اللقاء الأخير.. وداع الروح للروح

> شمس الدين بكيلي

> لم تكن السماء كعادتها في تلك الليلة، فالنجوم المتلالئة التي تعودنا أن نراها معا اختفت خلف الغيوم الرمادية الكثيفة.. حتى القمر لم نعد نراه، فقد اختفى هو الآخر معهم.. وبدت السماء وكأنها تلتحف ثوبا مكسوا بالحزن والأسى.
شمس الدين بكيلي
شمس الدين بكيلي

ومن شدة الآلام اجهشت السماء بالبكاء وتساقطت حبات المطر تباعا، حتى البحر تراخت أمواجه وخيمّ السكون عليه.. واختفت تلك الألحان البديعة التي كانت ترددها شواطئه الذهبية الرائعة.
وفجأة.. اضطرب البحر وارتفعت أمواجه وهبت العاصفة، لكننا لم نشعر بما يجري من حولنا، حيث كان الصمت يخيم على المكان.. ولم نكن قد تحدثنا بشيء، وتركنا العتاب للعيون ومحت الدموع تلك الظنون وتركناها تحدث نفسها بما تخفيه الانفُس، وبما تحتويه الروح من خفايا آلام الماضي وجراحاته.
ولما كان هذا اللقاء الأخير، كان الوداع في الوقت نفسه.. وداع النفس للنفس.. وداع الروح للروح، وبكينا في عناق رهيب وشربنا كُلّ الحُب.. كلّ الأشواق.. كل ما في العيون من شوق وعتاب.. واشتدت العاصفة، وهاج البحر، واشتد غضبه.. فأفقنا من غفوة الشوق.. فكان الوداع.. وكان الفراق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى