على خُطى الأكراد.. استعادة دولة الجنوب!

> محمد عبدالله الصلاحي

>
محمد عبدالله الصلاحي
محمد عبدالله الصلاحي
- استمعنا لنتيجة التصويت في كردستان، والتي كانت (92 %) صوتوا بـ(نعم) للاستقلال.
- رئيس الإقليم برزاني قال: «سنقيم حواراً مع بغداد، والاستقلال لن يحصل قبل سنتين أو ثلاث».
- قلت في نفسي، ماذا لو كان «الجنوب» في محل «كردستان» ووصلنا إلى مرحلة الاستفتاء، وصوّت الغالبية بـ(نعم)، ثم صرّح القائد الجنوبي الذي يقود الإقليم الجنوبي بهذا التصريح؟
- بالتأكيد، سيكون في نظر الجنوبيين «خائن»، كونه حسب نظرتهم «يُعرقل القرار الشعبي في الاستقلال».
- سيتناسى الجنوبيون كل جهوده السابقة التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة المتقدمة من مساعي إعلان الدولة، لمجرد أنه يبحث عن مصلحة بلاده، يبحث عن وسيلة مُثلى للخروج من دولة الوحدة.
- في كردستان، يُمثِّل الإقليم دولة كاملة القوام، بمؤسسات ذات استقلالية تامة عن بغداد، فماذا عن حالنا في الجنوب ونحن لا زلنا متأخرين عن الأكراد بمراحل كثيرة؟
- في الجنوب لا شيء مِمَّا في كردستان من مقومات استعادة الدولة موجود حالياً، ومع هذا فنحن في خطابنا نشطح ونُزايد بأكبر من واقعنا، وبأكبر مما بأيدينا!.
- بالنظر إلى الواقع فإن أول وأهم خطوة نحو استعادة الدولة، هي خطوة “بناء مؤسسات الدولة”.
وبناء مؤسسات الدولة يتضمن جانبين:
الأول: البناء المادي.
الثاني: البناء البشري.
- يتمثَّل الجانب المادي في:
بناء وافتتاح مقرات رسمية للمؤسسات المالية والخدمية، والوزارات في عدن، لضمان وجود نظام مؤسسي يُسيِّر الحياة العامة قبل استعادة الدولة، تمهيداً لاستعادتها، لا أن ترتبط «عدن» بالمركز الذي يرفض استقلالها كما هو حالنا في الجنوب، حيث أن كثيرا من المؤسسات والإدارات لا زالت تتبع المركز في «صنعاء».
- ويتمثَّل الجانب البشري:
إحلال كوادر جنوبية في المؤسسات والوزارات التي تم فتحها في عدن.
- في الجنوب، مَن بمقدوره العمل على تنفيذ هذين الجانبين؟ ومَن بالفعل بدأ العمل بهما؟
هل الرئيس هادي؟ أم المجلس الانتقالي؟
- لا يهُم المسمى الذي سيتم فتح هذه المؤسسات تحته، ولا الموظفون الذين سيعملون بداخلها تحت أي مسمى سيكونون، الأهم وجودها في عدن، كونها نواة للدولة المستقبلية.
- للعلم، إلى ما قبل الحرب لا يوجد مبنى مؤسسة مركزية سيادية واحدة في عدن، كل ما يوجد هو مبانٍ فرعية (صغيرة الحجم) ولا يمكنها استيعاب عمل كبير بحجم عمل مؤسسة مركزية سيادية، ومؤخراً بدأ الشروع في فتح العديد من المقرات الرسمية في عدن، لعدد من المؤسسات السيادية.
- يعلم الحوثي والمخلوع، ومعهم «شرعيو الشمال» أن فتح مقرات سيادية في عدن هو «شروع في بناء أول مداميك الدولة الجنوبية».
- لذا يُعارض ويرفض كل «الشمال» بكل قوة هذه الخطوة، ويُشاركهم في الرفض بعض الجنوبيين المؤيدين للمجلس الانتقالي، مِمَّن يرون - حسب وصفهم - أن فتح مقرات للمؤسسات السيادية في عدن هو «تثبيت للشرعية اليمنية المحتلة»!.
- أحد الأصدقاء، مِن أنصار الانتقالي كتب منشوراً قبل أيام، قال فيه “سيتم تأسيس مجلس عموم - مجلس شعب - سيكون بمثابة جهة تُشَّرع للحكم الجنوبي تحت شرعية المجلس الانتقالي”، فهلَّل الجنوبيون وكبَّروا لهذا المنشور!.
- قبل الحديث عن تأسيس «مجلس عموم»، هل يملك المجلس الانتقالي مبنى مُجّهزاً لعقد جلسات تشريعية لمجلس العموم يفترض أن تكون يومية في مجلس العموم؟
- وهل سيكون بمقدور المجلس الانتقالي تسهيل مهمة مجلس العموم التشريعية؟
- وما هي المهام التي سيشرع مجلس العموم في مناقشتها؟
- الجواب «لا شيء». فقط سيتم الإعلان عن تأسيس «مجلس عموم» واختيار عدد كبير من الأعضاء، فيما سيكون الواقع «لا شيء» لا مبنى، لا تشريع، لا مهام. مجرد اسم، وأعضاء!.
- أجزم بأن خطوة «فتح مجلس نواب يمني في عدن» هي أهم بكثير من خطوة «تأسيس مجلس عموم جنوبي»، يُشاركني في هذا الرأي رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المجلس الانتقالي، وعضو مجلس النواب اليمني، د.عيدروس نصر ناصر.
- فأقل ما يُمكننا الاستفادة من وجود «مجلس النواب» وغيره من المؤسسات السيادية في عدن، هو أن عدن ستكون «مركز القرار» بدلاً من كونها تتبع «المركز صنعاء»، وتهيئتها لتكون عاصمة تحوي كبرى المؤسسات السيادية، وإظهارها للمجتمع الدولي بأنها قادرة على احتضان هذه المؤسسات، ولدى أبنائها القدرة على إدارتها، إضافة إلى الفائدة من وجود المبنى الخاص بجلسات المجلس، وكل هذه مؤشرات تجعل من موقف المجتمع الدولي مِن مسألة «استعادة الدولة» أكثر قبولاً.
- يا أعزاء، الدولة لا تأتي بالشعارات التي يُرددها المجلس الانتقالي «إدارة الجنوب داخلياً، تمثيل الجنوب خارجياً، استعادة دولة الجنوب»، بل تأتي بخطوات لا يستطيع المجلس أن يُمارسها، بطريقته التي يمضي عليها، وبشكله وسببه الذي أُسس عليه.
- أنا لا أتحدث أن الشرعية ككل تخدم الجنوب، فالشرعية بمجملها هي عدة تيارات حزبية وجهوية متصارعة داخلياً، وجُل مَن فيها يعمل بأجندات ضد الرئيس هادي.
- بل أتحدث عن أهمية وجود شخص الرئيس هادي، على رأس هذه الشرعية، وأهمية ما يترتب على مساعيه الرامية إلى جعل عدن عاصمة بمؤسسات كاملة، وانعكاس هذا إيجاباً على القضية الجنوبية، وحيال هذه المساعي «جعل عدن عاصمة كاملة» تعمل الكثير مِن قوى الشرعية بأجندات ضد هادي.
- باختصار كل مؤسسة سيادية يتم فتح مقر لها في عدن، وتُمارس عملها منه، هو مسمار إضافي في نعش «الوحدة اليمنية»، ويُعزِّز من فرص «استعادة الدولة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى