عوض أحمد.. اكتشفه الرئيس سالمين وأوصله حب الجمهور للنجومية.. قال له فضل اللحجي وهو على فراش الموت:أريدك أن تغني كل ألحاني

> خالد قائد صالح

> يكفي هذا الاسم عنوانا، ليأخذ القارئ إلى عالم ساحر، فيه الماء والخضرة والصوت الحسن.
إنه صوت البلبل (بلبل بنا) الغني بالطرب والذوق والرقة، الفنان الكبير عوض أحمد.
بدأ الفنان الكبير عوض أحمد حياته الفنية في عام 1953م، ونلاحظ أن هذا العام هو عام ظهور فنانين كانوا حينها أطفالا، ولكنهم ولدوا نجوماً، في لحج وأبين أمثال: محمد صالح حمدون، عوض أحمد، ومن تلاهم كعبدالكريم توفيق ومهدي درويش، وصولا إلى نهاية عقد الخمسينات، وتحديدا عام 1959م الذي ظهر فيه النجوم: فضل وحسن كريدي وفيصل علوي.
عوض أحمد الطفل من أبين كان يتيم الأب، ترعاه والدته وتخاف عليه، وقد قيض له الله عاملين مهمين ليؤسسا لمستقبله التعليمي والفني، حيث كان السلطان حسين بن عبدالله الفضلي قد أصدر قانون مجانية والزامية التعليم في سلطنته، وهذا القانون يلزم رب الأسرة بتعليم أبنائه ممن وصلوا إلى سن التعليم، ما لم فمصيره السجن، وهكذا استفاد عوض أحمد من هذا القانون وتعلم.
والأمر الآخر هو وجود ابن خاله الموظف حينها في ديوان السلطنة (سالم ربيع علي)، والذي كلف مع بعض زملائه بتكوين فرقة فنية أسميت (الندوة الفضلية) على غرار ما أسس في لحج من ندوات، وكان قد علم بجمال صوت الطفل عوض (9 سنوات)، فذهب لعمته (والدة عوض) وتعهد بالاهتمام به ورعايته، فضمه للفرقة الفنية الناشئة، وفيها تم وضع أول لحن خاص بعوض أحمد، ليغنيه أمام السلطان الفضلي، الذي طلب رؤية الفرقة الوليدة، ولكنه فوجئ بهذا اللحن يُعطى للفنان محمد محسن عطروش، الذي حضر حينها وهو لايزال في بدايته، وليس لديه أي عمل خاص به، وكان نصيب عوض أحمد البكاء حسرة على أغنيته المسلوبة، لكن العطروش قدم له بعد ذلك مجموعة من أجمل الأغنيات خلال مشواره الفني.
بدأ عوض أحمد يغني في الزواجات والحفلات، ولمع نجمه، فكان إن غنى في إحدى هذه (المخادر) بجانب العملاق فضل محمد اللحجي، وأعجب اللحجي بصوته، وكان يصطحبه معه ليغني إلى جانبه في لحج وعدن، واستمرت علاقة إعجابه به إلى أن تعرض فضل محمد اللحجي للاغتيال في عام 1966 بمدينة المنصورة، ونقل إلى مستشفى (الملكة) الجمهورية لاحقا، قبل وفاته، وحين زاره عوض أحمد وهو في أيامه الأخيرة في المستشفى همس في أذنه (أريدك أن تغني كل ألحاني ولا تغني إلا لي) ثم فارق الحياة بعدها بأيام قليلة.
اشتهرت لعوض أحمد روائع غنائية مثل (مر طيفك) (يا جمال) (شبيه الزهر) (عرفت الحب) (عرفت الناس إلا أنت) و (أماه)، وهي من كلمات ولحن العطروش، والتي قال عوض أحمد إنه لم ولن يغني أجمل منها، وكذلك أغنيته الشهيرة (يا ساري سرى الليل) التي قال عوض أحمد إنه رفض أن يغنيها عندما قدمها له الملحن الراحل مدهش صالح، فنصحه (الموسوعة) أحمد تكرير كما وصفه عوض أحمد، بغنائها مستشرفا بحسه الفني الراقي أنها ستكون جواز سفره إلى العالم العربي، وكان ما توقعه التكرير.
قدمه الأستاذ الراحل خالد صوري في برنامج إذاعي استعرض فيه سيرته الفنية أجمل استعراض يليق بهذا النجم، الذي لم يأخذ حقه إلى اليوم من التقييم العلمي لإبداعاته، كل هذا بسبب تواضعه وبساطته، كما لا ندري ما مصير النسخة المسجلة من هذا البرنامج، بعد أن أغلقت عمدا إذاعة عدن الرائدة في المنطقة (تأسست في 1954) فك الله أسرها.
وإذا كان هناك ما يجدر أن يكتب عن العلاقة المشرفة بين الفنان عوض أحمد وبين ابن خاله سالم ربيع علي، مكتشفه وولي أمره والرئيس لاحقا هي تلك العلاقة بين رئيس أحب شعبه وأبناء شعبه، وبين فنان مبدع عاضد الرئيس هو وزملاؤه، لبناء جيل متسلح بالعلم والمعرفة، وهو ما حدث بالفعل لذلك الجيل الذي لم يخلُ من القامات.
وأصل الحكاية أن عوض أحمد، وهو قريب الرئيس سالمين، أراد أن يستفيد من هذه القرابة، فطلب مقابلته، وعندما عرض عليه حاجته، وهي رغبته بالسفر إلى دولة الكويت، لإحياء بعض الحفلات هناك، وافق الرئيس سالمين، ولكن بشرط أن يصطحب معه مجموعة من زملائه الفنانين، وأن يكون ريع هذه الحفلات لصالح الطلاب من أبناء البدو الرحل، وبالفعل هذا ما حصل، وهنا تتجلى العظمة لدى الاثنين، ولكن عوض أحمد لم يركن إلى أن ابن خاله هو رئيس الجمهورية، ولكنه كافح واجتهد وبذل الجهود الكبيرة، ليصل إلى قلوب الجمهور الذي أحبه وعشق أغانيه وأوصله للنجومية.
عوض أحمد.. نعم.. قد تقدم به العمر، ولكن السنين لم تنل من صوته مطلقا، فهو هو.. صوت البلبل الجميل الشجي الذي أطرب وأطرب، وكان هو وزميله محمد صالح عزاني نجمي برامج ما (يطلبه المستمعون) في عصرهما الذهبي وقمة تألقهما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى