> تحتفظ الدول، وفق طبيعة نشأتها وتكوينها وبوصفها الضامن للحقوق والحريات، بحقها في امتلاك أدوات العنف والإكراه، دون سواها داخل اراضيها بما يعزز حقها في السيادة.
بالنظر لطبيعة التشكيلات الأمنية والعسكرية التي تم تأسيسها في المناطق المحررة بلا استثناء، فإنه لم يؤخذ بعين الاعتبار المعايير الوطنية في حدها الأدنى داخل كل محافظة، إذ سيطرت عليها المناطقية بما يحقق الولاء المطلق لقيادات بصفاتها الشخصية لا مواقعها الوظيفية وتواجدها على رأس تلك الأجهزة.
طالبنا في وقت سابق بإعادة هيكلة جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظات الجنوب، واعادة بنائها على أسس وطنية داخل كل محافظة بما يضمن التمثيل الذي لا يؤدي لإحياء النعرات المناطقية او القبلية التي طفت على سطح النسيج الاجتماعي.
القلق ساور الجميع، وهم يشاهدون تلك المعايير تعتمد كأساس في مختلف التشكيلات، وفق فرز له علاقة بمرحلة مأساوية في التاريخ السياسي للجنوب من جهة، وللتجاذبات القبلية من جهة ثانية.
قطعاً ما كان لذلك أن يتحقق لو أن الدولة حضرت بوظيفتها لا رموزها في اللحظات التالية لتحرير المحافظات من مليشيات الحوثي والمخلوع، وسارعت لدمج كل فصائل المقاومة في الأمن والجيش.
تباطؤ الدولة أو تراخيها عن القيام بتلك المهمة، أتاح الفرصة لغيرها ليعبث بكل شيء ويبني أجهزة مختلفة لا تخضع لسلطات الدولة، وتتلقى أوامرها من لدنه. والنتيجة ما نشاهده اليوم على الأرض من تنازع للسلطات والاختصاصات.
لمصلحة الجنوب دون غيره، أن يتم اعادة بناء اجهزته الأمنية والعسكرية وفق أسس مهنية ووطنية بما يضمن حقوق ابنائه في الوظيفة والمشاركة، وبما يسهم في تطبيع الحياة العامة، وإنهاء كافة المظاهر والتشكيلات المسلحة ذات الولاء الشخصي.
محاولة الانكار، لم تعد مجدية، فهي لن تغير من طبيعة الأشياء ولن تسهم ايضاً في تضليل الوعي الجمعي الذي يرى الأمور كما هي دون الحاجة لوسيط.
كما أن كيل الاتهامات لكل من ينتقد التجاوزات التي تقوم بها تلك التشكيلات بحقوق الآخرين بوصفها مخرجا للكيفية التي تمت بها عملية بنائها، لن تقلل من خطورة ما يحاك لنا جميعاً.
اعادة بناء تلك الأجهزة ودمجها وفق الحاجة والتخصصات، ضرورة ملحة لحماية افرادها اولاً من أي تبعات شخصية، ولحماية حقوقهم مستقبلاً، وبما يضمن ايجاد اجهزة ذات كفاءة عالية مهمتها الوحيدة حماية المجتمع وصون حقوق وحريات افراده.
تحرروا من مخاوفكم، فهي خطوة مهمة لقراءة الأمور على حقيقتها.