(لا علاقة للحذاء بالأمر).. رواية خولة سامي عن المأساة السورية والوطن الجريح النازف

> الأنباء «الأيام» شافعي سلامة

> “من المسؤول حينما يفقد المرء الانتماء.. يخلع الولاء.. يصير عارًا على الوطن؟”.
لعل هذا التساؤل الذي يمثل الخط الرئيس الذي تدور حوله رواية الأديبة خولة سامي سليقة التي تلامس جوانب الحياة المختلفة في وطنها السوري الجريح النازف الذي يعاني شعبه مأساة يندى لها جبين الشرفاء في العالم.
الرواية، التي تأتي في 128 صفحة من القطع الصغير وأصدرتها دار المبدأ، تتبع كاتبتها في معظمها تقنية (الفلاش باك)، حيث يسترجع البطل الكثير من الأحداث التي مرت به بما يخدم السياق العام والهدف الأساسي لها.
العمل الذي يغوص في أعماق الأزمة بتفاصيلها وآلامها ومشكلات الشعب السوري ومخاوفه يعكس أيضًا المأساة الإنسانية والصراع بين من يملك القوة والسلطان ومن يخضع لسيطرته ويعاني من تسلطه وسطوته. فالرواية خط من الأحداث الآنية والسابقة التي يذكرها البطل ويتذكرها في غمرة حالة من الأسى، لكن الرابط الأساس بينها جميعا ومبتدى كل ذكرى وعصب كل مشهد يكون دومًا “حذاء”.
فمنذ اللحظة الأولى يستحوذ عليه الحذاء في كل مشهد حتى إنه يفرح كثيرا في أحد المشاهد عندما يسرق الجنود “حذاءه المنحوس” كما يعبر في إحدى الجمل قائلا “الحذاء أساس الأزمة”.
وهكذا ربما يتجلى السبب في تسمية الرواية بهذا الاسم، فهناك مواقف مختلفة ومتباينة وسياقات مُتباعدة يظهر فيها الحذاء، فهذا حذاء أحد رجال الأمن الذين اقتحموا غرفته، وهذا الحذاء الخاص بلوحة فان جوخ وذلك مشهد فيه “حذاء مطبوخ يأكله متشرد” حتى يصل إلى أبيات الشاعر أحمد مطر التي كانت تطربه كثيرًا، والتي يقول فيها:
قال: ما الشيء الذي يهوي كما تهوي القدم؟
قلت: شعبي.. قال: كلا، هو جلد ما به لحم ودم.
قلت: شعبي.. قال: فكر جيدا فيه فم من غير فم
ولسان موثق لا يشتكي رغم الألم
قلت: شعبي..
قال: ما هذا الغباء؟! إنني أعني الحذاء
كما أن الكاتبة تورد في أحد المشاهد عراكًا بين البطل عندما كان في مقتبل العمر وأحد الشباب وكان الحذاء هو أيضًا الفاعل في الحدث، حيث رمى خصم البطل حذاءه تجاهه بعدما أوقعه البطل أرضا فيؤدي إلى كسر نظارته، وهكذا تظل الأحذية دومًا “شريكة في صياغة أفكاره والعلامات الفارقة في تاريخه”، ثم يذكر البطل بعد ذلك أن هذا الخصم أصبح لاحقًا ضابطًا في أحد فروع الأمن، فيا لمأساته.
تزداد الأزمة تعقيدًا ويستغرق البطل في هذا النمط من التفكير حتى إنه عندما يتحدث عن سياسة عالمية ينتقد محاولة البعض صنع حذاء عسكري ضد الألغام الأرضية داعيًا إلى وقف الحروب من باب أولى.
نذكر هنا أن الكاتبة شاعرة أيضًا عاشت في سورية وانتقلت إلى روسيا ثم استقر بها المقام في الكويت، انعكست دراستها للغة العربيَّة على مستوى اللغة الراقي كما تتميز الرواية بمستوى جيد جدا من التدقيق اللغوي.
*من الرواية:
٭ “الناس تدربوا على تقبل الموت بهدوء أمام من يحتضر”.
٭ “حتى السجن نتوق إليه إن أقمنا فيه طويلا، وذاكرة الفقراء مسكينة مثلهم، تعلمت تسويف الأحداث وتلميعها لتستمر الحياة”.
٭مقولة شارلي شابلن: (كل يوم من دون سخرية هو يوم ضائع).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى