناس، فيجب أن تكون عقوبة هؤلاء المسؤولين أشد من غيرهم في حالة ثبت أنهم فعلا قاموا بهذا العمل الإجرامي بكل ما تعنيه الكلمة، ليكونوا عبرة لمن يعتبر.

وأيضا يتحمل المسؤولية المجتمع بشكل عام، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهنا تقع أيضاً على عاتق أئمة المساجد ورجال الدين مسؤولية توعية الناس وتوضيح جرم وتداعيات هذه الظاهرة المنتشرة، والقيام بدورهم الديني بإصدار الفتوى بحق مرتكبي هذا العمل الإجرامي.. وعلى عقال الحارات وقيادات الشرطة والمقاومة والتجار وكل الشخصيات العامة فة المجتمع والشباب وكل من يستطيع عمل شيء بخصوص هذا الموضوع عليه أن يعمله، لكون هذا الموضوع يسقط بسببه أبرياء والجاني مجهول..
فلا ننتظر سقوط قتلى آخرين ونكتفي بالشجب فى لحظة موت أحد كما نعمل فى كل مرة يسقط فيها طفل أو مواطن، فإن الرصاص الراجع لا يفرق بين أحد، فاليوم جارك أو ابن جارك وغدا أنت أو ابنك، وكما سكتّ عن قتل جارك سيسكت الجميع على قتلك أو قتل ابنك لا سمح الله.
فيجب القيام بحملة شاملة لاستئصال هذه العادة والظاهرة القبيحة والدخيلة على مجتمعاتنا خاصة في عدن في أسرع وقت ممكن والضغط على المسؤولين بكل الطرق للقيام بواجبهم في حماية الناس من هذا العبث في المدن.. فأغلب المناطق الريفية قد منعت هذه الظاهرة بتكاتف أبناء مناطقهم حتى يحافظوا على حياتهم وحياة أبنائهم.
ويحز بنفسك لدرجة شعورك بالألم أن تسمع أن هناك قانون صدر بصنعاء بعدم إطلاق النار في الهواء فى الأعراس ومعاقبة مرتكبي هذا العمل وتم تطبق هذا القانون بحزم وتم اختفاء هذه الظاهرة بصنعاء كما نسمع، ولم يصدر هذا القانون في عدن وبقية مدننا الجنوبية الأخرى..

لذلك نحن نناشد هنا الأخ عبد العزيز المفلحي محافظ عدن بصفته الرجل الأول في المحافظة أن يعمل على إنهاء هذه الظاهرة ويوجه بإصدار قانون وعقوبة على من يقوم بها كائن من كان، ويشرف هو شخصيا على إنهاء هذه الظاهره التى تزهق أروح الناس بشكل مستمر وتشوه هذه المدينة الجميلة، وكلنا أمل وثقة فيه بأن يستجيب لهذا النداء لما فيه من مصلحة عامة للبلاد والعباد، وقبل هذا من أجر عظيم عند رب العالمين، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أن تهدم الكعبة حجرا حجرا خير من أن يسفك دم مسلم”، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. وهذا تعظيم لحرمة دم المسلمين.. وكما قال الله تعالى: “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.
وفى الأخير أنقل مناشدة الناس في المنطقة التي زرتها لصحيفة «الأيام» صحيفة الشعب بأن يقوموا بنزول ميداني ويعملوا تحقيقا شاملا مصورا وبشهادة الناس لما يتعرض له المواطنون نتيجة هذه الظاهرة وكل المناطق الأخرى التى تعاني نفس هذه المشكلة وتحويلها إلى قضية رأى عام، وينقلون معاناتهم شبه اليومية للجهات المعنية، وأن لا يكتفوا بمجرد نقل الخبر، بل يعملوا على الاستمرار بمتابعة هذا الموضوع بشكل مستمر حتى إنهاء هذا الظاهرة، كما عودتنا دائما صحيفة «الأيام» بالوقوف مع قضايا هذا الشعب، فهي سلطة الشعب ولسان حاله كانت ومازالت وستستمر إن شاء الله.
وحتى وأنا أكتب هذا المقال أتى لى خبر الطفلة التى أصيبت بطلقة فى رأسها وهي بصحبة أمها التي كانت تحاول أن تشتري فستان تسعد به صغيرتها لكن للأسف الشديد لم تمهلها طلقات الموت القادمة من السماء وتستمر المأساة...إلى متى؟؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى