العيد بين الأمس واليوم.. ماضٍ مُفعم بالحب والأفراح وحاضر مترع بالبؤس والأتراح

> استطلاع/ أشجان المقطري

> نحتفل سنويا بعيد الأضحى المبارك، فنجتمع بالأهل والأقارب والجيران، نتنقل بين البيوت مهنئين، ونلتقي بالإخوان والأصحاب ونتبادل التحيات والتهاني، يتمنى كل واحد منا للآخر عيداً سعيداً، وعمراً مديداً، ونجاحاً وتوفيقاً.. ولكي نتعرف عن العيد بين الماضي والحاضر، أجرت "الأيام" استطلاعا حول هذا الموضوع فإلى التفاصيل:
البداية كانت مع الحجة مريم محمد، حيث قالت : " كانت الأعياد في الماضي تختلف عمّا هي عليه اليوم.. ففي الماضي كانت الأعياد تتسم بالفرح والسرور والبهجة الغامرة، واليوم أصبحت الفرحة تكاد تكون منعدمة عند أغلب الناس نتيجة للأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانونها، نتيجة للأزمات المتوالية للخدمات مثل تدهور خدمة الكهرباء والأزمة في توفر المشتقات النفطية إلى جانب الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية للمواطن، في ظل التأخير في الرواتب كل ذلك ألقى بظلاله على على أفراح الناس في العيد، فاختفت الخدمات لتختفي فرحة العيد".
زيارات متبادلة ومعايدة
أما الحاجة جليلة بنت هاشم فقالت: "لقد تميز عيد الأضحى سابقاً بالبساطة، واعتمد على المحبة والأخوة بين الناس، وكان هناك تعاون وقربى وزيارات متبادلة ومعايدة من بيت لبيت، ومشاركة لجميع سكان القرية بالعيد والاحتفال به، وضمت المباركات والتهاني المتدينين وغير المتدينين وفي البيوت وفي الشوارع والأماكن العامة".
وتضيف: "أما اليوم فقد تغير كل ذلك وتبدلت أجواء العيد، وأخذ الكثير من السكان يتركون البيت والقرية أيام العيد، ويسافرون بعيداً لقضاء أيامه خارج القرية، حيثُ أصبح كل إنسان يهتم بنفسه وبيته فقط، ولا يهتم بالآخرين من جيران وأهل وأقارب، وهذا طبعاً وضع غير صحيح وغير مناسب لنا، فنحن نتواجد في أيام صعبة جداً..
لذلك ندعو الناس إلى العودة إلى المعايدة القديمة التقليدية التي نشأنا وتربينا عليها، وإلى التواصل مع سكان القرية والأقارب والأهل والأصدقاء في البيوت، وإلى إنعاش جو العيد وتجديده، مختتمة بالقول" كل عام وأنتم بخير".
ما هو العيد
وتتساءل الحاجة أم محمد "ما هو العيد؟ العيد، عيد الأضحى المبارك، ليس العيد ثياباً، أو طعاماً، أو لهواً ومرحاً، العيد هو تعليم الأمة كيف تتسع لروح الإيمان والمحبة والألفة، وتمتد حتى يرجع البلد وكأنه لأهله داراً واحدة، يتحقق فيه الإخاء والتسامح بمعناه الفعلي"، مضيفة "لقد أصبحنا في غفلة سكر على المادة، بالتفاخر بالمقتنيات لهذه الدنيا الفانية".
مرور ليالي العشر المباركة
وأما الحاجة أم سالم فقالت: "نذكر عيد الأضحى المبارك بالاستعدادات للعيد، وبالجو الكبير الذي كان يسود يوم العيد في القرية، فبعد مرور ليالي العشر المباركة، كنا نتنقل من بيت إلى بيت، نحيي ونبارك، ثم نعود لنستقبل المباركين والمهنئين، نعم كانت القرية صغيرة، وكانت الأجواء طيبة وجميلة، وكان الشعور بالعيد يعطي الناس البهجة والسرور، أما اليوم فقد كبرت القرية، وابتعد الناس الواحد عن الآخر، ولم تُعد تلك الأجواء تسود في القرية، لأن الناس أخذت تحتفل بالعيد خارج القرية، وأصبحت أماكن السياحة هي الهدف والمقصد لعدد كبير من الناس.
وفي نفس الوقت تغيرت العادات والتقاليد، وبدل أن نستعد لتحضير كعك العيد وباقي الأشياء التي تميز العيد، أخذنا نعتمد على الأكل الجاهز والمطاعم والخروج من البيت"..
واستطردت بالقول: "أما بالنسبة للجانب الديني فظل وسيظل إلى قيام الساعة بتعاليمه وأصوله وما إلى ذلك والحمد لله، وهذا يبعث فينا الثقة والأمل بأننا لن نفقد هذا الكنز الغالي، وهذا التراث العظيم، وهو عيد الأضحى المبارك وكل عام وأنتم بخير".
الرجوع إلى تقاليدنا الأصيلة
كما التقينا بالحاجة أم أحمد حيث تحدثت لـ«الأيام» بالقول: "العيد يعود علينا كل عام، ولا ندري بأي حال، ولكن الملاحظ، والذي لمسناه أن التغيير الحضاري والاجتماعي سريع في هذه الأيام.. فالعيد هو وقفة تأمل ومحاسبة للنفس، هل تقدم الإنسان في مجاله الشخصي والاجتماعي؟ وماذا عمل لمجتمعه؟ وليس العيد أكل اللحم والحلويات فقط.
فنحن نرى في هذه الأيام أن العيد انحرف نحو المأكل والمشرب وصرف أموال على المفرقعات وغيرها، وكذلك خبت بهجة العيد وانطفأت تلك الشعلة، أو نستطيع أن نقول ضعفت، وللأسف فتلك المشاعر الروحانية في طريقها إلى الاندثار".
وتضيف: "ففي الزمان القديم كنا ننتظر العيد ليذبح لنا والدنا، رب البيت، ذلك الجدي الذي ربيناه من أجل العيد، واشتركت كل العائلة في إطعامه، وكل ذلك لنذبحه يوم العيد، ونفرق قسما منه على المحتاجين، فما أجمل تلك الأيام عندما كان الأولاد يلبسون الملابس الجديدة، وكنا نشتهي ذلك لقلة وجوده في باقي أيام السنة، وللأسف في هذه الأيام ولكثرة الفضول، صارت البدلة الجديدة شيئاً عادياً، وأكل اللحم المشوي شيئا عاديا، ودخلنا في حالة روتينية، حتى أن قسماً كبيراً من الناس صار يفضل قضاء العيد خارج قريته، فبدل من أن نعيد بعضنا بعضاً ونفرح سوية، صرنا نعيد مع الأجانب في منطقة البحر الميت ويلات وهذا شيء مؤسف، فبدل من جمعة العيد والإخوان والجيران، بتنا نتفرق في أماكن مختلفة وهذا ينافي أهداف العيد إطلاقاً.
ونحن نتوجه إلى مجتمعنا الأصيل بإعادة النظر والرجوع إلى تقاليدنا الأصيلة، ونبقى كل في بيته وفي بلده، لتعظم في نفوسنا بهجة العيد، ونصلح جزءاً ولو يسيراً مما آل إليه هذا المجتمع، "وكل عام وأنتم بخير".
المحافظة على عاداتنا
بدوره تحدث الحاج عبده عن عيد الأضحى وماله من مكانة في النفوس وقال: "عيد الأضحى المبارك، هو رمز مركزي في التضحية والعطاء والفداء، فهو يدل على قدرة الإنسان المؤمن بأن يضحي بأعز ما يملك تجاه عقائد آمن بها، وأنه على استعداد للقيام بعظيم الأفعال في سبيل الذود والبذل والتضحية في سبيل الله، وبما أن الأسر تجتمع في هذا اليوم الأغر في البيت الكبير وتتبادل أجمل كلمات المعايدة والمودة، وفي هذا الوقت تترفع عن الصغائر، ويلف الأسرة وهج المحبة والتعاون، فعليه فلابد أن تبقى العائلة في البيت، وتتناول معا كعكة العيد التي التمّت حول خبزها سيدات الحي، لتكون لحظات جميلة، يسودها الفرح والتعاون لذلك أنا مؤمن بأنه يجب أن تبقى الأسر في يوم العيد في البيت والقرية، لتشارك الرجال بتبادل الزيارات التقليدية لبعضهم البعض، حيث تعلو شفاههم البسمة، وتستبشر في وجوههم الخير والصدق، وكذلك الأطفال يمرحون في الأزقة بكل عفوية، بعيداً عن الأحقاد، هذا ما يميز العيد عن بقية الأيام.. لذلك أتمنى أن نستمر بالمحافظة على عاداتنا وكل عام وأنتم بخير".
ظاهرة جديدة على المجتمع
وأما الحاج سالم فقال: "نلاحظ في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة على المجتمع وهي الهروب من مسئولية العيد، اعني بذلك التذمر من المناسبة والتخطيط للسفر في فترة العيد، يظن البعض أن هذا الأمر حضاري وضرورة الفترة وتقليد للغرب، بودي التأكيد أن هذه الفكرة غير صحيحة وان الغرب يحترم أعياده ومناسباته العائلية وليلة العيد هي أمر مقدس لا يمكن المر عليه مر الكرام ولو نظرنا إلى الشعب اليهودي نجده يخطط لليلة العيد قبل ذلك بأيام وحتى بأسابيع فيقومون بدعوة العائلة والأصدقاء وحتى بعض الفقراء أو اللذين لا عائلة لهم والأمر نفسه عند المسيحيين إن كان بليلة رأس السنة أو الميلاد أو الفصح ولو نظرنا للمسلمين فنجدهم طيلة شهر رمضان يعدون الموائد للعائلة والأصدقاء.
ما بالنا نحن إلى أين وصلنا؟ ليلة العيد والعيد نفسه مناسبة لنجتمع بعائلاتنا لنأكل معا لنسهر معاً ولنتبادل الحديث نحن نعيش عهداً أبعدنا عن الناس فكل منا يلهو في أعماله فلا نشعر بالخطر المتربص بنا وهو الابتعاد عن الأهل، عن البلد والعادات.. فإني أرى العيد مناسبة مهمة تذكرنا بانتمائنا العائلي والديني والاجتماعي فليس أجمل من الاجتماع ليلة العيد في بيت العائلة لنأكل من طبخ والداتنا ولنجتمع بكل الأقارب.
أوضاع اقتصادية صعبة
وكان ختام استطلاعنا مع الحجة زينب وفيه قالت: " ينطوي العيد على رموز دينية وتقاليد سارية المفعول عبر التاريخ، وبالإضافة إلى ذلك فالعيد هو عطلة وراحة للموظفين وللآباء ولطلاب المدارس ومن المهم أن يكون الأهل مع الأولاد، وأن يرتاحوا ويكسروا الروتين قسم كبير من الناس يفضل أن يسافر إلى أماكن بعيدة.
وتابعت حديثه بالقول: لكن نقول إنه أقيمت في قرانا، وبالقرب من قرانا، أماكن لهو وتسلية مبهجة للجميع هذا زيادة على وجود الأماكن المقدسة التابعة لنا، والمتواجدة في قرانا، والتي يمكن قضاء وقت ممتع فيها كل أيام السنة، وخاصة في الأعياد.. فالأولاد يفتشون دائماً عما يمكن أن يشغلهم، أو يثير حب الاستطلاع عندهم، قسم منهم يفتش عن المفرقعات، وهذه كلها خطورة وإزعاج وتبذير، خاصة في هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
نشاطات مثمرة في العيد
وتضيف الحاجة زينب: " للأسف الشديد، فقد تحول العيد مع المفرقعات إلى واقع وإلى رمز للعيد، ولكي نستطيع تغيير ذلك، علينا أن نقدم بدائل أفضل، يمكن أن تجذب الأولاد، وليس فيها خطورة أو إزعاج للآخرين، مثلاً يمكن أن نقدم تجارب علمية، ومسابقات في البيوت أو الأماكن العامة، أماكن لهو للأولاد وغير ذلك لا يمكن أن نغير الوضع في وقت قصير، ولكن علينا البدء بملء أوقات فراغ الأولاد بمضامين مفيدة ومجدية أكثر مما يشغلهم اليوم.. فعلى الأهالي والسلطات المحلية، صرف مبالغ خاصة على تنظيم فعاليات مفيدة، ونشاطات مثمرة مجدية في العيد، وليس على المفرقعات وأشباهها".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى